الجامعة العربية المفتوحة في الدانمارك بوصفها صرحا أكاديميا عراقيا وسط الشمال الأوروبي ومركزا للتفاعل العلمي والحضاري – الدكتور حسين الأنصاري
الجامعة العربية المفتوحة في النمارك
صرحا اكاديميا عراقيا وسط الشمال الاوربي
ومركزا للتفاعل العلمي والحضاري
د. حسين الانصاري
اكاديمي وناقد عراقي مقيم في السويد
ان التطورات الهائلة التي يشهدها عالمنا المعاصر في مجال تكنولوجيا الاتصال والمعلوماتية قد هيأت الفرصة امام مختلف المجتمعات الساعية الى البناء والتطور ومواكبة مستجدات العلم والمعرفة والتواصل الحضاري مع الشعوب الاخرى الى استثمارها والافادة منها لما يحقق طموحاتها واهدافها التنموية الشاملة ولما يمكن ان ينهض به قطاع التعليم العالي والبحث العلمي من دور فاعل في هذا المجال لاسيما بعد ان اصبح الان اكثر انفتاحا وتنوعا وامكانية ومرونة نتيجة لما وفرته الانجازات المتحققة بفعل التقنيات الحديثة للاتصال في شتى جوانب العملية وتقديم المعرفة للانسان بغض النظر عن شروط المكان والزمان وفق أليات واساليب مختلفة تتناسب مع واقع المتعلم وظروفه الحياتية وبما يتلاءم مع التطورات العلمية ومتطلبات التحديث والمعاصرة في شتى فروع التعليم العالي والبحث العلمي.
ومن بين أفاق التعليم الحديث تبلور حقل التعليم المفتوح الذي اصبح اليوم وافعا متحققا وانجازا عالميا معاصرا لما يتوفر عليه من امكانات كبيرة للتغلب على مختلف المشكلات المادية والتقنية والتعليمية ، فهذا النظام من شأنه ايضا ان يتيح الفرصة امام الطالب للتحكم في طريقة التعليم رغم انه يتم وفق اسلوب غير مباشر، لكن استخدام وسيلة الاتصال المزدوجة بين الطالب والاستاذ بواسطة الانترنيت قربت المسافة والغت الحواجز اذ يتمكن الاثنان من تحقيق عملية الاتصال بأستخدام البريد الالكتروني والصوتي والتخاطب بالصوت والصورة الى جانب استخدام الحقائب التعليمية والكتب والشرائح والاشرطة وما توفره قواعد المعلومات للشبكات المعلومتية والاتصالية المتدفقة عالميا ، ان هذه الامكانيات تجعل من العملية التعلمية اكثرمتعة ويسرا وفاعلية وتحكما وانخفاضا للتكاليف اضافة الى انها تتيح الفرصة امام اوسع الفئات من مختلف الشرائح ال! اجتماعية للاستمرار في طلب التعلم والارتقاء لمستويات ارفع ان مقياس تقدم الشعوب يتم عبر مستوى التعليم وعدد المتعلمين وهذا ينعكس بشكل مباشر في الاطار التنموي للانسان وهو العامل الاساس في ازدهار ورقي المجتمعات المتنافسة في عالمنا المعاصر وهو الضمان الاكيد لخلق مستقبل افضل عبر توفير اسباب النمو الاقتصادي والاجتماعي والتقدم الحضاري.
من هذا المنطلق الواعي للانضمام الى مجتمع المعرفة والمهارات المتقدمة التي تهدف لتحقيق انبل الاهداف التربوية والتعليمية تأتي فكرة استحداث الجامعة العربية المفتوحة في الدنمارك بمبادرة رائعة يقف وراءها الدكتور وليد ناجي الحيالي مع نخبة من الاساتذة العراقيين المقيمين في بلدان الشمال الاوربي ( الدنمارك ، السويد ، المانيا ، النرويج ) وبالتعاون مع عدد اخر من اساتذة الجامعات العراقية من ذوي الاختصاصات العلمية المختلفة الذين يشكلون هيئة التدريس في الجامعة وهم نخبة من الكوادر التي تتمتع بقدر وافي من الكفاءة والخبرة التي صقلتها التجربة والممارسة الاكاديمية سواء داخل العراق وخارجه مما اهاهم للحصول على ارقى المعايير والدرجات العلمية .
ان الجامعة العربية المفتوحة بوصفها مؤسسة تعليمية وبحثية متخصصة بالتعليم الاكاديمي بعد الثانوي الى جانب الدراسات العليا ، حيث تتضمن خارطتها الدراسية عديد الاختصاصات في مختلف الحقول المعرفية ، وتعتمد الجامعة الطرق الحديثة في تقديم المواد الدراسية عبر اسلوب متميز في عملية التعليم والاتصال والاشراف والاختبار والتقيم .
ان دول الغرب ومنذ عشرات السنين تنبهت الى دور المؤسسات التعليمية ومراكز الابحاث والثقافة والدراسات المتخصصة في رصد العوائق المعرفية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والتقنية التي من شأنها ان تحول امام تواجد هذه البلدان وثقافتها وتفاعلها الحي والمباشر مع شعوب المنطقة العربية ، لذلك سعت وبكل جهودها الى الحضور والتواجد الفعلي وسط حواضر عربية متعددة ، فجاء تأسيس الجامعات الامريكية والبريطانية اضافة الى اعداد من المراكز الثقافية والبحثية لمختلف البلدان الاوربية تلك التي كان ولا يزال لها دور بارز في انجاز الكثير على صعيد مصالح بلدانها من خلال ربط الصلات الوثيقة عبر مختلف الوسائل الاتصالية لاسيما التعليم والثقافة التي تعتبر من اكثر الوسائل فاعلية وتأثيرا.
فما احرانا اليوم ونحن نتواجد في مركز الشمال الاوربي عبر جامعة عراقية وعربية استمدت مقومات وجودها من فكر متنور ومستوى علمي رصين تدعمه كفاءات محترفة وأليات تواصلية متطورة لاقامة حوار علمي وحضاري مع الاخر ينطلق من مقومات التكامل والتوافق ومتطلبات الحياة المشتركة وفق ضوابط علمية وقيمية تصون روابط الكونية الموضوعية الناجمة عن حركية العولمة ومعطياتها ضمن حقوق التنوع والثراء العلمي والثقافي ، تلك التي اضحت اليوم حقا من حقوق الانسان والامم التي لابد من توفيرها وصيانتها والعمل من اجل ترسيخها .
ان هذه الجامعة الوليدة كصرح علمي في الشمال الاوربي الذي ظل لسنين طويلة شبه منعزل عن مجتمعنا العراقي والعربي نتيجة الفراغ الاتصالي وانعدام سبل الحوار الحضاري الذي من شأنه الغاء الحواجز وفتح افاق التلاقي والتعاون والتبادل العلمي والمعرفي والافادة من منجزات الاخر وفق مبدأ الشراكة والتكافؤ والاستراتيجيات والمصالح المتبادلة .
وفي الوقت الذي بدأت فيه بعض الجهات العربية والدولية متمثلة بالمراكز العلمية والجامعات والمنظمات والهيئلت والشخصيات العلمية الاشادة بهذا الانجاز العلمي العراقي الجديد ، نناشد اهلنا في العرلق وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية الدكتور جلال الطلباني ورئاسة مجلس الوزراء والقائمين على صروح العلم والتربية ان يساندوا هذه الجهود ومباركتها بالدعم والعمل والتعاون معها لتذليل الصعوبات وتحقيق الاهداف والمضي قدما نحو تطوير هذا المنبر العلمي والحضاري الذي سيكون له دور كبير في عكس صورة العراق الديقراطي الجديد وتعزيز مكانته العلمية والحضارية بين شعوب العالم .