تحية للأكاديمية العربية في الدنمارك وهي تحتفل بعيد تأسيسها
كانت مبادرة تأسيس صرح أكاديمي يفسح المجال للطاقات العراقية والعربية في المهجر أن تحقق طموحاتها ويتيح الفرص للمئات من الراغبين في استكمال رغباتهم وأمنياتهم بالمزيد من المعرفة والعلم، ممن لم تسمح لهم ظروفهم الخاصة أو حرموا من ذلك في ظل ظروف صعبة، فكانت الأكاديمية العربية في الدنمارك وغيرها من المؤسسات الأكاديمية التي تأسست بنظام التعليم المفتوح أو الألكتروني أو عن بعد، فرصة للجميع من الطلبة والأساتذة، فهنالك الآلاف من الأساتذة المنتشرين في كل أنحاء الكرة الأرضية لم تتح لهم حياة الغربة أن يمارسوا أختصاصاتهم ويقدموا عطاءهم.
لقد فتحت الأكاديمية العربية في الدنمارك، آفاقاً للجميع من راغبي العلم والتحصيل العلمي والعطاء الأكاديمي، فتضافرت الجهود منذ نشأة الأكاديمية لتحقيق تلك الأهداف النبيلة وكانت النتائج مفرحة، حيث أندفع الكثير لإنجاح هذه المبادرة من قبل أساتذة حريصين على هذا المشروع الهادف، وهو مشروع إستراتيجي لا يقتصر على الخارج والمغتربين، بل هو مشروع نواة لمؤسسة علمية أكاديمية بحثية تتواصل مع الوطن أو الأوطان الراغبة في أستكماله على أحسن وجه.
أكيد ليس الأكاديمية العربية في الدنمارك وحدها في هذا المضمار، فهنالك العديد من هذه المؤسسات، لها باع في هذا المضمار، وللأسف هنالك العديد من الأصوات التي أخذت تطعن بهذه المؤسسات وصدقيتها، بل وحتى علميتها، دون التمييز أو التفريق بين الأخضر واليابس، وقد يكون الحديث عن بعض تلك المؤسسات فيه بعض الصحة، ولكن هذا لا يعطي الحق لنعت الجميع بتلك النعوت، فحتى في تلك التي يصح عليها ذلك الكلام، ففيها من الطلبة والأساتذة الكفوئين الذين يحترمون العلم ويجاهدون لنيل المعرفة والعلم بالإسلوب النزيه والنظيف.
ولكوني أحد طلبة ومن ثم أساتذة الأكاديمية العربية في الدنمارك، فأنا أشعر بالفخر لما نلته، من علم ومعرفة من أساتذتي الذين كانوا حريصين كل الحرص على أن يكون التقييم العلمي مبنياً على أسس صحيحة، ليس فيها مجاملات ولا محاباة، بل كان العلم والبحث العلمي والأسس الأكاديمية هي أساس التقييم، علما أن المناقشات تجرى علنا، والبحوث تنشر في موقع الاكاديمية وهي متاحة للجميع، ومعروف أن أعرق الأكاديميات تمنع نشر الأطاريح أو الرسائل التي تناقش بشكل علني على الانترنيت.
كما أنه في جميع جامعات العالم، يمكن الطالب أن يستفاد بشكل صحيح من فرص التعليم الصحيح، أو يكون لا أباليا، فمنهم يفكر بالحصول على الشهادة وكفى، ومنهم من يريدها لأجل العلم وخدمة العلم، وهذه الخصال لا ينفرد فيها طلبة مؤسسة معينة بل تشمل الجميع، وليس للأكاديمية ذنب في ذلك.
وللأسف لا زالت بعض الدول ومنها العراق لا تعترف بهذه الأكاديميات، لأسباب ولى عليها الزمان وشرب، فوزارة التعليم العالي العراقية قالت، أنه ووفق قرار يعود لسنة 1974 فهي لا تعترف بالدراسة عن بعد….!!!.
تصوروا هذا ونحن في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، والعالم كله يدار اليوم عن بعد. وكما علمنا أنه لابد من إصدار قانون جديد يشرع لهكذا مؤسسات، والى أن يطرح القانون ويقرأ ويقر ويصبح نافذ المفعول، يحتاج الى الوقت الكثير، خصوصا لو علمنا أن بلادنا بحاجة الى إقرار عشرات القوانين المهمة التي تمس حياة جميع أبناء شعبنا.
ننتظر من وزارة التعليم العالي العراقية الإطلاع على قوانين الدول العربية التي تعترف بل تمارس هذا النوع من التعليم الذي أصبح ضروريا في عصرنا الراهن وهو مطبق منذ عقود في معظم دول العالم المتطورة، وتقوم بأعداد مشروع قانون يقدم للبرلمان لدراسته ولإقراره بأسرع وقت، علما أن التعليم المفتوح يساعد بلدانا مثل العراق، حيث يواجه مشاكل في الأمن والبنى التحتية كالطاقة والمواصلات وغيرها، ويوفر المال والوقت للدولة وللطلبة وللأساتذة، وحسب علمي أن رئيس الجمهورية العراقية والعديد من الوزراء النواب والأساتذة في وزارة التعليم العالي من المؤيدين لذلك.
ومن جهة أخرى، يتطلب من تلك المؤسسات أيضا الرقي بمستواها الأكاديمي، وتحسين أدائها العلمي، وتطور هيكليتها الإدارية لتكون شفافة ومرنة، وتبتعد عن كونها مشاريع تجارية ربحية، كي تعطي صورة مشرقة لهذه المؤسسات، وبالتالي تمنع الأقاويل والتهم عنها.
اليوم أتقدم بالتهنئة الحارة للأكاديمية العربية في الدنمارك، ولجميع أساتذتها وأولهم صاحب المبادرة رئيس الأكاديمية الذي بذل الكثير من الجهد من أجل هذا المشروع، ولجميع الطلبة الحاليين والذين تخرجوا منهم، وكذلك لجميع الأساتذة الذين تركوا الأكاديمية لأي سبب كان، فهم قدموا عطاءا يستحق التثمين والتقدير، وسيأتي اليوم الذي سيقيّم فيه عطاء الجميع.