التعليم الألكتروني وتطوير منظومة التعليم
يتحول العالم بخطي سريعة من النظم التقليدية إلي الخدمات الالكترونية بهدف خفض التكاليف والسرعة في أداء الخدمات، فظهرت التجارة الالكترونية، الإدارة الالكترونية، الخدمات الالكترونية، والحكومة الالكترونية، والعِلم أحد أعمدة بناء الدولة وتقدمها وأحد مقومات الحياة، والعلم لا يُكتسب بل يحتاج إلي مقومات ووسائل تساعد على اكتسابه، وتأتي في مقدمة وسائل التعليم الوسائل التكنولوجية والتقنيات الحديثة، حيث تساعد في الحصول علي المعلومات بسهولة وسرعة، ويسُمي العصر الحالي بعصر المعلومات، ويتميز بالتغيرات السريعة نتيجة للتقدم العلمي والتكنولوجي وتقنية المعلومات، لذا أصبح من الضروري مواكبة العملية التعليمية لهذه التغيرات، والاستفادة من الثورة التكنولوجية في توفير بيئات جديدة للمتعلم تكون متعددة المصادر للبحث والتطوير الذاتي وتبادل الخبرات مع الآخرين، وتتوفر تلك البيئات في نظام التعليم الإلكتروني الذي يعتمد على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
ويعتبر نظام التعليم الإلكتروني من الأنظمة التي تساهم في تطوير العملية التعليمية وتحولها من المرحلة التقليدية إلى مرحلة الإبداع وتنمية المهارات، حيث يعد أهم أنماط التعليم في الوقت الحالي، وأصبحت تكنولوجيا التعليم من الضروريات الأساسية لتطوير النظم التعليمية وتحسين الجوانب المختلفة للتعليم، وقد انتشر التعليم الالكتروني في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ، ومن المتوقع أن يتزايد انتشاره في السنوات القادمة حتى يصبح النظام الرئيسي في العملية التعليمية لدى المؤسسات التعليمية والأفراد، وذلك لما يحققه من فوائد وما يوفره من حلول لكثير من مشكلات العملية التعليمية، فالتعليم الإلكتروني يدعم عملية التعلم بوسائل جديدة تتصف بالمرونة، ويسعى لإيجاد بيئة تعليمية تُدمَج فيها الأدوات الالكترونية والتقنية بطريقة مؤثرة وفعالة، ويتميز نظام التعليم الالكتروني بأنه يوفر بيئة تعلم تفاعلية ويتناسب مع معطيات العصر، كما أنه يتيح الفرصة لشرائح معينة حرمتهم الظروف من استكمال مسيرتهم التعليمية، بالإضافة إلي انه يعتمد على القدرات الذاتية للمتعلم بعيداً عن أسلوب التلقين والحفظ ويتجاوز حدود الزمان والمكان ولا يتقيد بعمر محدد للمتعلم.
وقد تزايد الاهتمام بالتعليم الالكتروني نظراً لكونه ضرورة أساسية لبناء مجتمع المعرفة الذي يتسم بالقدرة على إنتاج واستثمار المعرفة، حيث يوجد عدد من دول العالم المتقدم وبعض دول العالم النامي قامت بتجارب ناجحة في مجال تطبيق أنظمة مختلفة للتعلم الإلكتروني، ومن هذه الدول الولايات المتحدة الأمريكية، اليابان، ماليزيا، استراليا، بريطانيا، كندا، ألمانيا، السويد، الهند، وهناك بعض التجارب العربية في الإمارات، الكويت، الأردن، والسعودية، كذلك هناك تجربة رائدة في الدنمارك هي تجربة الأكاديمية العربية في الدنمارك، والتي تصنف علي أنها جامعة عربية أوروبية للتعليم العالي تعتمد نظام التعليم الالكتروني في أداء رسالتها التعليمية.
ويعد نظام التعليم الالكتروني هو الأفضل اقتصادياً في استخدام الموارد المادية والبشرية، فإذا كانت تكلفة إنشاء مؤسسة تعليم الكتروني مرتفعة نتيجة ارتفاع تكاليف تجهيز البنية التحتية، إلا انه بالنظر إلي عدد الطلاب المستفيدين من هذا النظام فان التكاليف تكون اقل كثيرا من مثيلتها في نظام التعليم التقليدي، ومصر ليست بمعزل عن التعلم الإلكتروني وعصر المعرفة، ويجب عليها أن تحدد رؤيتها المستقبلية بخصوص العملية التعليمية، وأن يكون التعليم الإلكتروني أهم عناصر هذه الرؤية، وأن تختار ما يناسبها من وسائل التعليم الإلكتروني المتعددة، وأن تدرس تجارب الدول المتقدمة في هذا النوع من التعليم وتستفيد منها.
وتعاني العملية التعليمية في مصر من بعض مظاهر القصور والسلبيات التي تحد من تأسيس مجتمع المعرفة، فكثافة الطلاب بالفصول التعليمية مرتفعة، والكوادر التعليمية المؤهلة غير كافية، والمناهج الحالية تعتمد علي أسلوب التلقين والحفظ، ومستوي الخريجين التعليمي والمعرفي متواضع، وعدم مواكبة البرامج التعليمية لمتطلبات سوق العمل، بالإضافة لما يشكله الإنفاق على التعليم من عبئ على ميزانية الدولة، وللتخلص من تلك المظاهر ووضع منظومة التعليم علي الطريق الصحيح، يجب أن تسرع مصر في الانتقال التدريجي والاستثمار في تقنيات التعليم الإلكتروني، وأن تسرع في وضع معايير أكاديمية قياسية لخريجي نظام التعليم الالكتروني، ومعايير للمؤسسات التعليمية التي تطبق نظم التعليم الالكتروني، وان يتم معادلة الشهادات الممنوحة وفقاً لنظم التعليم الالكتروني سواء كانت ممنوحة من مؤسسات تعليمية مصرية أو مؤسسات تعليمية غير مصرية بالشهادات المصرية الممنوحة من مؤسسات التعليم التقليدي أسوة بما هو متبع في دول العالم المتقدم تعليمياً.