المدخل لدراسة حقوق الإنسان… الدكتور مازن ليلو راضي… الدكتور حيدر أدهم عبد الهادي (4)
1. جوهانس الثيوسيس
هو مفكر ألماني استعمل فكرة التعاقد الاجتماعي في بناء نظامه السياسي عام 1603 وقد طبقت هذه النظرية عملياً من قبل الآباء الحجاج على الباخرة (May Flower) عام 1620 حيث أشير إلى (ونحن أيضاً نقوم أحياناً بالاتفاق وإبرام العهد فيما بيننا أمام الله ونلزم أنفسنا معاً في رباط سياسي مدني).(25)
ويطرح هذا المفكر قيداً يرد على سلطات الدولة إذ يقرر عدم وجود فرد أو كائن ذو سلطات مطلقة لا حدود لها إلا الله الذي هو الإله الواحد، أما سلطان الرجال فلا يمكن ان يكون مطلقاً لا ترد عليه القيود، وطبقاً لوجهة نظره توجد قواعد ثلاث تحد من سلطات صاحب السيادة، وهي القوانين الإلهية وقواعد العدالة الطبيعية والقوانين الأساسية للدولة، مع انه لم يضع تعريفاً دقيقاً لما أطلق عليه القوانين الأساسية للدولة.
ويلاحظ على آراء Loyseas ان القيود التي ذكرها لا تنشئ للفرد حقاً خاصاً به يولد معه ويتصل بذاته، فالقيد الأول يستمد أصوله من واجبات الملك تجاه الله، والثاني عن القانون الطبيعي وهذا القيد في نهاية المطاف صورة من صور القيد الأول مادام القانون الطبيعي من صنع الله، وهذه الفكرة تؤدي إلى ضرورة ان يحترم الملك أوامر الله أو القانون الطبيعي باعتبارهما واجبات دينية، ولكن ليس للفرد إذا خالف الملك واجباته أي حق تجاهه، ومن ثم لا يملك أية دعوى قانونية تضمن له استيفاء حقه المسلوب، أما القيد الثالث الخاص بالقوانين الأساسية، فهو قيد غامض لان حدوده غير واضحة وماهيته غير ظاهرة(26).
2. جون ميلتون
ولد هذا الفيلسوف عام 1608 وتوفي عام 1674 وأشار إلى الطبيعة التعاقدية التي قادت إلى ظهور الدولة، ومن ثم فان افكاره بهذا الخصوص يمكن ان تمثل حلقة من حلقات نظرية العقد الاجتماعي التي طورت بعد ذلك على يد هوبز ولوك وروسو فميلتون يشير في كتاب له صدر عام 1649 إلى ان الناس ولدوا احراراً، وان الخطأ الأول كان قد نهض مع خطيئة آدم، ولكي يستطيع الأفراد الطيبون العيش بسلام وتجنب الأشرار والسيئين، فقد اتفقوا على صيغ عامة لربط أنفسهم بهدف الخلاص من الأذى المشترك، وليدافعوا عن انفسهم ضد أي معارض أو معتدي أو مخلٍ بهذا الاتفاق.(27)
3. توماس هوبز
ولد هوبز عام 1588 وتوفي عام 1679 حيث عاش هذا الفيلسوف الانكليزي خلال الحرب الأهلية 1642-1651 وربما كان لهذا الأمر تأثير على تأييده لفكرة الحكم المطلق إذ كانت أعظم الحاجات الملحة لإنكلترا في تلك الفترة تتمثل في حكومة قوية تحافظ على القانون والنظام،(28) والحقيقة ان هوبز كان قد بدأ التعبير عن آراءه في السياسة عندما ترجم أعمال ثيوسيديدس مشيراً إلى عيوب وشرور الديمقراطية إثر مطالبة أعضاء البرلمان الانجليزي سنة 1628 بتنفيذ وثيقة الحقوق، وفي سنة 1615 نشر كتابه التنين (Leviathan) الذي لم يلق القبول والترحيب به لا في فرنسا التي كان يعيش فيها بسبب هجومه على الكنيسة الكاثوليكية ولا من أقرانه الانجليز المقيمين في فرنسا مما أضطره للرجوع إلى انكلترا بعد ان وعد كرومويل ان لا يعمل في الحقل السياسي.(29)
وفي تبريره لكيفية قيام الدولة وما يتمتع به الحاكم من سلطان مطلق يؤكد هوبز على ان الإنسان ليس كائناً اجتماعياً بطبيعته كما تصوره أرسطو لكنه مخلوق اناني محب لنفسه لا يعمل إلا بالقدر الذي تتحقق فيه مصالحه الشخصية وهذا ما قاد إلى ان تكون حياة الإنسانية الأولى حياة صعبة تسودها الفوضى والاضطراب حيث سيطر الأقوياء فيها على الضعفاء وبما ان الفرد اناني بطبعه فان هذه الصفة قد ولدت لدى الأفراد ضرورة التعاقد على ان يعيشوا تحت رئاسة أحدهم يتنازلون له عن حقوقهم الطبيعية كافة وترتب على ذلك التعاقد ان تحول الأفراد للعيش في حياة اجتماعية بدل العيش في حياة الفطرة التي كانت تقود إلى حرب الكل ضد الكل، وفي الحالة الطبيعية يقرر هوبز، انه لا توجد ملكية ولا عدالة أو ظلم، لكن هناك حرب ضروس وقاسية، وفي مثل هذه الظروف لا يظهر من الفضائل إلا القوة والخداع، وهكذا فقد تخلص الأفراد من شرور حياة الفطرة الأولى عن طريق الانصياع لقوة مركزية قادرة على حفظ الأمن وتوفير الاستقرار لمصلحة الجميع، وهو ما تم عن طريق العقد الاجتماعي، وأساس هذا العقد عند هوبز انه تم بين الأفراد وحدهم حيث يتعاقد كل فرد مع غيره من الأفراد لمصلحة الحاكم الذي لم يكن طرفاً بهذا العقد، وهذا يعني ان العقد سيكون ملزماً للأفراد بما يتضمنه من التزامات دون ان يلتزم الحاكم بأي شيء طالما انه ليس طرفاً فيه ودون ان يتنازل الحاكم عن حقوقه الطبيعية التي كان يتمتع بها في حياة الفطرة، ومن ثم فان الأفراد عن طريق هذا العقد يحولون سلطتهم السياسية إلى الحكام، وهو ما سيجعل حقوق الأقلية والأكثرية تحت رحمة السلطة الحاكمة التي تستطيع ان تقرر لهم نوعية الحقوق التي يمكن ان يتمتعوا بها، ومن ثم فانه لا يحق للأفراد الثورة والخروج على السلطة الحاكمة لان الحاكم مجرد شخص مستفيد من العقد الذي تم بين الأفراد، وهذا يعني بالنتيجة انه لا مجال للحديث عن الديمقراطية في فلسفة هوبز،(30) طالما لا يمكن الحديث عن تقييد سلطة الحاكم أو سلطة الدولة فهوبز وضع الأساس النظري لدولة مطلقة السلطات مبنية على تعاقد وقبول حر، والأساس النفسي لهذه النظرية هو الخوف.(31)
4. جون لوك
ولد لوك عام 1632 وتوفي عام 1704 وهو أكبر أعداء الحكم المطلق وممثل الحركة الليبرالية في أوربا والذي جاءت أفكاره متطابقة مع آراء أنصار المذهب الحر فقد كرس حياته للدفاع عن الحرية ومعاداة الاستبداد والتحكم، كما يرجع إليه الفضل في إعطاء الثورة الانكليزية سندها الفكري والفلسفي ضد أسرة آل ستيوارت عندما عبر عن فلسفته في كتابه عن الحكومة المدنية الصادر سنة 1690 وقد أسهم في تحليله لفكرة العقد الاجتماعي في إقامة نظرية السيادة الشعبية كما شارك في اقامة مبدأ الفصل بين السلطات.(32)
ينطلق لوك من مبدأ ان الحكومة المدنية انما هي نتيجة عقد اجتماعي وهو يتفق مع هوبز في وجود حياة فطرية عاشها الإنسان قبل ان ينتقل إلى حياة الجماعة وان العقد الاجتماعي هو الذي نقل الأفراد للعيش من حياة الفطرة إلى حياة الجماعة أو المجتمع المنظم سياسياً لكنه أختلف مع هوبز في ان حياة الفطرة لم تكن حياة فوضى سادت فيها سيطرة الأقوياء على الضعفاء إذ ان لوك يرى ان حياة الفطرة كانت حياة فاضلة يسودها القانون الطبيعي وأهم مبادئه الحرية والمساواة، وبما ان الأفراد أرادوا الانتقال إلى حياة أفضل فقد عمدوا إلى تنظيم الحريات التي يوفرها لهم القانون الطبيعي ودفع الاعتداء الذي يمكن ان يقع عليهم فقد تعاقدوا فيما بينهم على أن يقيموا سلطة تتمثل في شخص أو مجموعة من الأشخاص يمثلون المجتمع بأكمله وبناءاً على ما تقدم فالعقد الاجتماعي عند لوك قد تم بين الشعب من جانب والحاكم من جانب آخر من أجل إقامة العدل وتنظيم الحريات التي كان الأفراد يتمتعون بها في حياة الفطرة، فلوك يعتبر الحاكم طرفاً في العقد بعكس هوبز وترتب على العقد الاجتماعي طبقاً لمفهوم لوك ان الأفراد أو الشعب لم يتنازل للحاكم عن حقوقه كاملة ولكنه تنازل له عنها بالقدر الذي يقيم السلطة وهذا ما لم يقل به هوبز، كما أكد لوك على ان سلطة الحكام مقيدة وليست مطلقة وأساس التقييد هو ما تضمنه العقد من التزامات متبادلة إذ ان الحاكم مقيد باحترام حقوق الأفراد التي لم يتنازلوا عنها كما انه ملزم بإقامة العدل بينهم في مقابل التزام الأفراد بواجب الطاعة تجاه الحاكم في حدود العقد أما إذا تجاوز الحاكم صلاحياته بموجب العقد واعتدى على حقوق وحريات الأفراد فان الحق سيكون ثابتاً لهم في مقاومة الحاكم وعزله.(33)
عليه فان نظرية لوك هي نظرية ديمقراطية تُقر بمسؤولية الدولة أو الحاكم حيث يستطيع الأفراد معارضته لكن الشيء الوحيد الذي يقيد ويحد من ديمقراطية لوك هو انه يخرج من لا يملك عقاراً من قائمة المواطنين، ومن ثم فهو يقصر المواطنة على جزء معين من الشعب.
ويرى لوك ان من غير المقبول وهو يعد خطأ في ان تملك الدولة كل السلطات وتحكم حكماً مطلقاً، ولابد للسلطة القضائية ان تتمتع بالاستقلال عن السلطة التنفيذية(34) التي تكون سلطة خاضعة وتسمو السلطة التشريعية على السلطة التنفيذية وهي تستمد هذه المكانة من حقيقة قيامها بسن القوانين المعبرة عن الصالح العام، فلوك يتصور الفصل بين السلطات على انه نوع من القانون الذي يتحقق عبر تحقيق التوازن بينها ولكن هذا التعاون يميل لمصلحة السلطة التنفيذية إذ ان هذا التوازن يتحقق عبر دور أساسي للملك.(33)
5. مونتسكيو
ولد مونتسكيو عام 1689 وتوفي عام 1755 وهو يعد صاحب الفضل الحقيقي في تقديم تحديد واضح لمبدأ الفصل بين السلطات عندما عرض فهمه لهذا المبدأ في كتابه الشهير (روح القوانين) الصادر سنة 1748. وهو يقر بوجود ثلاث سلطات حيث تتكون السلطة التشريعية من مجلسين باعتبار وجود اناس متميزون عن عامة الشعب بسبب المولد أو الثروة، ومن ثم فان لهم مصلحة خاصة من الضروري تمكينهم من الدفاع عنها وعنده فان اختصاصات المجلسين متساوية إلا انه عند التعارض سيقتصر اختصاص المجلس الثاني على الاعتراض فقط، أما السلطة التنفيذية فهي توضع بيد الملك ويسميها السلطة المنفذة للقانون العام، أما السلطة القضائية فيسميها السلطة المنفذة للقانون الخاص.(36)
ويؤكد مونتسكيو على ان الحرية تتحقق بتقييد السلطة أياً كانت هذه السلطة فجمع السلطة في يد واحدة يعد خطراً على الحرية ولا يمكن ان توجد الحرية مع جمع السلطات الثلاث، فالفصل طبقاً لرأيه هو الوسيلة الوحيدة الفعلية لتأمين الحرية وهو يبرر هذا المبدأ بثلاثة اعتبارات هي:
1. ان التجارب البشرية قد أثبتت ان من يتمتع بسلطات واسعة غير محددة سيسيء استعمالها، وهذا ما يجعل من الضروري ان يقوم النظام السياسي على أساس مبدأ الفصل بين السلطات.
2. ان مبدأ فصل السلطات هو الوسيلة الوحيدة التي تكفل احترام القوانين وتطبيقها بصورة صحيحة.
3. اعتقاد مونتسكيو ان النظام الانجليزي في عصره الذي كان معجباً به يقوم على مبدأ الفصل بين السلطات.
ولتحقيق هذا المبدأ يشير مونتسكيو إلى ضرورة ان تتمتع كل سلطة بقدرة البت في الأمور التي تدخل في اختصاصها فالبرلمان يسن القوانين وهكذا بالنسبة لبقية السلطات، كما انه يجب ان تتمتع كل سلطة بقدرة المنع أي ان لكل سلطة سلطة منع السلطات الأخرى في ان تتدخل باختصاصاتها.(37)
والخلاصة ان آراء مونتسكيو تنتهي إلى إقرار أمرين:
الأول التخصص بالنسبة لكل سلطة في مباشرة وظيفتها فضلاً عن ضرورة التعاون مع السلطات الثلاث. أما الأمر الثاني فهو الرقابة المتبادلة بين السلطات الثلاث.(38)
6. جان جاك روسو
ولد روسو عام 1712 وتوفي عام 1778 وهو يمثل مرحلة مهمة في تأريخ الفكر الديمقراطي إذ يعد كتابه العقد الاجتماعي الصادر عام 1762 من أوضح وأقوى الكتب التي كتبت عن نظرية السيادة الشعبية ولهذا فانه لا يمكن انكار أثره على التطور الديمقراطي خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر كما لعب روسو دوراً فكرياً مهماً في التمهيد للثورة الفرنسية فكثيراً من قادتها يعدون من مؤيدي روسو والمعتنقين لآرائه، وقد صدر إعلان الحقوق الفرنسي عام 1789، ليسجل الكثير من آراء هذا الفيلسوف كسيادة الشعب، والحريات الفردية، والقانون يعبر عن الإرادة العامة.(39)
فروسو دعا للديمقراطية المباشرة وأنكر نظرية الحق الإلهي للحكام وكان يعتقد ان الديمقراطية المباشرة هي النظام الأمثل للحكم أما الحكومة التمثيلية فيسميها انتخاب الارستقراطية.(40)
وهذا يعني انه لا يوافق على النظام النيابي وهذا الاتجاه يتفق مع ما كان يعتقده حول فكرة السيادة إذ انها عند روسو غير قابلة للتصرف كما انها غير قابلة للانقسام وعلى هذا الأساس فان السيادة لا يمكن نقلها لأنها تجد التعبير عنها في الإرادة العامة، ولا يتصور ان تحل إرادة شخص محل إرادة شخص آخر فروسو بالنتيجة يرفض النظام النيابي القائم على فكرة الديمقراطية غير المباشرة التي قال بها لوك ومونتسكيو.(41)
بدأ روسو كتابه العقد الاجتماعي بعبارة (ولد الإنسان حراً، إلا انه مكبل بالأغلال في كل مكان، وعلى ذلك فهو الإنسان يتصور نفسه سيد الآخرين الذي لا يعدو ان يكون أكثرهم عبودية).(42)
يستهدف روسو إقامة ديمقراطية مباشرة من خلال فكرته عن العقد الاجتماعي فهو يقول بتنازل الأفراد عن جميع حقوقهم الطبيعية لا لشخص معين بالذات ولا لأشخاص معينين بالذات كما ذهب هوبز ولوك ولكن التنازل المذكور للمجتمع بأكمله وهذا هو أساس مبدئه الشهير ألا وهو مبدأ السيادة الشعبية.
يضاف إلى ذلك ان الأفراد حين تنازلوا عن حقوقهم الطبيعية لم يفقدوا جميع تلك الحقوق عملياً إذ انهم استعاضوا عنها بحقوق مدنية تضمن لهم حياة أفضل وهي حقوق أكثر فعالية من تلك الحقوق التي كانوا يتمتعون بها في حياة الفطرة فالحقوق المدنية مضمونة من جانب السلطة السياسية والتعاقد عند روسو وظيفته تتمثل في إحلال الإرادة العامة محل الإرادة الفردية، ويؤكد روسو على ان حياة الفطرة كانت حياة سعيدة وان السلطة لا يمكن ان ترتكز على القوة أو على حق الفتح وإلا فان هذا سيقود إلى انكار الحق بصورة كلية وطالما ان الأفراد في حياة الفطرة كانوا أحراراً متمتعين بكامل حريتهم ومتساوين مع بعضهم فهم لا يستطيعون الانتقال إلى حياة الجماعة أو حياة المجتمع المدني المنظم إلا بموجب اتفاق حر يتم بينهم وهذا ما حصل عندما تم الاتفاق بإجماع الإرادات الحرة للأفراد وهو اتفاق يتم لصالح الجماعة لا لمصلحة فرد أو مجموعة من الأفراد وهدف هذا التعاقد تنازل الأفراد عن حقوقهم الطبيعية لمصلحة المجتمع وما دام هذا التنازل يتم دون تحفظ من قبل الأفراد فليس لأحدهم ان يطالب بشيء وبهذا الشكل يتحقق مبدأ المساواة كما انه ما دام كل فرد قد تنازل عن حقوقه للمجتمع فانه لن يكون هناك من يدفعه الى التعدي على الآخرين وفي هذا تحقيق لمبدأ الحرية إلا ان التنازل عن الحقوق الطبيعية يقابله كما ذكرنا تمتعهم بحقوق مدنية حيث يقوم الشخص العام الذي أقاموه بحمايتهم وبذلك يكون روسو قد اختلف عن هوبز الذي جعل التنازل يتم بصورة كلية لصالح الحاكم، كما أختلف مع لوك الذي قصر هذا التنازل على بعض الحقوق دون البعض الآخر وبذلك فانه طبقاً للعقد الاجتماعي الذي طرحه روسو فان السلطة أو السيادة تكون للجماعة أي انه أقر بمبدأ السيادة الشعبية الذي يعبر عنه بمبدأ سيادة القانون بوصفه تعبيراً عن الارادة العامة.(43)
ويلاحظ على عقد روسو الاجتماعي ان هدفه الحرية ولكنه في حقيقة الأمر يعلي من شان المساواة حتى وان كان ذلك على حساب الحرية.(44)
والخلاصة ان النظام الذي جاءت به أفكار روسو يقوم على فكرتين أساسيتين هما:
1. الحرية الديمقراطية، ويراد بها الاستقلال الفردي بمعنى خضوع الفرد للقانون الذي يشارك في صنعه كما انها تعني تأكيد حرية الفرد بشرط ان لا تتجاوز حرية غيره، ومن ثم فالحرية بهذا المعنى لا توجد في النظام النيابي.
2. المساواة، ويراد بها المساواة في الاستقلال الفردي والمساواة في الحريات فهي تفهم بمعنى رفض ان تكون الحرية امتيازاً للبعض دون البعض الآخر، ولاضمان في ان تكون الحرية للجميع إلا بالمساواة(45) وينتهي روسو إلى الربط بين الحرية والمساواة عن طريق عمومية القانون واستبعاد كل سلطة شخصية.(46)
أخيراً من الضروري الإشارة إلى ان الإرادة العامة الحرة التي يتحدث عنها روسو هي عبارة عن قوة ميتيافيزيقية خارجة عن نطاق الطبيعة، كما ان روسو لا يعتقد بمبدأ فصل السلطات.(47)
7. آدم سميث
ولد سميث عام 1723 وتوفي عام 1790(48) وهو اقتصادي اسكتلندي شهير نظر إلى المجتمع الانكليزي، خارج نطاق الطبقة المسيطرة وهو يعتقد انه مجتمع مليء بالصراع لا يحكمه قانون مستقر أو متزن وأخلاقيات أفراده سيئة جداً، فالنساء والأطفال يعملون في مناجم الفحم ويتقاضون أجوراً بخسة ولا يرون النور، والحقيقة ان الحياة الاجتماعية في بريطانيا في القرن الثامن عشر كانت توصف بأنها من أسوء ما يمكن ان يشاهده ويعيشه إنسان.
أصدر سميث كتابه الشهير المعروف باسم (ثروة الأمم) الذي ناقش فيه قضية هامة تتلخص في كيفية استمرار المجتمع في مسيرة الحياة رغم التباين الموجود بين أفراده واختلاف توجهاتهم. بمعنى كيف يضع الفرد نصب عينيه البحث في منفعته الخاصة أولاً بحيث تأتي في النهاية مصلحة المجتمع؟(49)
يقول سميث ان الأفراد لا يتعاطفون معهم لأنهم إنسانيين ولكن التعاطف ناتج عن حب مصلحتهم الخاصة وهذه هي التي تدفع الأفراد إلى العمل إلا ان المجتمع الذي يعمل افراده بدافع المصلحة الخاصة هو مجتمع ضعيف ومتضعضع، ولكن المنافسة بين الأفراد هي التي تخلق المجتمع القوي، إذ ان الباحثون عن المصلحة الخاصة مقيدون بما تمليه عليهم اعتبارات المنافسة مع الآخرين التي تفرض عليهم تقديم أفضل ما عندهم أثناء العمل تحقيقاً لمصلحتهم الخاصة على المدى الطويل، وهذه المصلحة الخاصة طبقاً للاعتبارات المتقدمة تولد بطبيعتها نتيجة للمنافسة في السوق نتائج لصالح المجتمع وهو ما يطلق عليه بالانسجام الاجتماعي.(50)
أما هدف سميث الأول في هذا الكتاب فكان إبعاد العوامل المؤثرة كسيطرة الدولة أو غيرها على فعاليات السوق التجاري فهو يؤكد على ان عدم التدخل في قوانين السوق أمر مهم لتأخذ عوامل التقدم مجراها من دون تدخل من أحد وبهذا الأسلوب ينتشر الغنى ولا يكون هناك هوة كبيرة بين الرأسمالي وبين الفقير وأفكار بهذا الشكل تنطبق على بريطانيا في القرن الثامن عشر.
سميث رأى كذلك ضرورة انتصار العقلانية فهو القائل (لا تحاول ان تعمل صالحاً، ولكن دع العمل الصالح يبرز من خلال الانانية) وقد ناصر سميث تحرير الرقيق ذلك ان هذه الخطوة أصح على المدى الطويل.(51)
مما تقدم يبدو واضحاً ان أفكار سميث قد لعبت دوراً مساعداً في بلورة النظرية التقليدية لحقوق الأفراد العامة إذ انها تدعو إلى دور محدود أو ثانوي للدولة في العلاقات الاقتصادية والاجتماعية، فالدولة التي أرادها سميث هي دولة حارسة توضع في خدمة المجتمع، فالدولة تمنح المجتمع شكله القانوني بإمساك النظام فيه، ويبقى للمجتمع أولويته على الدولة ويخضعها لسلطانه والتعبير الاقتصادي لهذه القاعدة (دعه يعمل، دعه يمر).(52)
8. جيريمي بينثام
ولد بينثام عام 1748 وتوفي عام 1832 وهو فيلسوف ورجل قانون بريطاني أهتم بدراسة طبيعة علم العقاب وأنظمة السجون، وقام عام 1776 بنشر كتابه (شيء عن الحكومة) هاجم فيه صيغة القانون في انكلترا في ذلك العهد، وقبيل عام 1780 صاغ بينثام نظرياته حول فلسفة التشريع، وتتسم فلسفته التي يطلق عليها اسم مذهب المنفعة بتحقيق أعظم الخير لأكبر عدد من الناس، وبان العقاب انما هو عمل من أعمال الشر أو هو عمل غير مشروع في ذاته ولا يمكن تبريره إلا إذا كان ذلك العقاب يحول دون وقوع شرور أكبر، وهكذا يبدو جلياً ان بينثام تمكن في العصر الذي عاش فيه من تحديد الحاجة إلى جمع القانون الجنائي وتنسيقه وإجراء الاصلاحات عليه، وكان لهذا الفيلسوف تأثيرا كبير في جيل من الحقوقيين الذين كانوا مثله دائمي الهجوم على سوء استخدام العدالة وأساليب الالتفاف حول القوانين.(53)
9. جون ستيوارت ميل
ولد جون ستيوارت ميل عام 1808 وتوفي عام 1873 حيث ربط بين الديمقراطية والدولة المثالية، فهو في كتابه (الدولة التمثيلية) يقرر ان أفضل أنواع الدول والحكومات هي التي تكون السيادة فيها أو القوة المركزية العليا لتسيير شؤون الدولة في يد أفراد المجتمع حيث لكل مواطن الحق في المشاركة السياسية، وهو يؤكد بان النظام الديمقراطي وان كان ليس النظام المثالي إلا انه أفضل الأنظمة الموجودة وهو ينطلق من ضرورة ان يتمتع الجميع بالحرية والمساواة.(54)
أخيراً يبدو من خلال استعراض الآراء المقدمة لفكرة الديمقراطية وارتباطها بحقوق الأفراد الخوف الكبير من حكم الطغاة هذا الحكم الذي لا يظهر فقط من خلال حكم الفرد الواحد أو المجموعة الصغيرة من الأفراد بل ان هذا الشكل من أشكال الحكم يمكن ان يظهر من خلال حكم الكثرة على حساب القلة.(55)
المطلب الثالث- النظرية التقليدية في حقوق الأفراد العامة
تطرقنا في المطلب السابق إلى الأصول الفكرية للحقوق والحريات الأساسية للأفراد، وقد ظهر جلياً المحاولات المستمرة لإبراز القيمة العليا للفرد باعتباره الهدف النهائي وما الدولة إلا وسيلة لتأمين حقوق الأفراد والموازنة بينها ولتحقيق المصالح المشتركة أو الصالح العام، وهذه مسألة ارتبطت في قيامها بإعلانات حقوق الإنسان والمواطن وبظهور حركة الإصلاح الديني البروتستانتي قبل ذلك وظهور الطبقة البرجوازية فهناك علاقة متبادلة بين هذه العوامل وان كانت من الصعب تحديد طبيعة هذه العلاقة فيما إذا كانت مجرد علاقة تزامن تاريخي أم انها علاقة السبب بالنتيجة،(56) وهنا من الضروري الإشارة إلى أبرز الشخصيات الفكرية التي ذكرنا والتي مثلت أفكارهم الأسس الفكرية لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية قد تأثر بعضهم بالآخر فروسو يعتبر جروشيوش أستاذ علم السياسة، وليس تأثير لوك في مونتسيكو بخافٍ على أحد، بل ان لوك قد أثر في روسو كذلك إلى حدٍ كبير كما تأثر الأخير بهوبز عندما اقتبس منه فكرة العقد الاجتماعي والمجتمع المدني ولكن الفرق يبقى قائماً بين علماء الحقوق الطبيعية وفلاسفة فرنسا في القرن الثامن عشر إذ تحاشى علماء الحقوق الطبيعية الوصول إلى النتائج المنطقية الجريئة لأفكارهم نتيجة تمتعهم بحماية أمراء أوربا إلا ان النتيجة قد أدت إلى تبلور مفهوم يمكن ان نطلق عليه النظرية التقليدية في حقوق الأفراد العامة.(57)
عليه سنحدد في هذا المطلب مفهوم النظرية التقليدية في حقوق الأفراد العامة والانتقادات الموجهة إليها:
الفرع الأول- الأسس التقليدية لنظرية حقوق الأفراد العامة
إذا كانت البذور الأولى للمذهب الفردي قد ظهرت خلال العصر الوسيط من خلال طبيعة السياسة المتمثلة بانحلال السلطة المركزية فيه وإحلال الولايات محلها، والحركة الفكرية التي نشطت أثنائه عندما أورد اللاهوتيون المبادئ الطبيعية(58) إلا ان هذه الأفكار لم تتبلور بشكل كامل إلا في القرن السابع عشر والقرن الثامن عشر على يد مجموعة من المفكرين والفلاسفة الذين سبق لنا ان تعرضنا لأفكارهم.
ان المذهب الفردي التقليدي، ذو أسس متعددة فقد وجد أساسه أولاً في نظرية القائلين بالقانون الطبيعي ومضمونها وجود قانون يحمل بعداً أخلاقياً كبيراً ومفاهيم منطقية وهو سابق على كل تشريع وضعي ومستقل عنه، وهذا ما يرتب التزاماً على الدولة بضرورة احترامه ثم جاءت نظرية العقد الاجتماعي التي بلغت أوجها على يد جان جاك روسو، كما قدر الاعتراف بالحقوق الفردية من خلال ضرورة ان يتم النظر إلى كل إنسان باعتباره متمتع بالكرامة الإنسانية كونه أسمى مخلوقات الله عز وجل،(59) فالشخصية الإنسانية شخصية حرة وعاقلة، ومن ثم فهي تتمتع بحقوق تستمدها من ذات القيمة الإنسانية السامية ويتعين على كل نظام حكم ان يحترم هذه الأسس من خلال التعبير عنها في قوانينه، ولعل أكثر الأفكار شيوعاً في نطاق المذهب الفردي التقليدي هما حالة الطبيعة والعقد والاجتماعي، فالحقوق الطبيعية للإنسان واحدة بالنسبة لجميع أفراد الجماعة وفي كل زمان ومكان، وهذا يعني وجود قانون نموذجي واحد يسمى القانون الطبيعي وهو شبيه بتسميتنا لحقوق الإنسان بالحقوق الطبيعية ويرتب ذلك التزاماً على الفقه بضرورة البحث عن مضامين هذا القانون واستجلاء قواعده وعلى المشرعين تسجيل هذه القواعد في قوانينهم الوضعية وحيث ان الأفراد يولدون أحراراً فان القيود الواردة على حرية كل فرد التي تستلزمها الحياة الاجتماعية من الضروري ان تكون متساوية بالنسبة للجميع، لأنها إذا لم تكن في حقيقة الأمر بهذا الشكل أي متساوية فسيختلف ما لكل فرد من حرية عما لغيره فالمساواة إذن، وان لم تكن في الواقع حقاً طبيعياً إلا انها واجبة للإبقاء على حقوق الفرد الطبيعية، إذ ان القاعدة القانونية إذا لم تقم على المساواة فقد انتقصت بشكل أو بآخر من الحقوق الطبيعية لفرد من الأفراد.(60)
فالقانون الطبيعي هو المثل الأعلى الذي يراد الوصول إليه وتحقيقه، فباسم هذا القانون يدان الواقع الموجود بهدف اقامة نظام آخر بديل له، ففي القرن الثامن عشر كان القانون الطبيعي يمثل طموحات الطبقة الثالثة (الطبقة البرجوازية) فباسمه وانطلاقاً منه أريد إدانة النظام الملكي المدعوم من الطبقة الارستقراطية، والحقيقة ان هناك محاولات قد تمت في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية لإحياء فكرة القانون الطبيعي نتيجة المآسي التي تركتها الحرب في نفس الشعب الألماني ففي هذا القانون يجد الأفراد مثلاً أعلى وتكمن وراءه أيضاً آمال وطموحات الطبقات الجديدة التي تسعى إلى تحقيق نظام قانوني جديد، فالإنسان حين يجد نفسه مطوقاً ومحاصراً بالأوضاع الصعبة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي فانه يسعى الى تجاوز هذه الأوضاع باسم البحث عن العدالة المطلقة وقد أحسن من قال (ان تاريخ القانون الطبيعي هو قصة بحث الإنسان عن عدالة مطلقة وفشله في ذلك).(61)
كما تجد النظرية التقليدية لحقوق الأفراد العامة أساسها في العقد الاجتماعي إذ ان الجماعة لا تقوم على إرادة منفردة لكنها تفترض توافق أكثر من إرادة فرد على تأسيس الجماعة وهذا ما تم بواسطة العقد الاجتماعي وكما كان الفرد هو السابق في وجوده للجماعة أو هو علة الجماعة أو سبب وجودها فانه يجب اخضاع الغايات والأهداف الجماعية للغايات والأهداف الفردية، ومهمة الجماعة تقتصر على ضمان غايات الأفراد وترك إرادتهم حرة في تحقيقها، ومن ثم فان حرية الأفراد هي أساس وجود الجماعة وقوانينها،(62) فالنظرية التقليدية تخلص إلى:
1. ان سيادة الدولة وسلطتها العامة تجد الأساس القانوني لها في تراضي الأفراد المكونين لها والمعبر عنها بالعقد المبرم بينهم.
2. ان الجزء الذي يحتفظ به الفرد من حريته هو حق طبيعي له وهذا يعلو على سيادة الدولة وسلطتها العامة ويقيدها فلا سلطان مطلق للدولة أو من يمثلها سواء كان ملكاً أو أميراً أو غير ذلك من المسميات إلى ان هناك حدوداً لسيادة الدولة.
وإذا كانت النظرية الفردية ذات أسس متعددة فإنها تبقى ذات وحدة حقيقية تظهر من خلال النتائج الآتية:
1. ان الدولة ليست مطلقة السلطان وهذا يرتب نتيجة مضمونها عدم إمكانية ان تفرض قواعد قانونية للتطبيق كما تريد أو دون قيود وهذا الأمر يشمل كذلك الفئات أو المسميات الأخرى كالأمة والجنس والطبقة والأسرة.
2. يجب احترام الحقوق الفردية على مستوى الأهداف والوسائل فلا يمكن تبرير الاستبداد لمجرد السعي إلى خلق أوضاع أفضل في المستقبل لحياة تسودها مبادئ الحرية فالغاية لا تبرر الوسيلة.
3. ان كل عمل يستهدف تحقيق المصلحة العامة يفترض وجود تضحيات من جانب الأفراد ولكن هذه التضحيات مقيدة بضرورة مراعاة الحقوق الفردية.(63)
4. ان دور الدولة هو دور قانوني في العلاقات الاجتماعية وأساس هذه النتيجة بنيت على بعض الملاحظات الاقتصادية بمعنى وجود انسجام طبيعي يتحقق في حالة ترك نشاط الأفراد حراً دون تدخل من الدولة التي ربما يعرقل تدخلها النشاط الاقتصادي فتحقيق الانسجام الاجتماعي سيقوم عندما تعمل بالقاعدة الاقتصادية التي تقول دعه يعمل دعه يمر.(64)
الفرع الثاني- الانتقادات الموجهة إلى النظرية التقليدية في حقوق الأفراد العامة
يمكن إجمال أهم الانتقادات التي وجهت إلى النظرية التقليدية في حقوق الأفراد العامة بالآتي:
1. حالة العزلة لا وجود لها، ففكرة الإنسان المنعزل الذي يعيش في حالة طبيعية سابقة على دخوله لحياة الجماعة هي فكرة ميتافيزيقية أي انها فكرة تعدو الطبيعة وتتجاوز المسلمات الفعلية.
2. الإنسان كائن اجتماعي بطبعه وهو لم يعيش منعزلاً قط إذ ان طبيعته لا تمكنه من ذلك فما يمكن ان يعتد به الباحث ليس هو الفرد في حد ذاته بل الإنسان في المجتمع.
3. المساواة المطلقة بين أفراد الجماعة غير واقعية فالأفراد يختلف بعضهم عن البعض الآخر ولا تعمل المدنية على إزالة هذه الاختلافات بل تزيدها.
4. ان فكرة وجود قانون مثالي عام هي فكرة من نسج الخيال ولا وجود لها.
5. فكرة الحق الطبيعي السابق على الجماعة غير صحيحة.
6. انتفاء الالتزامات الإيجابية على عاتق الدولة إذ ان الأخيرة هي عبارة عن دولة حارسة حسب النظرية التقليدية وقيام الدولة بأي عمل إيجابي يعتبر حسب معيار هذه النظرية اخلالاً بالأساس الذي قامت عليه.
7. عدم قدرة النظرية الفردية تقييد الدولة بالقانون.
8. انهيار فكرة المجال الفردي فلم يعد هناك في تطور الفكر القانوني الحديث مجالاً معيناً يمنع ان تنظمه الدولة.
المطلب الرابع
المفهوم الماركسي لحقوق الإنسان
بدأ ماركس وانجلز تأسيس التصور المتعلق بحقوق الإنسان في أفكارهما بإدانة ما وصفاه بالنظرة البرجوازية لحقوق الإنسان واصفين إياها بالزيف والخداع وتبدأ نقطة البداية في المذهب الماركسي بقضية حقوق الإنسان من تصور للحرية مضمونه ان الإنسان عاش أسيراً للطبيعة حتى استطاع ان يفهم بعض جوانبها وأسرارها عندما تمكن من تسخيرها أو جزء منها لمصلحته غير انه سرعان ما ظهرت مشاكل على المستوى الاجتماعي نتيجة نمو الملكية الخاصة وما أفرزته من طبقات اجتماعية، عاش أفرادها أسرى لوضع اجتماعي قائم على الاستغلال، وقد اعتقد ماركس وانجلز ان هذا الاستغلال يبلغ ذروته في النظام الرأسمالي ولمعالجة هذا الوضع فان النظرة يجب ان ترتكز على أسلوب الإنتاج إذ يشكل العامل المهم والذي يحدد مجموع الحياة الاجتماعية، فالحرية ليست قيمة في حد ذاتها لكنها ترتبط بحياة الإنسان الاجتماعية وتحقيق هذه الحرية يتم من خلال إزالة الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج وبالشكل الذي يتيح للفرد التأثير في مجمل مظاهر الوجود الاجتماعي فالحرية تنشأ في إطار المضمون الاجتماعي والاقتصادي للتنظيم الاشتراكي ويترتب على النظرة المتقدمة ان المعنى المتقدم للحقوق طبقاً للماركسية لا يمكن ان يقوم إلا في ظل السلطة الاشتراكية.(65)
والحقيقة ان الماركسية قد أوحت الى النظام الرأسمالي بضرورة مراعاة الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، وهذا ما تم فعلاً حتى في المجتمعات الغربية لكن في مرحلة لاحقة وبأسلوب مختلف.(66)
المبحث الثاني
حقوق الإنسان في شرعات وإعلانات الحقوق والثورات والدساتير
لم تكن الحقوق والحريات التي حصلت عليها الشعوب وليدة منحة من الملوك لكنها كانت نتيجة لانتفاضات وثورات قامت ضد الملوك أصحاب السلطان المطلق تم من خلالها تقييد هذا السلطان بصورة تدريجية وسيكون من المناسب التعرض لتطور مسعى الشعوب في المطالبة بحقوقها وحرياتها في أشهر البلدان التي شهدت تطورات بهذا الخصوص وهي إنكلترا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا.
المطلب الأول
إنكلترا
يميل الشعب الإنكليزي إلى التطور البطيء نظراً لطبيعة المحافظة ونتيجة لذلك يلاحظ ان الوثائق الدستورية في هذا البلد انما كانت عبارة عن ترديد وإحالة من جانبها إلى الحقوق والحريات التي يتمتع بها الإنكليز سابقاً.(67)
وفي ضوء تعريف العميد هوريو لفكرة الدستور الاجتماعي المقصود به (مجموعة القواعد التي تعلن وتؤكد تأسيس الحياة الاجتماعية، وتبين أنواع الحريات العامة التي يحرص المجتمع عليها وبالتالي تحدد علاقة المواطن بالدولة، فالدستور الاجتماعي يمس حياة كل فرد ويؤثر في سعادته الشخصية ويحظى باهتمام كل فرد يعيش في المجتمع) ومسلك الشعب البريطاني يبرز اهتمامه بفكرة الدستور الاجتماعي إذ حرص هذا الشعب على تدوين الدستور الاجتماعي في وثائق تاريخية عبرت أهمها عن قدرة هذا الشعب في مراحل مختلفة من تاريخه على انتزاع حقوقه من الملوك أصحاب السلطات المطلقة حيثما سمحت الظروف بذلك، ومن أهم هذه الوثائق يمكن الإشارة إلى المواثيق الآتية:
الفرع الأول- العهد الأعظم 1215
من أقدم الوثائق التي ثبتت مجموعة من الحريات وارتبطت بالنزاع الذي نشب بين الملك جون والأشراف نتيجة قيام الملك بفرض الضرائب التعسفية وزج خصومه في السجن دون سبب مشروع مما أدى إلى ثورة الأشراف والقبض عليه حيث ألزم بتوقيع هذه الوثيقة المكتوبة وتم تجديد وتأييد العمل بما ورد فيها في الأعوام 1216، 1217، 1225، 1297 مع إدخال بعض التعديلات، وأهم نصين جاء بهما العهد الأعظم هما نص المادة (39) التي أكدت على عدم جواز القبض على شخص أو حبسه أو تجريده من حريته أو حرمانه من حماية القانون أو نفيه إلا بحكم قضائي صادر عن المحلفين طبقاً للقانون، أما نص المادة (40) فقد جاءت على لسان الملك ومضمونها (لن نرفض أو نتعصب أو نتساهل في تطبيق القانون وإيفاء العدالة).
ان قيمة هذه الوثيقة مستمدة من تسجيلها لمبدأ خضوع الملك لحكم القانون وان مقاومة استبداده لا يعتبر عملاً غير مشروع فضلاً عن ضرورة أخذ موافقة دافعي الضرائب عن أية ضريبة يراد فرضها.(68)
الفرع الثاني- عريضة الحقوق 1628
أصبح وجود ممثلين لعامة الشعب في البرلمان إلى جانب الإشراف مقرراً منذ سنة 1311 وبذلك أصبح لدى البرلمان سلاح يشهره بوجه الملك عند مساسه بحريات الشعب ألا وهو الامتناع عن الموافقة على ما يحتاج الملك إلى جبايته من الضرائب.(69)
وقد صدرت عريضة الحقوق بتاريخ 7 حزيران 1628 بعد صراع بين الملك شارل الأول (1625-1649) والبرلمان، إذ اشترط البرلمان لقاء موافقته على المال الذي طُلب من جانب شارل الأول لتمويل حربه ضد اسبانيا ان يوافق على مضمون عريضة الحقوق التي تضمنت مجموعة من الحقوق والحريات الخاصة بالمواطنين وقد قبل الملك بهذا العرض، غير ان النزاع تجدد بين الطرفين بخصوص إمكانية قيام الملك بفرض الضرائب مما أدى إلى اتهامه بجريمة خيانة حقوق الشعب وحرياته وانتهى الأمر بإلقاء القبض عليه ومحاكمته أمام البرلمان الذي قضى بإعدامه.(70)
وأهم البنود التي تضمنتها هذه الوثيقة هي:
1. عدم قيام الملك بطلب الهبات والقروض الإجبارية.
2. عدم قيامه بسجن أي شخص إلا بتهمة حقيقية محددة.
3. عدم إعلان الأحكام العرفية وقت السلم.
4. احترام الحرية الشخصية.
5. عدم فرض ضرائب جديدة إلا بموافقة البرلمان.(71)
الفرع الثالث- إعلان الحقوق أو قائمة الحقوق 1689
وثيقة إنكليزية مهمة أقرت من جانب البرلمان في شباط 1689 انتهت بها سلطة الملوك المطلقة إذ أعلن أعضاء البرلمان (من أجل اقرار وتأكيد حقوقهم وحرياتهم القديمة) بطلان سلطة الملك المزعومة في تعطيل القوانين أو عدم العمل بها أو الاستغناء عنها دون موافقة البرلمان، وإبطال العمل بالمحاكم الاستثنائية وعدم مشروعية جباية الملك للضرائب بدون موافقة البرلمان، وان من حق أفراد الشعب تقديم العرائض والتظلمات إلى الملك دون جواز تعرضهم للعقاب من أجل ذلك، وان الانتخابات البرلمانية يجب ان تكون حرة، وعدم عرقلة حرية الرأي والمناقشة وكافة الإجراءات ووجوب مراعاة العدالة وعدم الافراط في العقوبات والغرامات والرسوم التي تقتضى من الأفراد، وبهذه الوثيقة أرسيت دعائم الحرية الفردية في انكلترا(72) إذ يعتبر اعلان الحقوق في نظر الفقهاء الانكليز دستور انكلترا الحديث.
والحقيقة ان المناسبة التي دعت البرلمان إلى إصدار هذه الوثيقة كانت قد ارتبطت بدعوة الشعب الانكليزي للملك وليم أوف اورانج وزوجته ماري لتبؤ العرش بعد تنازل الملك جاك الثاني عنه حيث رأى البرلمان ان هذه مناسبة لتحديد الروابط بين الملك والشعب وتأكيد حقوق الأفراد.(73)
الفرع الرابع- قانون الحرية الشخصية أو الهابياس كوربوس (عليك ان تخطر جده)
هي الوثيقة الرابعة التي وفرت ضمانة أساسية لحماية الحرية الشخصية من تعسف السلطة إذ صدرت عام 1679 وعدلت عام 1816 وبموجبها منع اعتقال أي شخص دون مذكرة قانونية، ومن حق الموقوف طلب إعادة النظر في توقيفه كما يلتزم القضاء بالتعامل مع الموقوف بحسن نية (لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص) وقد اقتصر تطبيق هذا القانون عند صدوره عام 1679 على المواد الجنائية ثم امتد بعد التعديل الذي جرى عليه عام 1816 إلى المواد الأخرى أي لو كان الاعتقال لسبب آخر عدا ارتكاب جريمة.(74)
الفرع الخامس- السمات المشتركة لوثائق الحقوق الإنكليزية
1. لا تتطرق هذه الوثائق عند تثبيتها لمجموعة الحقوق التي تجيء بها لأية تبريرات فلسفية أو نظرية لكنها فقط تسجل على الملك مجموعة من التجاوزات والإساءات التي تعددها هذه الوثائق حصراً وتطلب من الملك أو السلطات الإقرار بعدم العودة إلى إتيانها لأنها لا تنسجم مع الحريات وعادات المملكة ويرضخ الملك لهذه المطالب تحت تأثير الظروف بتوقيعه للوثيقة التي تقدم إليه.
2. ان هذه الوثائق ذات صبغة إنكليزية بحته حيث لا تتوجه بخطابها إلى شعوب أخرى، وهذا ما تختلف فيه هذه الوثائق عن إعلانات الحقوق التي صدرت بعد الثورة الفرنسية في فرنسا.
3. تتجه الوثائق الإنكليزية إلى تقييد سلطات الملك دون البرلمان إذ ان الشعب الإنكليزي يعتبر ان البرلمان يمثله، ومن ثم فهو لا يفكر في اتخاذ أي تدبير يحد به من سلطاته المطلقة وهذه ميزة أساسية تميز الوثائق الدستورية الإنكليزية عن مثيلاتها في أمريكا وفرنسا، كما لا يعرف القانون العام الإنكليزي التفرقة المقررة بين القاعدة القانونية الدستورية والقاعدة القانونية العادية وما تقتضيه هذه التفرقة من علوية القاعدة الدستورية على القاعدة القانونية العادية، ولهذا السبب يقال في إنكلترا ان البرلمان يستطيع عمل كل شيء إلا تحويل الرجل إلى امرأة.
4. تعد هذه الوثائق نصوصاً تشريعية يجوز للأفراد التمسك والاحتجاج بها أمام القضاء لإلزام الإدارة بمضمونها.
5. تعد هذه الوثائق وكذلك الحال مع الوثائق الأمريكية التي تضمنت حقوق المواطنين من أكثر الوثائق المحترمة من جانب الجهات التي أصدرتها ذلك ان البرلمان مع سلطاته الواسعة لا يمس بهذه الحقوق بسبب التقاليد المعمول بها في إنكلترا أو نظام المجلسين كما ان أي حزب يمس بهذه الحريات سيجد نفسه قد خسر الانتخابات إذ ان الشعب الإنكليزي لا يقبل أي مساس بحرياته فضلاً عن أهمية وجود صحافة حرة كما يلعب القضاء الإنكليزي دوراً مهماً في المحافظة على هذه الحقوق والحريات.(75)
المطلب الثاني
الولايات المتحدة الأمريكية
تعد آراء توماس جفرسون الأساس الفكري للديمقراطية في أمريكا فالديمقراطية عند جفرسون عبارة عن وسيلة لبلوغ غاية تتمثل في حرية الإنسان، ويمكن الإشارة إلى بعض الشرعات وإعلانات الحقوق الأمريكية للتعرف على مضامينها وهي:
الفرع الأول- دستور أو شرعة فرجينيا
يكتسب هذا الدستور الصادر بتاريخ 12 حزيران 1776 أهمية خاصة في ميدان الحقوق الفردية فهو أول دستور تضمن اعلاناً معتبراً لحقوق الإنسان إذ تضمنت نصوصه تعداداً لغالبية الحقوق الفردية التي أقرت بها مدرسة الحقوق الطبيعية حيث يشير إلى (ان الأفراد بحسب الطبيعة، متساوون في الحرية والاستقلال، ولهم حقوق معينة لصيقة بهم لا يملكون عند دخولهم إلى حالة الاجتماع ان يحرموا بأية صورة من صور العقود ومن هذه الحقوق على الأخص الاستفادة من الحياة والحرية ووسائل اكتساب الملكية وكذلك تقصي السعادة والأمن والحصول عليهما) كما أشار هذا الدستور إلى ان الشعب مصدر السلطات، وعلى حرية الانتخابات، وعلى ضرورة ان تتم المحاكمة أمام قاضٍ حسن النية، وعلى حرية الصحافة، وعلى عدم جواز حرمان الفرد من حريته أو حياته إلا طبقاً للقانون وبعد محاكمة يتوافر فيها عنصر المحلفين، وعلى حرية كل فرد في التعبير عن آرائه على ان يتحمل مسؤولية إساءة هذه الحرية.
والحقيقة ان دستور فرجينيا قد عد النموذج الذي سارت عليه الدويلات الأمريكية الأخرى التي تضمنت دساتيرها نصوصاً مماثلة.(76)
الفرع الثاني- إعلان الاستقلال 1776
جاء هذا الإعلان بعد الثورة الأمريكية حيث عهد الكونغرس بوضعه إلى لجنة مكونة من خمسة أشخاص بينهم جون آدمز وبنيامين فرانكلين وتوماس جيفرسون الذي كان له الأثر الكبير في وضع هذا الإعلان، ومن قراءة الإعلان يلاحظ انه مليء بالأفكار المعبرة عن نظرية الحقوق الطبيعية والعقد الاجتماعي إذ قرر المساواة والإقرار بفكرة وجود حقوق غير قابلة للتخلي عنها في الحياة والحرية فضلاً عن تثبيت الحق للمحكومين في مقاومة الطغيان.(77)
إذ ان إعلان الاستقلال قد بيّن الأسباب التي دعت الشعب الأمريكي إلى الثورة مع التصريح بحقوقه السياسية المقدسة.(78)
فقد ورد في ديباجة الإعلان (اننا نعتبر الحقائق الآتية أمراً واضحاً من تلقاء نفسه، فان الناس كافة قد خلقوا متساوين، وان الخالق قد حباهم بحقوق مؤكدة غير قابلة للتخلي عنها، ومن ضمن هذه الحقوق، الحياة والحرية وتقصي السعادة، ولضمان هذه الحقوق شيدت الحكومات التي تستمد سلطتها المشروعة من رضاء المحكومين، فإذا أصبحت حكومة ما، مهما كان الشكل الذي تتخذه، هدامة لتلك الأغراض كان من حق الشعب ان يعدلها أو يلغيها، وان يقيم محلها حكومة جديدة.(79)
الفرع الثالث- السمات المشتركة لإعلانات الحقوق الأمريكية
يمكن إجمال السمات المشتركة لإعلانات الحقوق الأمريكية ودساتير الولايات التي صدرت بعد نجاح الثورة الأمريكية بالآتي:
1. تمثل الدساتير الأمريكية الحالة الأولى التي عرف فيها التاريخ الدستوري دساتير مكتوبة ملزمة أما قبل ذلك فقد اقتصر الأمر على مجرد مجموعة قواعد عرفية أو تشريعات في مسائل معينة كانت تسمى القوانين الأساسية للمملكة.
2. قامت إعلانات الحقوق الأمريكية على أسس فلسفية وتبريرات عقائدية هي نظرية الحقوق الطبيعية للأفراد إذ رأى واضعوا تلك الإعلانات كما فعل جفرسون في إعلان الاستقلال الأمريكي الصادر عام 1776 ان لا تقتصر الإعلانات على مجرد تعداد للحريات الفردية بل اهتموا ببيان الأساس الفلسفي بها.
3. وجهت إعلانات الحقوق الأمريكية إلى الأمريكيين فقط حالها حال إعلانات الحقوق الإنكليزية، وهذا عكس ما ذهبت إليه إعلانات الحقوق الفرنسية بعد هذا التاريخ.
4. قيدت إعلانات الحقوق الأمريكية سلطات الدولة التنفيذية والتشريعية تجاه الأفراد وهذا تقدم يسجل لصالحها في مواجهة إعلانات الحقوق الإنكليزية التي حدت من سلطات السلطة التنفيذية، وتعد الإعلانات الأمريكية المحاولة الأولى لتسجيل حقوق الأفراد في وثيقة دستورية وضمانها ضد استبداد الأغلبية البرلمانية لا ضد استبداد الملوك فقط، فهي ترفض ان الشعب هو صاحب السيادة المطلقة التي لا ضابط لها لكنها تؤكد بان الشعب رغم كونه صاحب السيادة فهو يخضع لقاعدة قانونية عليا مضمونها ضمان حقوق الإنسان.
5. اعتبرت إعلانات الحقوق الأمريكية قواعد قانونية ملزمة، ومن ثم فان لأي مواطن أمريكي الحق بالتمسك بها أمام القضاء فهي قواعد دستورية تعلو التشريعات العادية ولذا يمكن الطعن بأي قانون عادي يخالف هذه الإعلانات وما جاءت به من حقوق ثبتت بواسطتها لمصلحة الأفراد.(80)
الفرع الرابع- الدستور الاتحادي 1787
أقر الدستور الاتحادي الأمريكي عام 1787 الذي وضعه ماديسن بعد ان اجتمع ممثلوا الولايات المنفصلة عن إنجلترا في مؤتمر فيلادليفيا وأقروا بتاريخ 17 ايلول 1787 استبدال ميثاق التعاهد القديم بدستور جديد باستثناء ولاية رود آيلاند التي لم تلتحق بالاتحاد إلا في سنة 1799، ولا يحتوي هذا الدستور اعلاناً لحقوق الأفراد إلا انه احتوى بضعة نصوص تتعلق بضمانات الحرية الفردية فقد سجلت المادة الأولى في فقرتها التاسعة ضرورة الهابياس كوربوس وعدم جواز سريان القوانين على الماضي، ونص على ضرورة توزيع الأعباء الضريبية تبعاً لقدرة المكلفين، وعلى عدم جواز إنفاق المال العام في غير الأغراض المحددة طبقاً للقانون، وعلى عدم منح الألقاب.(81)
وفي 25 أيلول 1789 تبنى الكونغرس الأمريكي دفعة واحدة عشرة تعديلات أقرت وفاءً لوعد قطع لبعض الولايات القلقة على استقلالها وحريات مواطنيها وقد أصبحت هذه التعديلات نافذة في 15 كانون الأول 1791 وفقاً للمادة الخامسة من الدستور وهذه التعديلات تتعلق ثمانية منها بضمانات الحقوق الشخصية والملكية الفردية والاثنان الأخيران بحقوق الدول في أمورها الداخلية.(82)
وقد نصت هذه التعديلات على انه ليس لمجلس الشيوخ سن قوانين تفرض اتباع دين معين، أو تمنع حرية النقد حديثاً أو كتابة أو تحد من حرية الصحافة أو تمنع أفراد الشعب من التجمع بهدف التعبير عن المطالبة بحقوقهم كما حظر على مجلس الشيوخ سن قانون يمنع المواطنين من حمل السلاح أو شرائه أو بيعه، كما لا يحق لممثلي الدولة دخول أحد بيوت المواطنين دون موافقته كما لا يحق للدولة البحث عن أوراق أو ممتلكات المواطنين و