الجامعة العربية المفتوحة في الدانمارك: واقع متطور وآفاق واعدة
:: الأستاذ الدكتور كاظم حبيب
الجامعة العربية المفتوحة في الدانمرك: واقع متطور وآفاق واعدة
لم تمض فترة طويلة على إعلان فكرة تأسيس الجامعة العربية المفتوحة, إذ أن التفكير بها قبل الإعلان عنها كان قبل ذاك بكثير من قبل رئيس الجامعة الأخ الأستاذ الدكتور وليد ناجي الحيالي وصحبه الكرام, حتى تبلورت خمس حقائق جوهرية, وهي:
1. هناك حاجة فعلية ماسة لدى العراقيات والعراقيين ولدى مواطنات ومواطنين عرب من بلدان أخرى أو من الناطقات والناطقين بالعربية من كرد وتركمان وكلدأشوريين أو غيرهم من مختلف الأعمار إلى مثل هذه الجامعة المفتوحة للاستفادة منها للتزود بالمعرفة وحقهم في الحصول على شهادة عالية تساعدهم في الحصول على فرصة عمل أفضل وحياة أفضل ويقدمون خدمة لمجتمعهم وشعبهم بصورة أفضل.
2. هناك طاقات وكفاءات علمية عراقية مستعدة لتقديم الدعم الكامل لهذه الجامعة دون التفكير بالجانب المالي, إذ يهمها أولاً وقبل كل شيء توفير الفرصة المناسبة لهذه الجامعة الناشئة على تقديم الأفضل للدارسات والدارسين فيها. وجاء الإقبال عليها تطوعاً من مستويات علمية متقدمة, أساتذة وأساتذة مساعدين ومدرسين وأصحاب خبرة طويلة في مختلف الاختصاصات من العراق ومن الخارج.
3. وهناك إحساس في العراق وفي المنطقة, ومنها الدول العربية, أن مثل هذه الجامعة سوف تحتل مكانة مناسبة ومرموقة في عالم الجامعات في أوروبا وستكون لها سلسلة من المراكز العلمية والبحث العلمي في مختلف العواصم الأوروبية بعد أن تثبت مواقعها الأساسية, وأنها ستكون عوناً للجامعات في الدول العربية بعد أن تحصل على الدعم منها حالياً وفي فترة التأسيس التي تستوجبها عملية الإنشاء والبناء.
4. إن الأساتذة الذين ينخرطون في التدريس في الجامعة العربية المفتوحة في الدانمرك هم قريبون جداً من مصادر البحث العلمي الأكثر حداثة وتقدماً, وبالتالي في مقدورهم تزويد الطلبة بأحدث المعارف والعلوم والمعلومات والكتب والملازم المفيدة التي يمكن أن تستفيد منها الجامعات العربية, خاصة وأن العاملين فيها سيكونون من خيرة أساتذة الفروع الإنسانية التي تقرر تدريسها في الجامعة المفتوحة.
5. والأهمية البالغة لهذه الجامعة تبرز أيضاً في أنها ستسعى إلى تأسيس معاهد أخرى لتدريس الطلبة لا للحصول على شهادات عالية ابتداءً من البكالوريوس وانتهاءً بالدكتوراه فحسب, بل وستفسح في المجال للراغبين في دراسة مهنية لخريجي الدراسة المتوسطة أو الذين لم يتسن لهم الحصول على شهادة البكالوريا (السادس إعدادي) في حالة توفر الضرورة لذلك.
ومن باب تحصيل حاصل نقول بأن الجامعة ستحافظ على التقاليد الديمقراطية والحضارية التي تمارس في أوروبا وعلى النهج الأكاديمي الديمقراطي في التعليم وفي انتخاب رئيس الجامعة ونوابه وأعضاء المجلس العلمي وعمداء الكليات ورؤساء الأقسام في ضوء مستوياتهم العلمية وخبراتهم التعليمية وأبحاثهم العلمية المنشورة.
إن الإقبال الراهن على التسجيل للجامعة جيد ويبشر بالخير للجامعة وللطلبة في أوروبا وفي مناطق أخرى من العالم. مع ذلك فالجامعة بحاجة إلى مزيد من الجهد الإعلامي للوصول إلى الناس الذين يرغبون فعلاً في التعليم ولكن لا يعرفون شيئاً عن هذه الجامعة الجديدة إذ لم تستطع الجامعة الوصول إليهم حتى الآن وهو أمر مفهوم بحكم عمرها.
ومن المفيد الإشارة إلى أن الحكومة الدانمركية أدركت بحس سليم أهمية هذه الجامعة وأهمية كونها في العاصمة الدانمركية, لهذا سارعت إلى تسجيلها والبدء في التنسيق معها لعقد مؤتمر علمي في خريف هذا العام وفي كوبنهاكن حول دور الكفاءات العلمية في إعادة بناء العراق الجديد.
أرى ومنذ الآن الأفق المشرق لهذه الجامعة الفتية ولدورها في الحياة العلمية للجالية العراقية والعربية في الخارج, كما أتوقع بأن التسجيل في هذه الجامعة وفي مختلف مراحل الدراسة العليا سوف لن يقتصر على الطلبة الموجودين في أوروبا أو في مناطق أخرى من العالم, بل سيشمل طلبة من الدول العربية ومن العراق بالذات, إذ أن الإمكانية لاستيعابهم متوفرة وزخم الأساتذة الممتازين الراغبين في الانخراط بالهيئة التدريسية للجامعة مشجع للغاية, إضافة إلى عدم الأخذ مستويات العمر بنظر الاعتبار.
أملي أن تصبح هذه الجامعة المفتوحة مركز إشعاع علمي إنساني وحضاري وديمقراطي متقدم, وواقعها الراهن يشير إلى هذا الأفق الوضاء. إن الجهود التي يبذلها مجلس الجامعة يدل على حرص كبير على تأمين أفضل الظروف لتنمية وتطوير الكفاءات العلمية.
أملي أن تتبنى المؤسسات العلمية العراقية وغير العراقية هذه الجامعة المفتوحة وتقدم لها الدعم والتأييد والمساندة العلمية الضرورية لتصبح منارة مشعة تجسد التراث الحضاري العريق للعراق رغم انقطاعه الطويل.
برلين في 15/7/2005 كاظم حبيب