مساهمة د. عبدالوهاب رشيد نائب رئيس الأكاديمية العربية المفتوحة في ندوة "دولة الرفاهية الاجتماعية" بمصر
::ندوة “دولة الرفاهية الاجتماعية”
28-30 تشرين الثاني/ نوفمبر 2005
الإسكندرية- جمهورية مصر العربية
“عرض موجز”
د. عبدالوهاب حميد رشيد
بدعوة من مركز دراسات الوحدة العربية- بيروت والمعهد السويدي- الإسكندرية، انعقدت ندوة “دولة الرفاهية الاجتماعية” في الإسكندرية خلال الأيام 28-30/11/2005، وحضرها جمع من الخبراء العرب وعدد من الخبراء السويديين، ساهموا جميعا بنشاط في فعاليات الندوة. تضمن برنامج الندوة عشرين ورقة بحثية مع التعقيبات التي وردت عليها. امتدت فترة الندوة يومين ونصف اليوم على أساس جلستين صباحاً (أربعة أبحاث) ومثلها بعد الظهر، بينما اقتصر اليوم الثالث والأخير على الفترة الصباحية.
شملت بحوث الندوة الموضوعات التالية: البحث الأول- البنية الفكرية لمفهوم دولة الرفاهية: د. علي قادري- تعقيب د. محمود عبدالفضيل.. البحث الثاني- تاريخ نشوء وتطور دولة الرفاهية الاجتماعية بالعلاقة مع التحولات البنيوية في اقتصاديات الدول المتقدمة صناعياً: د. محمد دويدار (و) د. دلال عبدالهادي- تعقيب د. فؤاد نهرا.. البحث الثالث- النمط الليبرالي الأنجلوسكسوني وتطبيقاته- دراسة مقارنة بين الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا: د. عاطف قبرصي- تعقيب د. معتز عبدالفتاح.. البحث الرابع- النموذج التعاوني- دراسة مقارنة: النموذج الدولوي الفرنسي والنموذج التعاوني الألماني: د. فؤاد نهرا- تعقيب د. علي القادري.. البحث الخامس- النموذج الاجتماعي الديمقراطي- دراسة مقارنة بين السويد والنرويج والدانمارك وفنلندا: د. هادي حسن- تعقيب أ. يحيى أبو زكريا.. البحث السادس- النموذج الاشتراكي والنموذج الاشتراكي المتحول: د ناصر عبيد الناصر.. البحث السابع- نماذج مختارة من الدول الآسيوية: كوريا الجنوبية، ماليزيا، الصين: د. طاهر كنعان (و) د. مي حناينة- تعقيب د. محمود عبدالفضيل.. البحث الثامن- العولمة ودولة الرفاهية الاجتماعية في الدول المتقدمة صناعياً والدول النامية: د. منير الحمش- تعقيب د. فهد بن عبدالرحمن آل ثاني.. البحث التاسع- التجربة السويدية في الرفاهية الاجتماعية: نشوئها وتطورها: أ. أولا كودمندسون (و) أ. يحيى أبو زكريا.. البحث العاشر- أوضاع الأقطار النفطية وغير النفطية: د. زياد الحافظ- تعقيب د. مصطفى التير.. البحث الحادي عشر- تداعيات الزيادة السكانية في الوطن العربي وتأثيره على آليات الرفاهية الاجتماعية: د. محمد إبراهيم منصور.. البحث الثاني عشر- فعالية مؤسسات المجتمع المدني وتأثيره على بلورة سياسة إنفاق للخدمات الاجتماعية-: د. هويدا عدلي- تعقيب د. صباح ياسين.. البحث الثالث عشر- نظام مجتمع التكافل الذي أوجده الإسلام والذي يحاول منافسة دولة الرفاهية ضمن إمكانات محدودة: د. يوسف خليفة اليوسف- تعقيب د. علي محافظة.. البحث الرابع عشر- التجارب الاشتراكية في سوريا وآثار تحولها إلى سياسات السوق وأثر العولمة وإعادة الهيكلة: د. عدنان شومان- تعقيب د. عبدالغني عماد.. السابع عشر- التجارب الاشتراكية في الجزائر وآثار تحولها إلى سياسات السوق وأثر العولمة وإعادة الهيكلة: أ. يحيى أبو زكريا.. البحث السادس عشر- التجارب الاشتراكية في مصر وآثار تحولها إلى سياسات السوق وأثر العولمة وإعادة الهيكلة : د. أحمد السيد النجار- تعقيب د. محمد السيد سعيد.. البحث الخامس عشر- التجارب الاشتراكية في العراق وآثار تحولها إلى سياسات السوق وأثر العولمة وإعادة الهيكلة: د. سالم توفيق النجفي- تعقيب د. عبدالوهاب حميد رشيد.. البحث التاسع عشر- نموذج الدول محدودة الموارد ومحاولة تحقيق الرفاهية الاجتماعية- تونس: د. عبدالفتاح العموص- تعقيب د. عمر البوبكري.. البحث العشرون- نموذج الدول النفطية وليبيا في تحقيق الرفاهية الاجتماعية وأهم التحولات المعاصرة وأثرها على هذا التوجه.* وأخيراً ختمت الندوة أعمالها بحلقة نقاشية عن مدى الملائمة والاستفادة عربياً من التجارب التي تناولتها.
ناقشت الندوة مختلف جوانب دولة الرفاهية، تتقدمها تلك المفاهيمية وإشكالية المصطلح: دولة الرفاه، دولة الرعاية، دولة الخدمات.. مع تحفظات على لفظة دولة الرفاهية لأن لها مدلولات قد لا تتواجد في البلدان العربية. والتطور التاريخي لهذا المفهوم، بالإضافة إلى التطورات التاريخية لتطبيقاتها، وكذلك المقارنة بين دولة الرفاهية ودولة الريع، والعلاقة بين دولة الرفاهية وبين مرحلة تطورها الاقتصادي، وأيضاً تطورات دولة الرفاهية في عصر العولمة.
جوهر العولمة في جانبها الاقتصادي هو الليبرالية الجديدة، إزالة الحدود الدولية أمام التبادل التجاري والاندماج في الاقتصاد العالمي، خضوع العالم لقوى السوق الدولية، اختراق الحدود القومية، تعاظم دور الشركات الدولية. الدعوة لإنهاء تدخل الدولة بشكل كامل لتجسد التجليات الثقافية والاجتماعية للعولمة. كما اقترنت بالعولمة ظاهرتان: العسكرة وصناعة السلاح، وذلك في سياق تشجيع العسكرة والحروب، ليشكلا أهم ضمان اقتصادي في مواجهة الضمانات الاجتماعية. مساهمة آليات العولمة في توسيع فرص الأغنياء على حساب الفقراء، أي المزيد من الاستقطاب والتهميش وتصاعد التباينات الاجتماعية محلياً وعالمياً. تعاظم توجيه الموارد من الدول المتخلفة نحو مصادر تصنيعها، وغياب العلاقة بين العولمة وبين الديمقراطية.
وفي مجال مناقشة التجربة السويدية تم التركيز، ضمن أمور أخرى، على جانب التعليم كمسألة بالغة الأهمية في السويد. وهنا درس مهم يتطلب الاستفادة منه على أساس ديمقراطية التعليم، وفي سياق بناء التعليم وتوسيعه وفق أسس علمية منهجية بعيدة عن التسييس والقيود والمحرمات.
لا تنطلق مسألة الرفاهية من الفقر وكأنه أساس المشكلة، بل المطلوب أولاً بناء الدولة المؤسسية الحديثة والتي تواجه في بلادنا العربية مشكلات بنيوية في هذا المجال: غياب العقد السياسي، عدم الربط بين العقد السياسي والعقد الاجتماعي، انتشار ظاهرة الفساد بشكل واسع بحيث تبتلع 20%-40% من الناتج المحلي, ضعف مشاركة الطبقات الشعبية في العملية السياسية- الاقتصادية، الفصل بين تنظيم المجتمع وبين إدارة الاقتصاد، ضعف قدرة التوجه القطري على المنافسة، التركيز على توفير المال دون الاهتمام بتفعيل الإنتاجية، توفر 1400-3000 مليار دولار عربي في الخارج.
استخدام الريع في البلدان العربية النفطية، بخاصة الخليجية، لمنع قيام وتأسيس الدولة الحديثة، بشراء الذمم وبناء الإنسان المستهلك الخانع للسلطة، الفاقد لذاته وفكره وشخصيته. وتقديم مدفوعات وامتيازات على شكل هبات لا على أساس حقوق، وفي سياق التمايز حسب درجة الخنوع للسلطة الحاكمة، وتقديم الهبات لإنشاء مجموعات سياسية تعتمد على السلطة، أي غير قادرة على تمشية ذاتها وبناء شخصيتها، وذلك ارتباطاً بتبعيتها للعائلة الحاكمة.
الاعتراض على لفظة “الاشتراكية”.. البديل المقترح: النماذج الاقتصادية.. الاشتراكية في البلدان العربية المعنية قامت عموماً بفعل التأثير السياسي وأولويته، أي توجه سياسي بالارتباط مع العلاقات السياسية بين هذه البلدان وبين الدول الاشتراكية.. الاشتراكية لم تأت دفعة واحدة بل في سياق تطورات الواقع وبشكل متدرج.. التراجع في هذا المجال باتجاه الليبرالية الجديدة رافقته تصاعد إذعان هذه الدول للإملاءات الأمريكية وتعاظم سيطرتها على الموارد العربية، كما في تحكمها بنفط الخليج. وتشير معلومات حديثة إلى أن الاحتكارات الأمريكية اقتطعت لنفسها حق امتلاك أكثر من 60% من الأرباح النفطية في العراق، ومضاعفة الإنتاج من أجل نقل احتياط النفط إلى الولايات المتحدة.
هناك اتجاهين يتصارع كل منهما لجذب المجتمع المدني إلى جانبه في سياق العولمة: اتجاه خارجي ممثلاً بالشركات الاحتكارية الدولية (المتعدية الجنسية/ العابرة للحدود) مدعومة من دولها، مقابل الضغط باتجاه تقزيم دور الدولة وحصرها في حماية وتثبيت دور الشركات الأجنبية وبالارتباط مع رعاية ودعم المجتمع المدني.. واتجاه داخلي يقوم على القاعدة الشعبية الممثلة للمجتمع المدني الذي يشكل الحاجز الأخير للدفاع عن الحقوق الوطنية.. والمستقبل لا يضمن، دون عناء، الحفاظ على وطنية المجتمع المدني. من هنا ضرورة الاهتمام بمواصلة دراسة منظمات المجتمع المدني في الوطن العربي وعقد الندوات المتخصصة لمتابعة تطوراتها والبحث المستمر عن الطرق العملية المؤدية للحفاظ على معدنها الشعبي بعيداً عن المؤثرات الخارجية.
ممممممممممممممممممـ
* هناك حالة عدم انتظام تسلسل أرقام البحوث، وردت في برنامج الندوة واستمرت في أوراق يوميات الاجتماع ، وبالذات بعد البحث الرابع عشر، وكذلك عدم تطابق مجموع عدد البحوث.