اتجاهات إعلامية معاصرة 4
الفصل الرابع
الصحافة الإلكترونية
E-JOURNALISM
تعود تسمية الصحف إلى عصر ما قبل الطباعة،والصحف التي ورد ذكرها في القرآن الكريم،ربما تكون نوع من المخطوطات التي توثق بعض الأحداث والأخبار المهمة،في تلك الحقب التاريخية البعيدة،قبل نزول الكتب الإلهية المقدسة، وتعود فكرة الصحيفة أو الجريدة التي تنقل الأخبار، إلى تلك المحاولات القديمة للتواصل بين الحكام والشعوب، من خلال البيانات والوثائق الحائطية المخطوطة،حيث تختلف الآراء حول ظهور أول صحيفة في العالم،إذ يشير بعض الباحثين إلى أن جريدة(كين كان) الصينية، التي نشرت عام911 قبل الميلاد هي أقدم نوع بسيط من الصحافة،في حين يرى آخرون أن جريدة(الوقائع الرسمية) الرومانية الصادرة عام58 قبل الميلاد هي الأقدم،ومهما يكن فإن الصحف قد سبقت العديد من وسائل الاتصال المعروفة اليوم.
وقد كانت أوائل الصحف تصدر على شكل نشرات جدارية، أو كراسات للأخبار المنسوخة باليد،مثلما كانت في انجلترا، خلال القرن الثالث عشر، وانتشرت، بعد ذلك، في كل من إيطاليا وألمانيا، وعند اختراع الطباعة، في القرن الخامس عشر أحدثت قفزة هائلة،في ميدان الصحافة، حيث أصبح من السهل طبع ونشر عدد كبير من النسخ، في وقت قصير، ونفقات وجهود قليلة.(1)
يمكن أن يوصف عصر النهضة الصناعية،خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر بأنه عصر(الصحافة) المطبوعة،فقد ظلت الصحف والمجلات تمثل وسيلة الإعلام الأكثر تأثيراً طوال ما يزيد على قرنين، من الزمن،وقد ازدهرت صحافة الدوريات، التي تصدر في فترات زمنية منتظمة، يومية أو أسبوعية أو شهرية أو فصلية أو سنوية، وبأعداد متتالية، وتحت عنوان واحد، حيث يحمل كل عدد من الدورية عادة رقماً متسلسلاً، مكملاً للأعداد التي سبقته والتي تليه،ويضم كل عدد معلومات متنوعة،من مصادر مختلفة،وأقلام متعددة.
كان هذا النوع من الاتصال الإخباري،مرتبطاً بإيقاع الحياة الحضرية الصناعية، الذي يتسم بالسرعة والانتظام والتنوع،وإلى ذلك فإن الصحافة تمثل إشباعاً لرغبة أو حاجة إنسانية،في البحث عن المعلومات ومتابعة الأحداث الجارية والتواصل مع البيئة الاجتماعية،وهو ما كان الكتاب عاجزاً عن تحقيقه،من قبل، بيد أن ظهور الصحافة وانتشارها، لم يؤد إلى تراجع الكتب واندثارها،فقد شهدت الساحة الإعلامية تنافساً وتكاملاً بين هذين النوعين من التواصل المطبوع،كما توسعت المكتبات وتنوعت خدماتها، من أجل تصنيف وفهرسة وحفظ واستعمال الكم الهائل من المطبوعات.
وقد فرض العصر الإلكتروني على الصحافة ضرورة تغيير محتواها وشكلها وأساليبها،كما تغيرت عملية تصنيع ونشر الصحف، من خلال الاستفادة من الإمكانيات التي وفرتها التقنيات الجديدة، وعلى العموم يمكن تحديد خمس مراحل من التطور الصحفي:
1- الصحافة المطبوعة باستخدام الوسائل الميكانيكية التقليدية، وبخاصة طباعة الأوفسيت،وقد كانت سائدة إلى ما قبل نحو خمسين عاماً.
2- الصحافة الإذاعية والتلفزيونية، التي اعتمدت الصوت والصورة في تقديم الأخبار والتقارير والتحقيقات، وتدخل ضمنها شرائط الصوت المسجل (الكاسيت) والفيديو، وقد شكلت منافساً شديداً للصحافة المطبوعة.
3- الصحافة المطبوعة على الورق باستخدام تقنيات الحاسوب،وبخاصة في عمليات صف الحروف والتصميم ولإخراج،أو ما يسمى عمليات ما قبل الطبع،وتمثل محاولة للاندماج ضمن الفضاء الإلكتروني والاستفادة من معطياته، وملاحقة تطوراته المتسارعة.
4- الصحافة الإلكترونية المتوازية مع الصحافة التقليدية،أي أنها صحافة(إلكترونية+ورقية) ويعتمد هذا النوع على النشر الرقمي على شبكة الانترنيت،من خلال المواقع المتنوعة، حيث راحت الصحف والمجلات ودور النشر ومحطات الإذاعة والتلفزيون تتسابق نحو إنشاء المواقع الإلكترونية،إلى جانب استمرار تلك الوسائل المطبوعة والمسموعة والمرئية في تقديم خدماتها السابقة.
5- الصحافة الرقمية اللاورقية،التي تعتمد على النشر الإلكتروني المتكامل،والمتفاعل، حيث تقوم على بث رسائل الكترونية إلى جمهور غير محدد جغرافياً، بيد أنها تميل إلى التخصص في مخاطبة الفئات المتنوعة من الناس.
أولاً: التحول من الصحافة المطبوعة إلى الصحافة الإلكترونية:
عندما ظهرت الإذاعة في مطلع القرن الماضي، توقع صانعو الخبر المطبوع أن هذا الوسيط الإلكتروني قد يهدد صناعة الصحافة برمتها، وبخاصة بعد أن بدأت الإذاعة تنتشر، في دولة تصنع الخبر مثل أمريكا، انتشاراً كبيراً، وفي ظل هلامية القوانين الإعلامية التي كانت سائدة هناك،ظهرت عشرات،ثم مئات المحطات الإذاعية التي اجتاحت أمريكا من شمالها إلى جنوبها، آخذة بالتسابق فيما بينها على تقديم الخبر ” طازجاً ” حتى قبل أن يتمكن عمال المطابع من صفه وتجهيزه للطباعة.
وشيئا فشيئا بدأ نفوذ الراديو يضمحل، بعد أن كبر وأصبح له نافذة تنقل العالم إلى البيت بكبسة زر، ليس فقط بالألوان الثنائية السلبية التأثير، بل بالألوان الطبيعية، بينما الصحافة المكتوبة تراقب نتائج المعركة الإلكترونية بصمت وحذر!!
ظل التلفزيون طوال نحو نصف قرن يهيمن على الفضاء الإعلامي،وقد استطاع من خلال تقنية الأقمار الاصطناعية والبث الرقمي أن يخترق الحواجز السياسية والحدود الجغرافية،
وكانت حرب الخليج عام 1990 نقطة تحول كبيرة في تاريخ الإعلام وصناعة الخبر، فقد استطاع الإعلام المرئي أن ينقل صور الحرب وأهوالها، حتى إلى غرف النوم من خلال المواكبة المباشرة لها، ولحظة بلحظة.
هذه الحرب كانت حرب الفضاء بكل معنى الكلمة، وكان لمحطة CNNالأمريكية الإخبارية الدور الحاسم فيها، فقد كان مراسلوها يغطون تطورات الأحداث من عدة أماكن، وفي وقت واحد، الأمر الذي ما كانت لتحققه الصحافة المكتوبة، بنفس الدرجة من الزخم والحيوية والسرعة والتأثير.
لم تكن CNN مجرد قناة فضائية يصل بثها إلى العالم كله، عبر منظومة من الأقمار الاصطناعية، فقد كانت تمثل “الجيش الإعلامي” المواكب لجيوش التحالف والناطق الإعلامي باسمها، فاستحقت بذلك أن تكون نجم الحرب الذي أخفى بوهجه كل النجوم الأخرى.
فيما بعد، شهدت حقبة التسعينات، من القرن الماضي، ثورة تلفزيونية كبيرة، فقد ازدحم فضاء الكوكب الأزرق بالأقمار الاصطناعية التي تبث ملايين الساعات يوميا من مختلف المواد الإعلامية والإخبارية وغيرها، الأمر الذي مثل خطراً جديداً على الصحافة التقليدية.
حقبة التسعينات لم تشهد فقط ثورة الفضائيات، بل ثورة معلوماتية هائلة أتت عن طريق شبكة الإنترنت التي غزت العالم من أقصاه إلى أقصاه، محدثة انفجاراً معلوماتياً لم يشهد له العالم مثيلاً، هذا الانفجار احتوى من ضمن ما احتواه طبيعة وسائل الإعلام نفسها، من حيث الشكل والمضمون.
انتشار الإنترنت واكبه أيضا ظهور الصحافة الإلكترونية، فقد تطورت وبرزت، خلال فترة وجيزة، الكثير من الصحف التي ليس لها وجود في عالم الإعلام إلا من خلال هذه الشبكة، وعرفت بالصحف الإلكترونية.
مرة أخرى، شكل الأمر تهديداً لعرش صاحبة الجلالة( الصحافة) التي لم تقف موقف المتفرج، بل دخلت هي الأخرى غمار التجربة وصارت لها مواقع إلكترونية، بحيث أصبحت أغلب صحف العالم تصل إلى قرائها، ليس فقط عن طريق أكشاك البيع، بل عن طريق الإنترنت، وخاصة إلى هؤلاء القراء الذين لا يستطيعون قراءة جرائد معينة، بسبب تعذر وصولها إليهم لأسباب عدة.
ومرة أخرى تأتي الأزمات لتعطي للصحافة الوليدة بعداً أكبر، فقد فجرت الأزمة الأفغانية صراعا من نوع آخر بين الجرائد الإلكترونية، خاصة بعد أن استأثرت قناة (الجزيرة) القطرية بفضائيتها وبموقعها الإلكتروني ملايين المشاهدين والقراء على امتداد العالم.
ومثل الدور الذي لعبتهCNN في حرب الخليج الثانية،لعبت محطة (الجزيرة) دوراً يكاد يكون أكثر أهمية، فقد كانت وسيلة الإعلام الوحيدة التي سُمح لها بالبقاء في أفغانستان أثناء حكم حركة الطالبان، لتصبح وحدها – وبدون أي منافس- صاحبة الكلمة الفصل على الساحة الإعلامية طيلة أيام الأزمة والحرب، التي جاءت على خلفية أحداث 11 أيلول( سبتمبر) عام2001.
محطة(الجزيرة) لم تحقق السبق على مستوى الإعلام المتلفز فحسب، بل على صعيد الصحافة الإلكترونية نفسها، من خلال موقعها الذي شهد ملايين الزيارات خلال تلك الأزمة،مما حدا بكبريات الشركات الإعلامية الأمريكية محاولة سبق الإعلام العربي عن طريق تعريب مواقعها، مثلCNB ، وموقع MSN، وحتى موقع قناة CNN نفسها.(2)
ثم جاءت الحرب على العراق عام2003 لتصبح حرباً الكترونية، بكل معنى الكلمة، سواء على صعيد الأسلحة المستخدمة في القتال، أو فيما يتعلق بالتغطية الإعلامية الفورية الحية والمباشرة، عبر القنوات العربية والأجنبية.
اليوم يزدحم الفضاء بالمحطات الإذاعية والتلفازية والمواقع الإلكترونية على الإنترنيت،فضلاً عن الصحافة المطبوعة،في إطار سباق محموم على تقديم الخدمة الإعلامية والإخبارية للمتلقي،بطريقة سريعة ومؤثرة.
إن مواقع الصحف على الإنترنت يتوقع لها الاستمرار والتزايد بشكل متصاعد لأنها ستدرك مزايا الانترنت، مثل الانتشار في كل مكان في العالم، وسهولة الاستعمال والقدرة على عرض مزيج من النصوص والأصوات والصور، وإمكانية الوصول إلى القارئ المستهدف بشكل أكثر تحديداً، مع ميزة تفصيل المعلومات لكل قارئ،وكل ذلك يشكل إغراءً لزيادة دخل الصحيفة من الإعلان على الإنترنت، وستعمل المؤسسات الصحفية، التي لديها خبرة على جذب القارئ والمعلن، باتجاه تفعيل نشاطاتها الإعلامية والإعلانية جنباً إلى جنب.
ومن المتعارف عليه أن قارئ الصحيفة الورقية، ومستخدم الإنترنت ليس شخصاً واحداً، بل هما في الحقيقة مختلفان في كثير من الخصائص، ومنها الجنس والعمر ومستوى التعليم والغرض من قراءة الصحيفة، فقراء الصحف الإلكترونية، كما أثبتت الدراسات، يكونون عادة من بين الأصغر سناً، وهو ما يمكن استثماره في العرض الإعلامي.
ومن المهم القول أن بناء مواقع للصحف على الشبكة يتطلب تأسيس وحدة مستقلة، كما يقتضي وجود صحفيين على درجة عالية من المهارة والكفاءة والتدريب على مهارات متعددة مثل الكتابة بعدة وسائل، وفي الوقت نفسه، مثل كتابة خبر يتناسب مع وسائل الإعلام الجديدة، كالهاتف النقال وغيره من أجهزة النشر، وتطوير قدراته في استخدام الكاميرا الرقمية وإدارة الحوارات، لأن على الصحفي الإلكتروني أن يتحدث بلغة الصحافة الإلكترونية نفسها، ولا يعتمد على الورقة والقلم.(3)
ويمكن القول أن المجتمع العربي ما زال يتلمس الطريق بصعوبة، نحو العالم الإلكتروني،فقد أكدت دراسة علمية متخصصة، أن الصحافة العربية على شبكة الإنترنت وبرغم حضورها الكبير،في الأعوام الأخيرة‘ إلا أن ذلك لا يتماثل مع النمو الهائل للمطبوعات الإلكترونية عالميا، وخاصة فيما يتعلق بتناسب هذه الأرقام مع أعداد الصحف العربية، وعدد سكان الوطن العربي.
وأشارت الدراسة التي قام بإعدادها الدكتور فايز الشهري بمشاركة الباحث البريطاني باري فنتر من جامعة شيفيلد في لندن، إلى تواضع نسبة عدد مستخدمي الإنترنت العرب قياساً إلى العدد الإجمالي للسكان في الوطن العربي، مشيرة إلى وجود ضعف في البنية الأساسية لشبكات الاتصالات إضافة إلى بعض العوائق الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، ما أدى إلى تأخير في الاستفادة من خدمات شبكة الإنترنت، وأثرت بشكل رئيسي على سوق الصحافة الإلكترونية.
وبينت الدراسة أنه وفي ظل التحدي الذي جلبته شبكة الإنترنت، وظهور الأجيال الجديدة التي لا تقبل على الصحف المطبوعة، فإن الصحف العربية وجدت أنه من غير الممكن تجاهل شبكة الإنترنت، برغم غياب التخطيط ودراسات الجدوى، وعدم وضوح مستقبل الصحافة الإلكترونية أمام الناشرين العرب.
وركزت الدراسة على مدى مقروئية الصحف الإلكترونية العربية، بهدف توصيف وضع السوق العربي أمام هذه المطبوعات، واهتمت كذلك بقياس مدى رضا القراء عن الصحافة الإلكترونية العربية بشكل عام.
وعن خصائص قراء الصحف الإلكترونية تقول الدراسة إنهم في الغالب ذكور وشباب، ويشكل الطلبة والمهاجرون العرب حول العالم نسبة كبرى منهم.
وكشفت أن ما يزيد على نصف العينة يقرّون بأنهم يتصفحون الصحف الإلكترونية بشكل يومي، حيث يعزو قراء الصحف الإلكترونية سبب رضاهم وإقبالهم على الصحافة الإلكترونية إلى أسباب عدة منها: أنها متوفرة طوال اليوم، ولا تحتاج إلى دفع رسوم، كما أنها تمكنهم من متابعة الأخبار من أي مكان، وعن أي بلد، مهما تباعدت مواقعهم. وبرغم أن كثيرا من المتصفحين قد أشاروا إلى صعوبات فنية عند تصفح بعض مواقع الصحف، أو مشكلات عدم رضا عن المحتوى الرسمي لبعض الصحف، إلا أن نسبة كبيرة من القراء أبدوا مستوى معقولا من الرضا عن هذه الصحف. وحدد الباحثان في ختام دراستهما، أبرز التحديات التي تواجه الصحافة العربية على شبكة الإنترنت، مثل ضعف عائد السوق، سواء من القراء أو المعلنين، وعدم وجود صحافيين مؤهلين لإدارة تحرير الطبعات الإلكترونية، إضافة إلى المنافسة الشرسة من مصادر الأخبار والمعلومات العربية الدولية والأجنبية التي أصدرت لها طابعات إلكترونية منافسة باللغة العربية، علاوة على عدم وضوح مستقبل النشر عبر الإنترنت في ظل عدم وجود قاعدة مستخدمين جماهيرية واسعة.
وأوصت الدراسة في النهاية بأهمية تواجد الصحف الإلكترونية العربية، عبر الإنترنت، رغم المعوقات لاكتساب الخبرة، وتحجيم المنافسة الخارجية، وتفعيل خاصية التفاعل مع القراء التي تعد أهم مميزات خدمات شبكة الإنترنت.(4)
ثانياً: أنواع المواقع الإلكترونية
يمكن تقسيم أنواع المواقع الإلكترونية، على شبكة الإنترنت، من زاوية المحتوى والمضمون الذي يتم بثه عليها، كما يأتي:
1- مواقع تجارية: تتميز هذه المواقع بالتالي:
أ- دعم المنتج الذي تصنعه أو تبيعه الشركة التي ترعى الموقع.
ب- الإعلان عن المنتج الذي تقوم الشركة أو المؤسسة بإنتاجه.
ج- المساعدة على بيع المنتج الذي تقوم الشركة صاحبة الموقع بإنتاجه، من خلال عمليات التسويق الشبكي.
د- لا تحتوي هذه المواقع على مواد صحفية سواء إخبارية أو معلوماتية، ولا تستخدم غالبا قوالب إعلامية أو صحفية، وتقتصر على التعريف بالشركة أو المؤسسة والتعريف بالسلع والخدمات التي تقدمها، وربما تقوم بعرض منتجات لشركات أخرى، وعمل إعلانات تجارية لسلع وخدمات غالبا ما تدخل في مجال تخصص الشركة التجاري.
هـ – لا تعتمد هذه المواقع على هياكل إدارية كبيرة، وغالبا ما يتم متابعتها من خلال شركات متخصصة تقوم بتحديث بيانات الشركة أو إضافة الإعلانات المطلوبة، وربما يتم تدريب بعض الموظفين في الشركة أو المؤسسة للقيام بمهمة التحديث.
و- لا تعتمد هذه المواقع على خبرات إعلامية أو صحفية متخصصة وربما يلجأ بعضها إلى خبراء في مجال الإعلان والدعاية، خاصة في المواقع المملوكة لكبرى الشركات التجارية.
2- مواقع تفاعلية: تركز هذه المواقع على عملية التفاعل مع الزوار من خلال:
أ- المنتديات وساحات الحوار المكتوبة.
ب- غرف الدردشة.
ج- الحوارات الصوتية التفاعلية.
د- المجموعات البريدية.
ولا تعتمد مثل هذه المواقع على هياكل إدارية كبيرة، وتقتصر في الغالب على عملية المتابعة والمراقبة من خلال مشرفي المجموعات البريدية أو مشرفي ساحات الحوار، ولا تشترط هذه المواقع كفاءة أو خبرة فنية إعلامية أو صحفية للمشاركين فيها أو المشرفين عليها، ولكنها تحتاج إلى توفر مهارات النقاش والتفاعل الشخصي مع الزوار لدى مشرفي الموقع.
3- مواقع تعريفية: تقوم هذه المواقع بالتعريف بأنشطة وفعاليات المؤسسات التي أسستها وهي غالبا ما تكون مؤسسات غير ربحية، مثل المؤسسات الخيرية والعلمية والفكرية والثقافية. وغالبا ما تكتفي مثل هذه المواقع بنشر الفعاليات الخاصة بالمؤسسة دون الاهتمام بالتغطيات الصحفية والإعلامية، أو حتى الاستعانة بمتخصصين لتغطية أنشطتها وفعالياتها، وقد تقدم بعضاً من الخدمات المعرفية أو المعلوماتية للمهتمين، إلا أنها تتسم في الغالب بتباعد مدة التحديث للموقع.
4- مواقع إعلامية تكميلية: تتكامل هذه المواقع مع مؤسسات إعلامية، سواء أكانت صحفية أو إذاعية أو فضائية، مثل مواقع الصحف الورقية، والمحطات الفضائية،وتتسم هذه المواقع بعدد من المواصفات:
أ- الترويج للمؤسسة الإعلامية التي تتكامل معها، وتدعم دورها الإعلامي، سواء أكان دوراً إذاعياً أو فضائياً أو صحفياً.
ب- إعادة إنتاج المحتوى الذي تقدمه في المؤسسات الأساسية التي تقوم بدعمها والتكامل معها.
ج- لا تنتج مادة إعلامية أو صحفية غير منتجة في مؤسساتها الأصلية، إلا في نطاق ضيق، وربما يتم إعادة إنتاج المواد المتوفرة في المؤسسة، بما يتلاءم مع طبيعة الإنترنت.
5- مواقع صحفية:تعد هذه المواقع صحفية إلكترونية بحتة، فهي لم تنشأ من خلال مؤسسة تجارية، ولم تنشأ مكملة لمؤسسة إعلامية، ولكنها تأسست لتقوم بدور صحفي منذ البداية، وتتميز هذه المواقع بـأنها:
ا- تعتمد على هياكل إدارية منتظمة.
ب- تعتمد على محترفين في المجال الصحفي.
ج- تركز على تقديم مواد صحفية في قوالب صحفية.
ثالثاً: مواصفات ومعايير الصحافة الإلكترونية
هل نحن بحاجة إلى وضع مواصفات وضوابط ومعايير للصحافة الإلكترونية؟..هذا هو السؤال قد يحتاج إلى إجابة واضحة، وسط هذا الكم المتراكم من مواقع الإنترنت التي تعمل في كافة المجالات، وفي جميع التخصصات، وإلا فإن البديل أن نعتبر كل موقع على الإنترنت موقعا صحفياً، وأعتقد أنه باستقراء واقع الإنترنت- تصنيفاً وتنوعاً- فلا نملك سوى أن نسلم بهذه الحقيقة التي لا مجال للتخلي عنها، وهي أن وضع الضوابط والمعايير المحددة للصحافة الإلكترونية،التي ترسم حدودها ومجالات عملها ضرورة حتمية، إذا أرادت الصحافة الإلكترونية أن تحتفظ لنفسها بمستقبل يذكر وسط خضم مائج ومتزايد من مواقع الإنترنت.
1- محاذير لا بد منها
وإذا كان الواقع يدفعنا إلى التسليم بضرورة الاجتهاد في وضع ضوابط وعلامات فارقة للصحافة الإلكترونية، نستطيع من خلالها التمييز بين الموقع الصحفي وغيره، فهل هناك محاذير يمكن أن تعترضنا خلال وضع هذه الضوابط والمعايير؟..الواقع أن هناك عددا من المحاذير التي ترتسم أمامنا ونحن نفكر في وضع معايير للصحافة الالكترونية ومن هذه المحاذير:
أ- محاذير تعريفية:
ثمة مشكلة كبيرة، تعد من أبرز ما يواجه العاملين في مواقع الإنترنت وهي: هل نطلق لفظ صحفي على كل من يعمل بموقع على الإنترنت، أيّاً كان هذا الموقع وأيّاً كانت طبيعة المحتوى أو الخدمة التي يقدمها؟.. وما هي حدود المجالات التي يمكن أن يقتصر عليها العمل الصحفي على الإنترنت؟.. هل هي المجالات المتعلقة بالكتابة أم يدخل في إطارها العمل في مجال الوسائط المتعددة، والذي يتماثل في كثير من الأحيان مع الإخراج الصحفي في عالم الصحافة الورقية؟.
ب- محاذير مهنية:
إذا كانت هناك مشكلة تتعلق بالتعريف، فإنها سرعان ما تكون نواة لمحاذير مهنية تتعلق في المقام الأول بمهنة الصحافة، التي ستعاني في ظل اختلاط الأوراق مزيداً من الغموض ومزيداً من الانسيابية في تحديد مفهوم الصحافة والصحيفة والصحفي، وهي محاذير من شأنها أن تولد جدلاً حول: من له حق الانتماء إلى نقابة الصحفيين؟,, ومن له حق الانتماء إلى المهنة؟.
ج- محاذير سياسية:
وهي محاذير لا مجال لتلافيها، وسط واقع سياسي معقد يشهده العالم العربي، بصورة عامة، ويتمثل في انحسار فرص إصدار صحف جديدة، وسط تعقيدات أقرب ما تكون للسياسة منها إلى القانون، وفي ظل هذا الواقع المتأزم نجد أنفسنا أمام محاذير يدفع بعضها باتجاه التيسير في فك الحصار والخناق الموجود في عالم الصحافة الورقية، ليجد له متنفسا افتراضيا على شبكة الإنترنت، وبين التعسير الذي يتبناه الراغبون في استمرار الخناق الحادث إلى ما لا نهاية.
د- محاذير تتعلق بمتغيرات الواقع:
إن الإنترنت أصبحت عالما لا مجال للالتفات عنه، أو عدم الاهتمام به أو تجاهله، وإلا تجاوزنا الواقع، وأصبحنا أمام واقع يفرض نفسه على الجميع. صحيح أننا مطالبون في ظل هذا الواقع بألا نذوب فيه، ولكن ليس أمامنا بديل عن التعامل معه والاجتهاد في تطويعه، وإلا كان الخيار المطروح هو أن نكون – كصحفيين- أو لا نكون.
2- ضوابط ومعايير مقترحة:
يقترح الصحفي عادل الأنصاري عدداً من الضوابط والمعايير أو بالأحرى عدداً من المجالات التي تحتاج إلى وضع مواصفات لتحديد ماهية الصحافة الإلكترونية، ومعايير الصحيفة الإلكترونية، وذلك في ندوة( الصحافة الإلكترونية والصحافة الورقية..صراع أم تكامل) التي نظمتها وحدة الصحافة الإلكترونية، في نقابة الصحفيين المصرية عام2004 وكما يأتي:
أ- معايير مهنية:
– استعمال قوالب العمل الصحفي، مثل الخبر والتحقيق والحوار، ولا يعني هذا عدم التعامل مع قوالب مغايرة تفرضها طبيعة الوسيلة الجديدة.
– إنتاج موضوعات ميدانية، مثل تغطية المؤتمرات والندوات وغيرها.
– الاحتراف.. بمعنى أن يكون الصحفيون العاملون في الموقع محترفين لا هواة، ومن أبرز محددات الاحتراف: التفرغ والكفاءة المهنية والخبرة التراكمية، والمؤسسية بمعنى أن يكون منتميا إلى مؤسسة صحفية على شبكة الإنترنت.
ب – معايير تتعلق بالمؤسسة أو الموقع وتتمثل في:
* معايير فنية وتبرز في:
– وجود نظام بالموقع للأرشفة والتكشيف.
– وجود خادم(servire) مستقل للموقع.
– وجود نظام تأميني محدد يمنع عمليات القرصنة والاختراق بصورة مبدئية، ونقصد بذلك وجود نظام وخطط وليس ضمان عدم الاختراق.
* معايير تتعلق بمعدل الزوار: وهو ما يمكن تحديده من خلال مواقع متابعة التصفح العالمية مثل موقع ALEXA ومن خلاله يمكن التعرف على:
– عدد زوار الموقع.
– عدد الجلسات التي تمت على الموقع.
– معدل الزيارات “المرور” التي تمت للموقع.
– البلدان التي تمت زيارة الموقع منها.
* معايير مالية:
تتمثل في ضرورة وجود نظام تمويلي واضح ومحدد للمؤسسة أو الموقع، وقابل للمراجعة من قبل الجهات المختصة.
* معايير قانونية:
تتعلق بالوضع القانوني للمؤسسة بالصورة التي تضمن الوفاء بالحقوق المالية والقانونية للعاملين فيها، ويكفي أن تصدر من خلال أي شكل يتيحه القانون، ويضمن محاسبة أصحاب المؤسسة ماديا وقانونيا عليه.(5)
رابعاً: مستقبل الصحافة الإلكترونية
يثير انتشار مواقع الصحافة الإلكترونية تساؤلات عديدة حول مستقبل هذه الظاهرة الإعلامية الجديدة،ولم يعد السؤال المطروح يدور حول الصحافة الورقية واللاورقية،حيث بات من شبه المؤكد أن العالم الرقمي سوف يسيطر على الفضاء الإعلامي، ويزيح تدريجياً الإعلام المطبوع، من سوق المنافسة،بل أن السؤال الأهم يتعلق بوظيفة وتأثير ومستقبل الصحافة الإلكترونية، ودورها السياسي والاجتماعي، في رسم ملامح العصر المقبل.
فالجيل الجديد الذي ولد في أحضان تقنية المعلومات، قد لا يجد الوقت الكافي ليفتح التلفزيون ليشاهد برنامج ما يطلبه المشاهدون مثلاً، فالإنترنت باتت تلبي كل رغباته في سماع الموسيقى و الأغاني و تسجيلها على أقراص مضغوطة، و حتى أنه لا يرتاد المكتبات كثيرا،ً كالجيل الذي سبقه، بحثاً عن المصادر و المراجع العلمية، فالإنترنت تسد هذه الحاجة وتزيد.
وحتى تبادل الرسائل الإلكترونية أثرت على سوق شراء أوراق كتابة الرسائل والظروف و الطوابع البريدية، فالجيل الجديد ليس عنده الوقت ليمسك بالقلم ليكتب خطاباً منذ أن أكتشف نعمة الرسائل الإلكترونية، لأنه ببساطة لا يجد الوقت ليذهب إلى دائرة البريد ليبعث برسالة، و تلك الظاهرة طالت الكتاب و الصحفيين، ففي السابق كان الصحفي يكتب مواضيعه و يبيّض مقابلاته الصحفية بخط يديه، أما الآن فقد تخلى عن اقتناء الأقلام كثيراً، وراح يعتمد على الطبع على جهاز الحاسوب، و بدلاً من البحث عن الدفاتر ليسجل فيها أخباره الصحفية صار يبحث عن آخر التطورات في عالم اكتشاف الحروف و طبع ما ترده من أخبار و إرسالها إلى أصقاع الدنيا عبر البريد الالكتروني،وحتى الصحفي المبتدئ لم يعد يواجه الظروف نفسها التي كان الصحفي يلقاها في السابق، فبمجرد البدء بالكتابة في المواقع، سواء باسمه الحقيقي أو باسم مستعار، صار يقتحم عالم الصحافة وينافس أكبر الصحفيين “التقليديين” في نظره.(6)
الأسلوب التقني الذي تعمل به الصحافة الإلكترونية يختلف تماماً عن الصحافة التقليدية، وبخاصة سرعة انتشار الخبر وفوريته، وربما يبدو للكثير من الصحفيين الشباب أن فرصتهم سوف تكون أسهل في عالم الصحافة الإلكترونية، وهو توقع صحيح بشرط معرفة قواعد هذه اللعبة الجديدة، إن صح التعبير، حيث يعتقد الكثيرون أن الصحافة الإلكترونية مريحة أكثر من الورقية، فالصحفي في الصحف الورقية له مشوار طويل حتى يُعترف به كاتباً صحفياً، ويكتب أسمه على عمله الصحفي، في حين وفرت الصحافة الإلكترونية ذلك في أول مشاركة،ومنذ الخطوة الأولى، وهذا ما دعا الكثيرين للالتحاق بالعمل الصحفي الإلكتروني، متناسين أن الصحافة تظل كما هي( صحافة)، رغم تغير التقنيات والوسائل، ولكي يكون المرء صحفياً بمعنى الكلمة، لا يكفي أن يجلس خلف المكتب وأمام جهاز حاسوب ويكتب ما يحلو له وينشره… بل أن المجهود الذي يبذله الصحفي على الشبكة العنكبوتية قد يكون أكبر، كما يجب أن يتحلى الصحفي الإلكتروني بخصائص ومهارات وتدريب أكثر من صحفي الورق.. والمطلوب منه أن يكون حاضراً دائماً داخل الحدث، لنقله مباشرة، لأنه لو تأخر دقائق سيكون السبق لغيره، وهذا يتطلب تفرغاً كاملاً لهذه المهنة الجديدة، كما يجب أن تتوافر في الصحفي الالكتروني مواصفات خاصة جداً، فهو من يراجع نصوصه، وهو من يصحح أخطاؤه النحوية، كما يجب أن يكون دقيقا وحساساً وملماً بالثقافة الاجتماعية والنفسية والسياسية، ومعرفة أسلوب المجتمعات في التلقي، لأنه سوف يتعامل مع ثقافات عديدة، ومن ثم يرتب عليه العمل مسؤولية أكثر من صحفي الورق، الذي يتناقل خبره على نطاق محدود( إقليمي)، فتلك المسئولية تعد من أهم ما يميز الصحافي الإلكتروني.. وقد تحمّله عبئاً أكبر من أعباء المهنة الأساسية في تتبع الخبر وإيصاله للجريدة، ونشره.. ولو فقد هذا الصحافي جزءً من أساسيات المهنة قد يفقد مصداقيته من المتلقي الذي سيجد الخبر نفسه، بعد لحظات على شاشة الحاسوب، في مواقع أخرى( دولية ومحلية) قد تكون أكثر مصداقية ووضوحاً، فينهي حياته الصحافية، وهو لا يزال في بدايتها.
العمل الصحفي على الشبكة العنكبوتية مرهق وحساس، ولعل مما لم يفطن له الكثيرون أن قلم الرقيب ومقصه اختفيا تماماً، وهذا ما يجعل العمل الصحفي مسئولية أكبر ويقتضي متابعة أكثر من الكاتب ذاته، وكذلك يجب أن يتوقع مسبقاً ردود الأفعال .. فهذه الوسيلة الجديدة تجعلنا أمام أكبر ما حمل الإنسان في دنياه وهي(الحرية) وكيفية استعمالها، باعتبارها أمانة ومسؤولية أمام الله والمجتمع.(7)
وثمة تساؤلات أخرى حول كيفية الإعداد المهني لصحفيي المستقبل، وهل تتلائم المواد والمناهج المستخدمة في كليات الإعلام والمعلومات مع التطورات التقنية المتسارعة، في مجال الصحافة الإلكترونية؟.. ينبغي الاعتراف أن هناك فجوة بين الواقع التعليمي التقليدي وميدان العمل الإعلامي،وهناك نقص فادح في الكفاءات التدريسية، وفي الأدوات المستخدمة في التعليم الجامعي،فبعض الجامعات لم يتوفر في قاعاتها الدراسية، حتى الآن أية وسائل الكترونية، سوى السبورة والطباشير!
مصادر الفصل الرابع
1– د.زكي حسين الوردي وعامر ابراهيم قنديلجي: الاتصالات،البصرة(العراق)،1990، ص166-168
2- حسان محمود الحسون: الصحافة الإلكترونية..لم يعد الغمد يقبل سيفين، موقع( باب المقال)الإلكتروني:http://WWW.bab.com,2072004
3- د. ليلى صالح زعزوع: الصحافة الإلكترونية والإعلام الجديد،
http://WWW.al-jazirah.com,1552002
4- الصحافة العربية الإلكترونية..ضعف بالتسويق وقلة في الصفيين، موقع( باب المقال): http://WWW.bab.com,592004
5- عادل الأنصاري: الصحافة الإلكترونية.. المعايير والضوابط:http://www.islamonline.net,1982004
6- فينوس فائق:الصحافة الإلكترونية، هل يمكن أن تحل الصحافة الإلكترونية محل الصحافة المطبوعة:
http://www.qendil.net,2672005
7- حسين راشد: صحافة الزمن القادم، موقع(الاتحاد الدولي للصحافة الإلكترونية):
http://www.iuej.org