الشركات التجارية .. دراسة قانونية مقارنة …. الدكتور لطيف جبر كوماني (6)
المبحث الخامس
السندات التي تصدرها الشركة
تصدر الشركة المساهمة حسب القانون العراقي، نوعين من السندات ( )، الأولى تتمثل بالأسهم وهي ترافق تأسيس الشركة فلا يتكون رأس المال بغيرها، لأن رأس المال في هذه الشركات يقسم إلى أجزاء متساوية يطلق عليها الأسهم، أما الثانية فهي السندات، وهي أوراق تصدرها الشركة عند الاقتراض العام من الجمهور عن طريق الاكتتاب، وهذه مسألة جوازيه حيث أباح القانون العراقي لشركات المساهمة اللجوء للاقتراض وإصدار سندات للمقرضين (م 77)، وعليه سنتناول الأسهم في مطلب أول ثم نفرد المطلب الثاني للسندات .
المطلب الأول
الأسهم shares
نتناول أحكام الأسهم بتعريف السهم أولا ثم بيان خصائص الأسهم وأنواعها ونعرض أخيرا لتداولها :
تعريف السهم :
يذهب عدد من الفقهاء إلى تعريف السهم أنه (( حصة المساهم في الشركة المساهمة ويقابل حصة الشريك في شركة الأشخاص )) ( )، ونرى التعريف الذي أورده الدكتور أبو زيد رضوان شاملا لطبيعة وخصائص السهم حيث بين أن الأسهم (( صكوك متساوية القيمة وقابلة للتداول بالطرق التجارية والتي يتمثل فيها حق المساهم في الشركة لاسيما حقه في الحصول على الإرباح . )) ( )، فهي جزء من رأس المال لأن رأس المال مقسم إلى أسهم ( م 29 ) من قانون الشركات (( يقسم رأس المال في الشركات المساهمة والمحدودة إلى أسهم..)) والقيمة الاسمية للسهم ممثلة بالشهادة التي تعطى للمساهم عادة وهي دينار حسب القانون العراقي . ويعد المساهم دائنا للشركة بمقدار ما يمتلكه من أسهم . وفي العمل المحاسبي يقيد رأس المال في الجانب المدين من الذمة المالية للشركة , وسنتناول خصائص الأسهم حسب القانون العراقي والتشريعات المقارنة . والمادة 29 التي اشرنا إليها تحدد هذه الخصائص على الشكل الأتي (( .. إلى أسهم اسمية، نقدية، متساوية القيمة وغير قابلة للتجزئة . )) فخصائص الأسهم تتمثل بأن :
1- الأسهم اسمية .
2- نقدية .
3- متساوية القيمة .
4- غير قابلة للتجزئة .
أولا ـ الأسهم اسمية( ).
يكون السهم اسميا عندما يسجل باسم شخص معين، في سجل المساهمين لدى الشركة وعلى القسيمة التي تعطى للمساهم وتعد دليل ملكيته لعدد من أسهم الشركة مثبتة أرقامها في الشهادة ومقترنة بتواقيع المسؤولين فيها ومختومة بختمها . والأسهم حسب القانون العراقي وفق المادة 29 كما ذكرنا اسمية دائما في حين تعرف بعض القوانين نوعا آخر من الأسهم، هي الأسهم لحاملها، وتنتقل ملكية هذه الأسهم بالتراضي والمناولة اليدوية مقابل دفع ما يقابلها من الثمن . وتنص المادة ( 96 ) من القانون اليمني على أن الأسهم اسمية أو للحامل، على أن تبقى الأسهم قبل سداد قيمتها كاملة اسمية .
ويمكن القول أن للأسهم الاسمية مزايا عند مقارنتها بالأسهم لحاملها، فلا يخشى على الأسهم الاسمية من الضياع أو السرقة، بينما يخشى على الأسهم لحاملها من ذلك، كما يقال انه يمكن معرفة مالكي رأس المال في الشركة من خلال الاطلاع على سجل المساهمين لدى الشركة إذا كانت الأسهم اسمية في حين ليس بالمستطاع معرفة حمله الأسهم عندما يتم تداولها لو كانت لحاملها . وقد يكون الانتقال السريع للأسهم لحاملها عن طريق البيع سببا في خلق أو المساعدة في خلق الأزمات المالية، ومن ذلك نؤيد اتجاه جعل أسهم الشركات اسمية، على الرغم من تعارض ذلك مع السرعة المطلوبة في التعامل التجاري .
وإذا كان الفقه يشير إلى نوع ثالث من الأسهم . هي الأسهم للأمر، التي تنتقل بالتظهير كالأوراق التجارية، لكن هذا النوع من الأسهم غير شائع ولا تعرفه غالبية القوانين . لصعوبة العمل بنقل السهم عن طريق التظهير، ما دام مرتبطا في قوته وقيمته بسمعة الشركة المالية التي تتغير تبعا لازدهارها أو انكماش نشاطها( ) .
ثانيا ـ الأسهم نقدية :
تعني الأسهم النقدية أن المقابل للحصول عليها يتمثل بالنقود، وقد نصت المادة ( 29 ) من قانون الشركات العراقي كما بينا على أن الأسهم نقدية( )، وتتحفظ القوانين عادة على أعطاء الأسهم مقابل الأعيان، خشية تقديرها بأكثر من قيمتها الفعلية، ولذلك فأن قانون 1983 الملغي، جعل الأسهم نقدية، لا يكون مقابل الحصول عليها غير النقود فقط . لكن قانون (1997) أباح الحصول على الأسهم مقابل مقدمات عينية تقدر بنقد، ضمن ضوابط تحول دون تقديرها بأعلى من قيمتها بما يلحق الضرر بالمكتتبين، ويمكن أن نجمل هذه الشروط وحسب نص المادة (29) قبل تعديلها . وبعدها نتناول ما قرره التعديل( ) .
1 _ أن إصدار الأسهم مقابل الأعيان أمر جوازي متروك للمؤسسين الإفادة منه، وبذلك تقضي الفقرة ثانيا من المادة (29) انه (( في الشركة المساهمة والمحدودة يجوز أن يشتمل رأس مال الشركة على حصص عينية تعطى مقابل مقدمات عينية مقومة بالنقد يقدمها المؤسسون أو بعضهم، ولا يجوز أن تمثل الحصة العينية غير أسهم تم الوفاء بقيمتها كاملة . )) فهي حالة استثنائية لا يجوز التوسع فيها .
2 ـ إن تقديم المقدمات العينية للمؤسسين فقط وأثناء التأسيس، فلا يجوز تقديمها من المكتتبين وأثناء التأسيس ((يقدمها المؤسسون أو بعضهم …)) كما لا يجوز تقديمها من المؤسسين عند زيادة رأس المال لأن المادة 55 تقرر أن زيادة رأس المال قد تكون بـ((إصدار أسهم جديدة تسترد قيمتها نقدا )) ولم تتضمن الأحكام الخاصة بزيادة راس المال ما يفيد تقديم المقدمات العينية والاعتراض على تقدير الأعيان أو تشكيل اللجان الخاصة بالتقويم، في حين تسمح بعض التشريعات تقديم الحصة العينية في أي مرحلة لاحقة للتأسيس على أن يكون ذلك مقرونا بموافقة الهيئة العامة باجتماع غير عادي على تقدير المقدمات العينية( ).
3 ـ تقديم الأعيان كاملة (دفعة واحدة) .
يجب أن تقدم الأعيان المقابلة للحصول على الأسهم كاملة، أي أنها لا تقدم على شكل دفعات حتى إذا كانت مواد أولية، لصعوبة تقويمها عند تجزئتها، كذلك لزيادة كلفة إجراءات التقدير عندما تتعدد بتعدد الدفعات ((…ولا يجوز أن تمثل الحصص العينية غير اسهم تم الوفاء بقيمتها كاملة ))( ).
4 ـ التصرف بالأسهم العينية :
حفاظا على أموال الشركة، لأن تحديد قيمة الأموال العينية المقدمة يستغرق وقتا طويلا، لكثرة المراجعة للتقدير الذي بينه المؤسسون، من قبل لجنة تشكل لهذا الغرض كما ذكرنا، ومن قبل الهيئة العامة التأسيسية ؛ لذلك تمنع القوانين التصرف بالأسهم، بنقل ملكيتها إلى الغير إلا بعد أن تكون أوضاع الشركة قد استقرت، واستنفد تقدير الأموال كافة طرق المراجعة .
ولم يتضمن القانون العراقي نصا يمنع الانتقال ضمن الأحكام الخاصة بالأسهم العينية، في حين أوردت القوانين موضوع المقارنة نصوصا واضحة وصريحة تمنع التصرف بالأسهم التي يكون المقابل للحصول عليها أموالا عينية( )، وإذا كان القانون العراقي لم يتضمن نصا ضمن الأحكام المستقلة بالأسهم العينية، فان المنع يفهم من القيد المفروض على اسهم المؤسسين، ضمن القيود التي أوردها القانون على التصرف بالأسهم، فالمادة 64/أولا من القانون تنص على انه ((لا يجوز للمؤسسين نقل ملكية أسهمهم إلا بعد اقرب الأجلين :
1 ـ مضي ما لا يقل عن سنتين على تأسيس الشركة .
2 ـ توزيع أرباح لا تقل عن (5%) خمس من المئة من راس المال المدفوع ولا يصح تقديم أموال الأسهم العينية حسب القانون العراقي إلا من المؤسسين.
5 ـ مراجعة القيمة المقدرة من قبل المؤسسين :
تقدر الأموال العينية التي تقدم للحصول على الأسهم من قبل المؤسسين أو من قبل من يقدمها منهم بموافقة المؤسسين الآخرين، لأنها لا تقدم وكما ذكرنا إلا من المؤسسين، ومن المؤكد أن يعتمد التقدير على رأي الخبراء ولكن يجب مراجعة هذا التقدير لذلك على المسجل أن يشكل لجنة لهذا الغرض برئاسة قاض لا يقل صنفه عن الثاني في محكمة البداءة التي تقع في موقع الأموال العينية المطلوب تقويمها، وتضم اللجنة أربعة من المختصين في الأمور الاقتصادية والمحاسبية والقانونية والفنية تختارهم الجهة القطاعية المختصة، وتعد اللجنة تقريرها وتقدمه إلى المسجل إذا كانت الشركة مختلطة وخلال ستين يوما من تاريخ تشكيلها، ويرفع المسجل التقرير إلى ديوان الرقابة المالية لأنه هو الذي يدقق حسابات الشركات المختلطة ليصادق عليه خلال ثلاثين يوما من تاريخ ورود التقرير إليه، وعند عدم المصادقة يعيده إلى المسجل للنظر فيه من اللجنة مجددا في ضوء توجيهات محددة وملزمة للجنة( )، والزام اللجنة بتوجيهات ديوان الرقابة مصادرة لحريتها في عملها كجهة محايدة، ونرى مبالغة في إجراءات تقدير المقدمات العينية نابعة من اعتماد نصوص قانون 1983 الملغي والفلسفة التي اعتمدها، لأنه الأساس في مواد القانون الحالي، كما ذكرنا ولا يعرف القانون السابق هذا النوع من الأسهم( ) .
6 ـ موافقة الهيئة العامة التأسيسية على التقدير
يطلع المساهمون في الاجتماع التأسيسي على تقرير اللجنة، ويلزم المؤسسون بإيداع التقرير الذي اعد عن تقدير الأعيان لدى الجهة التي يجري لديها الاكتتاب (المصرف) ليتمكن المكتتبون من الإطلاع على التقرير، وإذا وجدت الهيئة العامة التأسيسية زيادة في تقدير قيمة الأعيان، فعلى مقدم الحصة العينية أن يقدم الفرق نقدا، ويسأل باقي المؤسسين بالتضامن عن أداء الفرق( ) .
بعد أن بينا أحكام القانون الخاصة بالأسهم العينية نوضح فيما يأتي هذه الأحكام في ضوء نص المادة 29 من القانون بعد تعديلها، ونشير في الهامش إلى النص المعــدل( )،
ونتناول الموضوع بنقاط :
أ ـ عدل النص أحكام المادة (29)، لكنه وكما هو حال التعديل بأكمله ورد بأسلوب غريب عن طبيعة الصياغة المعروفة في التشريعات العربية، إذ يعالج النص الموقف من الأعيان المعنوية، وأباح أن تكون الأعيان المقابلة للأسهم أموالا مادية أو معنوية (ملموسة أو غير ملموسة) وفي النص معالجة لأمر افتقده النص قبل تعديله .
ب ـ يقتصر تشكيل لجنة لمراجعة تقدير قيمة الأعيان على الشركات المساهمة وترك أمر الشركة المحدودة للشركاء في تولي تقدير الأعيان ؛ كذلك ابتعد تشكيل اللجنة عن التعقيد في ترأسها من قبل قاض ومعه أربعة من المختصين، فبين النص المعدل أن تشكيل لجنة بموافقة المسجل فيها مختصون في القانون والمحاسبة وفي عمل الشركة .
ج ـ في الشركة المساهمة المختلطة يرفع تقرير اللجنة إلى ديوان الرقابة المالية للمصادقة عليه، وعند عدم المصادقة يعاد التقرير إلى اللجنة للنظر فيه ثانية، وإذا كان النص قد ابتعد عن وصاية الديوان على اللجنة، فانه لم يعالج ما هو الحل لو أصرت اللجنة على رأيها .
د ـ بين التعديل انه في الشركتين المساهمة والمحدودة يجب أن يذكر في العقد الأعيان ومقدميها أيضا، ويكون من قدمها مسؤولا عن التقدير غير المطابق، وأضاف النص بأنه قد يسال بقية المؤسسين بالتضامن ونرى في استخدام المشرع للفظ قد يسأل ما يفتح الباب أمام تفاوت الأحكام .
هـ ـ أبقى النص المعدل على موضوع عرض التقييم على الهيئة العامة التأسيسية للشركة المساهمة بغير تغيير، ولم يعالج إجراءات التصويت كما فعلت ذلك بعض القوانين موضوع المقارنة .
ثالثا : الأسهم متساوية القيمة
من خصائص الأسهم أيضا حسب القانون العراقي أنها متساوية القيمة إذ حددها القانون بدينار واحد، فقيمة السهم دينار واحد لكل أنواع الشركات، ولا وجود لطبقات من الأسهم تتفاوت في قيمتها وفي حقوقها، وتقضي العديد من القوانين العربية بتساوي القيمة الاسمية للأسهم، وقد جعل القانون الأردني قيمة السهم دينارا واحدا أيضا (م95/أ)، ويقضي قانون دولة الإمارات في المادة (153) انه : ((يتكون راس مال الشركة من أسهم متساوية لا تقل القيمة الاسمية للسهم لكل منها عن درهم واحد ولا تزيد على مائة درهم…)) ويقضي القانون الكويتي في المادة (99) ((يقسم رأس مال الشركة إلى اسهم متساوية، والقانون اليمني في المادة (91/جـ) وم(92) ولكن نجد أن بعض القوانين، تعرف فئات من الأسهم في الشركة الواحدة، فالمادة 76 من القانون العماني تنص على انه ((…يمكن أن يقضي نظام الشركة بان يقسم رأس مالها إلى اسهم من فئات مختلفة لمنح ما لكي الأسهم من كل فئة الحق بأن ينتخبوا بأكثرية أصواتهم عددا معينا أو نسبة معينة من أعضاء مجلس الإدارة .
وإذا كان للشركة فئات مختلفة من الأسهم يجب أن تؤدي كل زيادة في رأس المال إلى زيادة نسبية في عدد أسهم كل فئة ما لم يتم اجتماع خاص لكل فئة وجمعية عامة غير عادية لجميع المساهمين يتقرر خلالها الموافقة على إصدار غير متكافئ أو على إنشاء فئة اسهم جديدة، ولا يمكن لأي قرار صادر عن الجمعية العامة أن يؤثر في حقوق أي فئة ما لم توافق عليه هذه الفئة باجتماع خاص، وتعقد الاجتماعات الخاصة بكل فئة بين أعضاء الفئة المذكورة وفقا للقواعد التي ترعى الجمعيات العامة غير العادية، يكون لحملة الأسهم من فئة معينة حق الأفضلية بالاكتتاب بالنسبة فقط إلى الأسهم الجديدة من الفئة ذاتها))( ) .
وجدير بالتنويه إلى أن المساواة في قيمة الأسهم، تعني المساواة في ما تمنحه من حقوق وهي الحق في تقاضي الأرباح وحق حضور الاجتماعات والمشاركة في التصويت لهيئات الشركة وحق الاطلاع على أوضاع الشركة، كذلك الحق في حصة مساوية للأسهم من الفائض عند انتهاء تصفية الشركة، ولم يشر القانون العراقي لهذه الحقوق كما فعلت بعض القوانين التي بينت في مادة منفردة ما هي حقوق المساهم، كما هو الأمر في القانون اليمني (م108)، وفي المادة (75) من القانون العماني، وكذلك المادة (169) من قانون دولة الإمارات ويقتضي الأمر أن نتناول أنواع الأسهم أو التقسيمات المختلفة لها كما وردت في نصوص القوانين وبحسب ما يذهب إليه الفقه :
أ ـ تقسيم الأسهم إلى عادية وممتازة :
الأسهم العادية : هي الأسهم المماثلة لغيرها من حيث الحقوق، ولا تتمتع باي امتياز، أما الأسهم الممتازة فهي أسهم تتمتع بامتيازات غير معروفة للأسهم العادية، وقد يكون الامتياز في تعدد الأصوات أو أسبقية تقاضي الأرباح أو الفائض عند التصفية أو أسبقية في شراء الأسهم الجديدة التي تطرحها الشركة للاكتتاب عند زيادة راس المال، ولم يعرف القانون العراقي هذا النوع من الأسهم في القانون الحالي أو القانون الملغي الذي سبقه، وكذا لم يعرفه القانون الأسبق رقم 31 لسنة 1957، فنستطيع القول إن النظام القانوني للشركات في العراق لا يعرف الأسهم الممتازة .
لكن إصدار الأسهم ذات الامتياز تعرفه بعض القوانين :
فالمادة (75مكرر) من القانون العماني تنص على انه ((يجوز أن ينص النظام الأساسي للشركة على تقرير بعض الامتيازات لبعض أنواع الأسهم وذلك في التصويت أو الأرباح أو ناتج التصفية على أن تتساوى الأسهم من نفس النوع في الحقوق والمميزات أو القيود ولا يجوز تعديل الحقوق أو المميزات أو القيود المتعلقة بنوع من الأسهم إلا بقرار من الجمعية العامة غير العادية وبموافقة ثلثي حاملي نوع الأسهم الذي يتعلق التعديل به …))( )، وإذا كان رفض الأسهم الممتازة أساسه عدم خلق طبقات داخل الشركة وإعلاء مبدأ المساواة فان البعض يرى ضرورة في إصدارها في بعض الأحيان، عندما ترغب الشركة بزيادة راس المال وهي متلكئة، فتشجيعا للمكتتبين يمنحون أسهما فيها بعض الامتيازات، أو تحويل الديون إلى أسهم ذات امتيازات( ) .
2 ـ تقسيم الأسهم إلى أسهم رأس المال وأسهم تمتع :
إن أسهم راس المال يكون مجموع أقيامها الاسمية راس المال الاسمي، أي أن كلا منها يمثل جزء من راس المال الاسمي .
أما أسهم التمتع فلا يمثل أي منها جزأ من راس المال، فهي شهادة تعطى للمساهم تمكنه من التمتع بالمزايا التي تمنحها الأسهم، عدا إعادة القيمة الاسمية لها عند التصفية لأنها أعيدت خلال حياة الشركة، وعادة تعطى هذه الأسهم في حالات إنشاء الشركة لاستثمار امتياز معين لمدة تكون طويلة عادة، أي أن الشركة في نهاية المدة تتخلى عن موجوداتها إلى الجهة التي تعاقدت معها، وعليه تعاد أقيام الأسهم خلال حياة الشركة، ويكون إطفاء القيمة من الأرباح وعن طريق القرعة عادة، فالمادة 104 من نظام الشركات السعودي تنص على انه ((ويجوز أن ينص في نظام الشركة على إعطاء أسهم تمتع لأصحاب الأسهم التي تستهلك بالقرعة ويحدد نظام الشركة الحقوق التي ترتبها لأصحابها))( ) . وتخصص نسبة من الأرباح للأسهم التي لم تستهلك، كذلك يفترض أن تعاد القيمة الاسمية للأسهم التي لم تستهلك، كما يفترض أن تعاد القيمة الاسمية للأسهم التي لم تستهلك من المتبقي عند التصفية .
ولا يوجد نص في القانون العراقي يبيح أو يمنع إصدار أسهم التمتع، ومما لاحظنا في نصوص القوانين موضوع المقارنة أنها تثبت في نظام الشركة، أو أن النظام يقرر استهلاك الأسهم، وإذا كان القانون العراقي لم ينص على وضع نظام للشركة فليس في القانون ما يحول دون ذلك بل يعد وضع نظام للشركة أمرا ضروريا، ويمكن أن يتضمن النظام كيفية استهلاك الأسهم والشهادات التي تعطى للمساهمين مقابل الاستهلاك والحقوق التي تمنحها الشهادة التي تعطى مقابل ذلك.
رابعا : الأسهم غير قابلة للتجزئة
لا يجزأ السهم الواحد بين عدة أشخاص أفادت بذلك الفقرة أولا من المادة 29 من قانون الشركات (وغير قابلة للتجزئة) ولكن يجوز أن يتعدد مالكو السهم الواحد، وبخاصة في حالة الإرث ـ من الناحية النظرية في القانون العراقي لأن قيمة السهم دينار واحد، وقد أوردت بعض القوانين نصا يفيد الاشتراك في السهم وعندها يجب أن يمثلهم شخص واحد اتجاه الشركة، فالمادة 62/و من القانون اليمني تنص على انه ((جـ ـ ويكون السهم غير قابل للتجزئة فإذا تملكه أشخاص متعددون وجب أن يختاروا أحدهم لينوب عنهم في استعمال الحقوق المتصلة بالسهم …))( )، ولا مانع من تملك أكثر من شخص للسهم حسب القانون العراقي إذا حصل عن طريق الإرث وفي هذه الحالة يجب أن يمثل مجموع المشتركين شخص واحد .
وبعد أن تناولنا خصائص الأسهم حسب القانون العراقي بالمقارنة مع بعض نصوص القوانين العربية نتناول موضوع تداول الأسهم لأهمية الموضوع، ولانه خاصية من خصائص الأسهم في شركات الأموال .
تداول الأسهم
تعد القابلية للتداول إحدى الخصائص الجوهرية للأسهم في شركات الأموال، أي إمكانية انتقالها لغير المالك بالبيع أو عن طريق الإرث لا يحول دون ذلك إلا بعض القيود التي تتضمنها النصوص القانونية أو ما يتفق عليه المساهمون، على أن لا يصل اتفاق المساهمين في تقييد تداول الأسهم إلى منع تداولها لأن ذلك يتناقض مع طبيعة شركات الأموال، والتداول خاصية مرتبطة بالأسهم تميزها عن الحصص في شركات الأشخاص التي لا يجوز تداولها( ) تورد المادة 64 من قانون الشركات العراقي نصا مفاده انه ((في الشركة المساهمة والمحدودة، للمساهم نقل ملكية أسهمه إلى مساهم آخر أو إلى الغير مع مراعاة ما يأتي)) .
وحق نقل ملكية الأسهم غير تداولها، فالأخيرة تعني انتقالها بالطرق التجارية السريعة، أما الانتقال فلا يجري إلا وفق أحكام حوالة الحق المعروفة في القانون المدني( ) .
ونرى أن الانتقال المقصود في القانون العراقي ينصرف إلى الاثنين معا، فهو تداول لأنه لا يشترط موافقة الشركة على انتقال الأسهم في بعض الحالات، ويشترط ذلك في حالات أخرى، وقد أشارت بعض القوانين إلى حرية تداول الأسهم، فالمادة 154 في قانون دولة الإمارات تنص على انه ((…وتكون الأسهم قابلة للتداول …)) .
وإذا كان القانون العراقي قد أعطى الحق في نقل ملكية الأسهم إلى مساهمين آخرين أو إلى الغير كما ورد في مقدمة المادة (64) فقد أورد قيودا على نقل ملكية الأسهم نتطرق لها فيما يأتي :
القيود الواردة على انتقال ملكية الأسهم في الشركات المساهمة :
أولا : القيود على اسهم المؤسسين :
تنص الفقرة أولا من المادة 64 على انه ((لا يجوز للمؤسسين نقل ملكية أسهمهم إلا بعد اقرب الأجلين الآتيين :
1 ـ مضي ما لا يقل عن سنتين على تأسيس الشركة .
2 ـ توزيع أرباح لا تقل عن 5% خمس من المئة من رأس المال المدفوع ))وهذا القيد على اسهم المؤسسين يبرره أهميتهم في حياة الشركة، وفي بداية تكوينها على وجه الخصوص، ويفترض أن يظل المؤسسون مرتبطين بالشركة وهم من تابع إجراءات تأسيسها وعلى دراية بظروف عملها إلى الوقت الذي تستقر فيه أوضاعها حيث لا خشية عليها من ترك هذا أو دخول ذاك، وبتقدير المشرع العراقي أن الفترة التي تصبح بعدها الشركة مستقرة تكون بتحقيق أحد الأمرين المذكورين، أما مضي سنتين كاملتين( ) على تأسيس الشركة، أو أنها حققت أرباحا في سنتها الأولى لأن الأمر لا يكون إلا وفق ميزانية، ولا توضع للشركة ميزانية إلا في سنتها المالية، ويشترط في الأرباح أن لا تقل عن 5% من راس المال المدفوع، وأي الأمرين يتحقق أولا يرفع القيد المفروض على انتقال ملكية الأسهم، وقد اعتمدت القوانين العربية المعيار الزمني فقط وهو مرور مدة معينة على تأسيس الشركة (م100) من نظام الشركات السعودي ((سنتين ماليتين كاملتين لا تقل كل منهما على اثني عشر شهرا)) وم45 من قانون الشركات المصري، وم100/أ من القانون اليمني، وم77/جـ من القانون العماني، بينما جعل القانون الكويتي المدة ثلاث سنوات على تأسيس الشركة (م109) كما حرم على جميع المساهمين التصرف بالأسهم قبل مضي سنة على تأسيس الشركة (م106) .
ويلاحظ أن هذه القوانين أباحت انتقال ملكية الأسهم المذكورة استثناء في أحوال خاصة، فالفقرة جـ من المادة 77 من القانون العماني المشار إليها تنص ((على أن يستثنى من ذك حالات التنازل عن الأسهم بين المؤسسين أنفسهم أو الأسهم المملوكة للحكومة وحالات الإرث أو البيع بالمزاد العلني لاقتضاء الاقساط المستحقة عليها ولم يتم سدادها))، فالبيع مباح بين المؤسسين كذلك تقرر بعض القوانين في النصوص التي أشرنا إليها إباحة انتقال الأسهم لأعضاء مجلس الإدارة لتقدمها كضمان للإدارة، وكذلك عند وفاة أحد المؤسسين يباح لورثته بيع الأسهم إلى الغير، ولا يوجد مثل هذه الاستثناءات في القانون العراقي .
ثانيا: القيد المفروض على اسهم القطاع الاشتراكي
تقضي الفقرة ثانيا من المادة 64 على انه ((لا يجوز للمساهم من القطاع الاشتراكي نقل ملكية أسهمه في الشركة المختلطة إلى شخص من غير هذا القطاع، إذا أدى ذلك إلى انخفاض نسبة مساهمة القطاع الاشتراكي عن (25%) خمس وعشرين من المئة من رأس المال)) . وغاية القيد كما هو واضح الحفاظ على هوية الشركات المختلطة بان تظل كذلك لان انخفاض المساهمة عن 25% يؤدي إلى فقدانها صفتها كشركة مختلطة وتتحول إلى شركة خاصة .
ونعيد ما ذكرنا سابقا من ضرورة إعادة النظر في القطاع المختلط، أو مشاركة الدولة في رؤوس أموال الشركات، فإذا تبين للدولة أهمية النشاط الذي يدخل ضمن نشاط الشركة، فعليها أن تقدم على تأسيس الشركة عامة وفق أحكام قانون الشركات العامة رقم 22 لسنة 1997، اما إذا أرادت المشاركة مع أشخاص غير القطاع الاشتراكي فيفترض أن تكون المشاركة على قدم المساواة لها من الحقوق ما للأفراد وعليها من الواجبات مالهم أيضا، وعلى أية حال حرم القانون البيع الذي يؤدي إلى أن تفقد الشركة صفتها المختلطة، وبمعنى ذلك انه يجوز أن يبيع القطاع الاشتراكي ما زاد على 25% لأنها تظل محتفظة بالنسبة المطلوبة لبقاء الشركة مختلطة، كذلك يجوز للقطاع الاشتراكي أن يبيع أسهمه لأشخاص من القطاع الاشتراكي أيضا .
وقد علقت بموجب التعديل الفقرة ثانيا الخاصة باسهم القطاع الاشتراكي في الشركة المختلطة، وبذلك اصبح نقل ملكيتها مباحا بغير شروط .
ثالثا : القيد المفروض على بيع الأسهم لاعتبارات عدة :
تضمنت الفقرة ثالثا من المادة 64 مجموعة قيود على انتقال ملكية الأسهم، اما للمصلحة العامة، أو لمصلحة الشركة، أو لحماية حقوق المرتهن أو الحاجز للأسهم، ولا تشمل هذه القيود في هذه الفقرة اسهم القطاع الاشتراكي، انما تقتصر على اسهم القطاع الخاص، وهذه القيود :
((1 ـ إذا كانت مرهونة أو محجوزة أو محبوسة بقرار قضائي .
2 ـ إذا كانت شهاداتها مفقودة ولم يعط بدلها .
3 ـ إذا كان للشركة دين على الأسهم المراد نقل ملكيتها .
4 ـ إذا كان من تنقل إليه ملكية الأسهم ممنوعا من تملك اسهم الشركات بموجب قانون أو قرار صادر من جهة مختصة))( ) .
رابعا : القيد المفروض على أسهم أعضاء مجلس الإدارة :
تنص الفقرة (3) من المادة 106 كشرط لعضوية مجلس الإدارة أن يكون ((3 ـ مالكا لما لا يقل عن ألفي سهم إذا كان ممثلا للقطاع الخاص وإذا نقصت أسهمه عن هذا الحد وجب عليه إكمال النقص خلال ثلاثين يوما من تاريخ حصوله على عضوية مجلس الإدارة، والا اعتبر فاقدا لعضوية المجلس عند انتهاء المهلة المذكورة )) .
فالشخص حتى يكون عضوا في مجلس الإدارة ينبغي أن يكون مالكا لما لا يقل عن ألفي سهم، وان يظل محتفظا بهذا العدد ما دام عضوا في مجلس الإدارة، أي أن هذه الأسهم المقابلة لعضويته في الإدارة لا يحق له بيعها، لأن النص يقضي عند انخفاض عدد الأسهم عن ألفي سهم أن يكمل النقص خلال ثلاثين يوما من تاريخ تحقق النقص وألا يفقد العضوية في مجلس الإدارة، ونطلق على هذا العدد من الأسهم بأسهم الضمان صحيح أن القانون لم يشر إلى كونها ضمانا المسؤولية، وعليه فانها يمكن أن تكون ضمان الحرص كما يرى ذلك أستاذنا (ياملكي المصدر السابق219 )، وقد أطلقت بعض القوانين على العدد المطلوب تملكه من الشخص ليكون عضوا في مجلس الإدارة بضمان العضوية في المجلس، فالمادة 139 من قانون الشركات الكويتي تنص على انه ((ويخصص هذا القدر من الأسهم لضمان إدارة العضو…)) ونص مماثل (م97) من قانون الإمارات، وم134/ب من قانون الشركات اليمني ((ويخصص القدر من الأسهم المذكورة في الفقرة السابقة لضمان مسؤولية أعضاء مجلس الإدارة)) .
(وم97 من قانون الشركات العماني)، أو (م68) من نظام الشركات السعودي (وم91) من قانون الشركات المصري، و(م133) من قانون الشركات الأردني التي جاءت أكثر تفصيلا . ويستطيع عضو مجلس الإدارة أن يتصرف بما زاد عن الألفي سهم كما يستطيع أن يتصرف بالألفي سهم بعد انتهاء العضوية في مجلس الإدارة( ) .
وقد بينت المادة 660 بفقرتيها أولا وثانيا إجراءات انتقال الأسهم فإذا كانت اسهم الشركة المساهمة مدرجة في سوق بغداد للأوراق المالية، يتم انتقال ملكية الأسهم وفق إليه البيع التي يقضي بها قانون السوق والتعليمات الصادرة بموجبه.
أما البيع خارج السوق فيتم في مجلس يضم البائع والمشتري أو من يمثلهما وبحضور مندوب عن الشركة وينظم عقد يذكر فيه اسم الطرفين ورقم شهادة الأسهم، وإقرار البائع بقبض الثمن وإقرار المشتري بقبول عقد الشركة ويسجل العقد في سجل انتقال الأسهم الخاص بالشركة مقترنا بتوقيع الطرفين ومندوب الشركة وأي بيع يقع خارج المجلس المذكور أو لا يسجل في سجل الشركة يعد باطلا .
أما انتقال ملكية الأسهم عن طريق الإرث فمعلوم أن الوفاة تنقل الأسهم إلى الورثة حسب نصيبهم في القسام الشرعي، ولا توجد مشكلة في تعدد الورثة، فيعد كل منهم مساهما في الشركة، لأن عدد الشركاء في هذه الشركات غير محدود، ولكن يحول دون انتقال الأسهم إلى الورثة حسب القانون العراقي قيدان:
الأول : أن لا يتجاوز عدد الأسهم التي يملكها المساهم الحدود التي بينها القانون وكما ذكرنا فان هذه الحدود محل نظر لأنها تحول دون تكوين الشركات القابضة التي من المتوقع انشاؤها جدير بالذكر أن التحديد ألغي بموجب التعديل الذي أشرنا إليه وقد ورد النص بهذا الخصوص مشوبا بالغموض فقد جاء النص على الشكل الآتي ((…أو آلت إليه أسهم تزيد على الحد الأعلى المسموع به قانونا…)).
أما الثاني : إذا كان الوارث ممنوعا من تملك الأسهم .
وفي الحالتين على من انتقلت إليه أسهم ممنوع من تملكها بسبب تجاوز الحدود كما ذكرنا أو بسبب منعه من تملك الأسهم، أن يقوم ببيعها وفق إجراءات البيع وخلال تسعين يوما من تاريخ تملكه لها، وإذا تخلف عن البيع يقوم مجلس الإدارة ببيعها عن طريق المزايدة العلنية وأي انتقال للأسهم بغير طريق البيع يجب أن يسجل في سجل انتقال الأسهم بموجب حكم صادر من المحكمة المختصة ويكتسب الدرجة القطعية( ) .
ولن تتعرض القوانين موضوع المقارنة إلى انتقال ملكية الأسهم عن طريق الإرث، وعلى ما يبدو تركتها لأحكام القواعد العامة في قواعد الميراث والقانون المدني، وفعلت خيرا في هذا المنحى .
المطلب الثاني
سندات القرض Credit Bonds
إذا كانت الشركة قد حددت راس مالها بما يحقق أغراضها بناء على دراسة من جهة لها خبره،فان الشركة أثناء حياتها قد ترى حاجتها إلى أموال أخرى كأن تريد توسيع نشاطها، ولا ترغب في زيادة راس المال، لأن للزيادة شروطها وأسبابها وآثارها، فليس أمام الشركة إلا الاقتراض، وقد يحصل من المصارف إذا كان المبلغ المقترض صغيرا ومدة سداده قصيرة، اما إذا كانت المبالغ المطلوبة بحجم كبير، وتحتاج الشركة إلى مدة طويلة نسبيا لسداده فليس أمام الشركة إلا الاقتراض من الجمهور بواسطة سندات القرض، ولم ينظم قانون الشركات الملغي لسنة 1983 أحكام الاقتراض بواسطة السندات، لكن القانون الحالي افرد الفصل الثاني من الباب الثالث (المواد 77 ـ 84) لسندات القروض.
وقبل توضيح الأحكام التي وضعها القانون الخاص بسندات القرض، نعرف السندات أولا ثم نعقد مقارنة بينها وبين الأسهم :
تعريف سند القرض : يعرف سند القرض على انه ورقة مالية اسمية قابلة للتداول وغير قابلة للتجزئة تمثل حق دائنيه لحاملها تجاه الشركة( )، وقد أشارت لبعض هذه الخصائص المادة 77 من قانون الشركات .
وبناء على التعريف فالسند اسمي قابل للتداول وغير قابل للتجزئة وهذه خصائص الأسهم أيضا، كما مر بنا ومع ذلك يختلف السند عن السهم في كثير من الأمور ابرزها :
1 ـ حامل السهم شريكا في الشركة، في حين يعد حامل السند دائنا لها، ويختلف المركز القانوني للشريك عن الدائن .
2 ـ مادام حامل السهم شريك يحق له المشاركة في إدارة الشركة في الترشيح أو التصويت ولا يحق لحامل السند ذلك، فلا يشارك في الإدارة ولا في اختيارها .
3 ـ يستحق حامل السهم الأرباح التي تنتجها الشركة متساويا مع غيره من الأسهم، وبذلك يختلف مقدار الربح حسب ما ينتج من أرباح، وقد لا تنتج الشركة ربحا فلا يحصل حامل السهم على شيء .
أما حامل السند فهو دائن له فوائد تأتيه جرى الاتفاق عليها في نشره الإصدار ولا علاقة لتقاضي الفوائد بما تحققه الشركة من أرباح، فيستحق حامل السند الفوائد حتى مع خسارة الشركة .
4 ـ عند تصفية الشركة تدفع لحملة السندات حقوقهم أولا، وبعدها يأتي دور حملة الأسهم .
هذه أهم الفروق بين الأسهم والسندات( ) على الرغم من التشابه بينهما وعلى الرغم من انها أوراق مالية تصدرها شركة واحدة .
نوضح فيما يأتي الأحكام الخاصة بإصدار السندات، وتشبه عملية إصدار السندات إصدار الأسهم، ففي الحالتين يجري اللجوء نحو الادخار العام للجمهور لذلك فان هدف الأحكام التي تضعها القوانين عادة حماية المدخرين من تلاعب الشركة وسنتناول شروط واجراءات إصدار السندات نسبقها بتوضيح النظام القانوني (التكييف القانوني) لسندات القرض.
وقد وجدنا ترددا لدى الفقه في اضفاء الصفة التعاقدية على العلاقة بين المكتتب والمؤسسين للشركة عند إصدار الأسهم، ولان إجراءات تأسيس الشركة قد تفشل في الوصول إلى نهايتها بنجاح وتكوين الشركة، أما في تحديد العلاقة بين المكتتب بسند القرض و الشركة فلا تقوم مثل هذه الصعوبة لأن الشركة قائمة وهي شخص معنوي تام ليس في طور التكوين ولذلك فالعلاقة عقدية بين الشركة من جهة والمكتتب في سند القرض من جهة أخرى يلتزم الأخير بدفع ما يطلب منه مقابل الحصول على السند وقبوله الشروط الواردة في نشره الاصدار مقابل التزام الشركة في دفع الفوائد واعادة قيمة السندات كاملة في نهاية المدة المحددة للقرض .
وثمة من يرى أن نشره الاصدار إيجاب صادر عن الشركة، وتوقيع المكتتب على استمارة الحصول على السندات قبول للايجاب لكنه قبول جماعي مشروط بقبول الجمهور لهذه الشروط، وينبني على ذلك حق المكتتب في الرجوع عن اكتتابه إذا لم تغطى جميع السندات التي اصدرتها الشركة( )، ونبين فيما يأتي شروط إصدار سندات القرض وبعدها إجراءات اصدارها :
1 ـ شروط إصدار سندات القرض .
بينت المادة 78 من قانون الشركات شروط لجوء شركة المساهمة إلى الاقتراض من الجمهور عن طريق إصدار سندات قرض تطرح في اكتتاب عام، وهذه الشروط هي :
((لا يجوز إصدار سندات القرض قبل استكمال الشروط الآتية :
أولا : أن يكون راس مال الشركة مدفوعا بكامله
ثانيا : أن لا يتجاوز مجموع القرض راس مال الشركة .
ثالثا : موافقة الهيئة العامة للشركة على إصدارها بناء على توصية مجلس الإدارة )) فالشروط كما هو واضح، أن يكون راس مال الشركة مدفوعا بكامله، وقد جاءت كلمة (راس مال) مطلقة لذا فهي تنصرف إلى راس المال الاسمي، لأنه هو الأساس، والغاية من هذا الشرط واضحة، فكيف يتسنى للشركة أن تطلب المال عن طريق الاقتراض وجزء من راس مال الشركة مازال في ذمة المكتتبين، لأنه بامكان الشركة الانتظار لحين استحقاق القسط لتسد حاجتها للسيولة النقدية، ولا يتعدى الانتظار مدة السنة أو اقل منها، وقد بينت المادة 49 من قانون الشركات المصري : ((وبعد أداء راس المال المصدر بالكامل…))( )، وم88 من قانون الشركات العماني ((أن يكون قد تحرر راسمال الشركة المكتتب بكامله)) وم117 من نظام الشركات السعودي التي استثنت ((شركات التسليف العقاري وشركات التسليف الزراعي أو الصناعي والشركات التي يرخص لها بذلك وزير التجارة))، ومثل هذا النص قانون الشركات اليمني (م112)، و(م118) من قانون الشركات الكويتي أن يكون راس المال المكتتب به مدفوعا بالكامل و(م179) من قانون الشركات الإماراتي التي اباحت للشركة الاقتراض حتى قبل نشر ميزانية السنة الأولى ((إذا كفلت الدولة أو أحد المصارف العاملة فيها الوفاء بهذه السندات …)) ونرى اعتماد راس المال المكتتب به اكثر واقعية.
أما الشرط الثاني فهو أن لا يتجاوز مبلغ القرض راس مال الشركة، وقد بينت الفقرة ب من م112 للقانون اليمني ((…ألا تزيد قيمة الإسناد على راس المال الموجود فعلا )) وكذلك م180 من القانون الإماراتي، وم117 من نظام الشركات السعودي اشترطت أن لا يتجاوز مبلغ القرض راس المال المدفوع وم88 من القانون العماني ورد راس المال مطلقا، بينما اشترط القانون المصري في المادة 49 ((ألا تزيد قيمتها على صافي أصول الشركة حسبما يحدده مراقب الحسابات وفقا لآخر ميزانية وافقت عليها الجمعية العامة))، وم118 من القانون الكويتي راس المال المكتتب، وإذا كان الضمان جميع أموال الشركة وهو يتماشى مع نص القانون المصري، إلا أن الاقتصار على راس المال الاسمي أو المكتتب به فيه ضمان لا غبار عليه . والشرط الثالث صدور قرار من الهيئة العامة للشركة، ولم يبين القانون هل أن القرار يعد من القرارات العادية أم القرارات التي تتطلب حضور عدد مخصوص من المساهمين؟، نرى أنه اجتماع عادي لأن الأمور التي تتطلب نصابا مخصوصا استثناء وردت حصرا في الفقرة ثانيا من المادة 92، ولم يرد من بين موضوعاتها اتخاذ قرار بإصدار سندات القرض( )، ونرى أن موضوع الاقتراض من الجمهور فيه خطورة على الشركة والمقرضين يستحسن لو اشترط القانون أغلبية خاصة .
2 ـ إجراءات إصدار السندات
أ ـ بعد صدور قرار الهيئة العامة المرتبطة بدراسة اقتصادية عن أسباب الاصدار وأوجه إنفاق القرض، يرسل القرار والدراسة إلى مسجل الشركات.
ب ـ بعد أن يجد المسجل توافر الشروط القانونية، يرفع الأمر إلى وزير التجارة مع تنسيبه أي أن يكتب خلاصة عن توفر الشروط القانونية ورأيه في الطلب، وللوزير الموافقة على الطلب أو رفضه، ويبلغ القرار للشركة في الحالتين من قبل المسجل (م79) والقرار نهائي على ما يبدو( ).
جـ ـ يكون شراء السندات بدعوة الجمهور إلى الاكتتاب بالسندات، وتبدأ إجراءات الاكتتاب بنشر بيان الاصدار في النشرة التي يصدرها المسجل وفي صحيفتين يوميتين، ويتضمن البيان المعلومات الآتية التي تكتب في السندات عند اصدارها :
((أولا ـ اسم الشركة ورأس مالها .
ثانيا ـ تاريخ قرار الهيئة العامة بالموافقة على إصدار سندات القرض .
ثالثا ـ معلومات عن الوضع المالي للشركة
رابعا ـ سعر الفائدة وتواريخ استحقاقها .
خامسا ـ قيمة الإصدار ومدته والقيمة الاسمية لكل سند .
سادسا ـ طريقة الاكتتاب ومدته وطريقة الدفع .
سابعا ـ مواعيد الوفاء بالقيمة الاسمية للسند .
ثامنا ـ الغرض من القرض .
تاسعا ـ ضمانات الوفاء .
عاشرا ـ سندات القرض التي أصدرتها الشركة سابقا .
حادي عشر ـ أية بيانات ومعلومات ضرورية ))( ) .
يجري الاكتتاب في مصرف يقوم بعملية الاكتتاب لقاء عمولة، ويغلق الاكتتاب أما بانتهاء المدة المحددة له، أو بالاكتتاب بجميع الإسناد المصدرة، ويقوم المصرف بالإعلان عن غلق الاكتتاب في صحيفتين يوميتين، ويزود المسجل بقائمة تتضمن أسماء المكتتبين وعناوينهم وجنسياتهم وعدد السندات المكتتب بها والمبالغ المدفوعة من كل سند( ) .
ويحق للمكتتبين بسندات القرض وخلال سبعة أيام من تاريخ آخر اعلان بالغلق الطعن أمام المحكمة المختصة وهي محكمة البداءة التي يقع المقر الرئيس للشركة في دائرتها بعدم صحة إجراءات الاكتتاب، وتنظر المحكمة في الطعن بصورة مستعجلة وقرارها خاضع لمراجعة محكمة الاستئناف بصفتها التمييزية، ولا يخضع القرار للطعن بتصحيح القرار التمييزي، وإذا حكم بإلغاء الاكتتاب لثبوت الأسباب الواردة في الطعن، وجب على المصرف إعادة المبالغ المسددة من المكتتبين إليهم خلال مدة لا تزيد على ثلاثين يوما( ) .
ولم يتطرق النص إلى التعويض إن كان له مقتضى، ولكن يمكن سماع دعوى التعويض بناء على دعوى المسؤولية التقصيرية وفقا للقواعد العامة المطلوب من المكتتب إثبات أركانها، وقد أشار القانون المصري م49 إلى الحقوق التعويضية، وكذلك م121 من نظام الشركات السعودي، أما السندات التي لم يكتتب بها فتستطيع الشركة أن تبيعها في سوق الأوراق المالية بسعر التداول على أن لا يقل عن قيمتها الاسمية( ) .
ومطلوب من الشركة أن توفي بقيمة السندات في المدة المحددة في بيان الإصدار أو قبل ذلك ولكن لا يجوز في كل الأحوال أن يتعدى التاريخ المذكور( ).
والملاحظ على الأحكام التي أوردها قانون الشركات الخاصة بإصدار سندات القرض انه يمكن أن تسدد أقيام السندات على دفعات، وهذا ما يستدل من نصوص القانون بصورة غير مباشرة، إذ ورد في النصوص اكثر من مرة عبارات المبلغ المدفوع أو الذي يدفع من قيمتها . (المبالغ المسددة من المكتتبين) (والمبالغ المدفوعة من قيمة السند) (م82، 81) .
و(طريقة الدفع) التي وردت في بيان الإصدار، بينما أشارت بعض القوانين العربية إلى أن يكون دفع قيمة السندات كاملة مرة واحدة( )، وهذا يتوافق مع حاجة الشركة إلى السيولة التي دفعتها للاقتراض، كذلك أشارت القوانين العربية موضوع المقارنة إلى تكوين هيئة عامة تنتخب ممثلين عنهم لحماية حقوق أصحاب السندات( )، ولم يتضمن القانون العراقي مثل ذلك وهو نقص كان من المستحسن تلافيه .
كما أن القانون العراقي لا يعرف إلا نوعا واحدا من السندات نستطيع أن نطلق عليه السندات العادية، وهي السندات التي تعطي لأصحابها الحق في تقاضي الفوائد الثابتة في بيان الإصدار في المواعيد المحددة أيضا، وحق تسلم مبالغ السندات عند انتهاء المدة المحددة للقرض في حين تعرف القوانين أنواعا من السندات كما يشير الفقه إلى أنواع أخرى، فبالإضافة إلى السندات العادية كما ذكرنا توجد :
السندات القابلة للتحول إلى أسهم : نرى المادة 50 من قانون الشركات المصري تقضي بأنه ((يجوز أن تتضمن شروط إصدار السندات قابليتها للتحول إلى اسهم بعد مضي المدة التي تحددها الشركة في نشرة الاكتتاب ويتم التحول بموافقة صاحب السند))( )، كما يوجد نوع آخر من السندات هي السندات ذات المكافأة وبذلك تنص المادة 121 على انه ((يجوز إصدار سندات ذات مكافأة تدفع عند استهلاك السند أو الوفاء بقيمته …))( )، ويشير الفقه إلى السندات ذات العلاوة، حيث يدفع المكتتب مبلغا يقل عن القيمة الاسمية للسند بينما تلتزم الشركة بكامل قيمة السند ويجري احتساب الفوائد بناء على ذلك أيضا، والغاية من ذلك تشجيع المدخرين على شراء السندات( ) .
المبحث السادس
الأرباح والخسائر
إن هدف الشركة يتمثل أساسا بالحصول على الربح ولكن قد لا يؤول نشاطها إلى تحقيق ذلك فقد تمنى بخسارة، وتقضي نية المشاركة، توزيع الأرباح والخسائر بين الشركاء وسنتناول توزيع الأرباح أولا ثم توزيع الخسائر .
توزيع الأرباح
تنص المادة 73 من قانون الشركات على أن :
((يوزع الربح الصافي للشركة بعد استيفاء جميع الاستقطاعات القانونية على الوجه الآتي :
أولا : (5%) خمس من المئة في الأقل كاحتياطي إلزامي حتى يبلغ (50%) خمسين من المئة من راس المال المدفوع، ويجوز بقرار من الهيئة العامة الاستمرار في الاستقطاع لحساب الاحتياطي الإلزامي بما لا يجاوز (100%) مئة من المئة من راس المال المدفوع .
ثانيا : يوزع الباقي من الربح أو جزء منه على الأعضاء حسب أسهمهم أو حصصهم حسب الأحوال)) ونتناول هذا النص على نقاط :
1 ـ الربح الصافي الذي يوزع هو الربح الذي حققته الشركة المستمدة من زيادة الإيرادات على المصروفات، ووفقا لاستخدام المعايير المحاسبية مستقطعا منه ما تقرره القوانين كحصة الضريبة مثلا وحصة الضمان الاجتماعي للعمال .
2 ـ يستقطع من الربح الصافي ما لا يقل عن 5% لتكوين احتياطي، ويشترط في المبلغ المستقطع أن لا يقل عن 5% ولكن يجوز الاستقطاع بأكثر من ذلك، وجاء الأكثر مطلقا على أن لا يصل الأمر لحرمان المساهمين من حقهم في الأرباح، ويكون الاستقطاع لحساب تكوين احتياطي وهو احتياطي إلزامي كما واضح من النص، لأنه بالإمكان تكوين احتياطيات اختيارية حسب ما تقرره الهيئة العامة( )، ويستمر استقطاع النسبة المذكورة من صافي الأرباح حتى يصل المستقطع إلى (50%) من راس المال المدفوع، وتستطيع الهيئة العامة أن تقرر مواصلة الاستقطاع بما لا يتجاوز (100%) من رأس المال المدفوع، كأن تقرر الهيئة العامة الاستمرار بالاستقطاع إلى (75%) أو (90%) أو (100%) ولكن لا يجوز أن يتعدى ذلك .
3 ـ يوزع ما تبقى من الربح أو جزء منه بحسب ما تحدده الهيئة العامة على المساهمين حسب أسهمهم، لأن الأسهم من نوع واحد في القانون العراقي فهي متساوية من حيث الحقوق في تقاضي الأرباح ولذلك يكون لكل مساهم مقدار من الربح يتناسب مع عدد ما يمتلكه من الأسهم ووفق المعادلة الآتية :
مجموع الربح المطلوب توزيعه
ــــــــ×عدد اسهم كل مساهم=الربح لكل مساهم
عدد اسهم راس المال
كما أشارت المادة 74 إلى أوجه استخدام الاحتياطي فجاء النص كالآتي :
((أولا : يستخدم الاحتياطي لأغراض توسيع وتطوير أعمال الشركة، وتحسين ظروف العمل والعمال فيها، والاشتراك في تأسيس مشروعات لها علاقة بنشاط الشركة، والإسهام في حماية البيئة( ) وبرامج الرعاية الاجتماعية، وللجهة القطاعية المختصة توجيه الشركة نحو الاستخدام الأمثل للاحتياطي بما يخدم الأغراض المذكورة، ولا يجوز توزيع أية أرباح منها .
ثانيا : اطفاء خسائر الشركة من الاحتياطي بما لا يتجاوز (50%) خمسين من المئة منه، وما زاد على ذلك يكون خاضعا لموافقة المسجل والجهة القطاعية المختصة )) .
ونتناول النص المذكور المتعلق باستخدامات الاحتياطي بنقاط وعلى الشكل الآتي :
1 ـ الاستخدام الرئيس للاحتياطي وهو احتياطي إلزامي كما ذكرنا لتوسيع وتطوير أعمال الشركة، كأن تفتح الشركة خطوطا إنتاجية جديدة، إذا كانت شركة صناعية، أو تحدث خطوطها القديمة، أو إدخال التقنية الحديثة في الإنتاج، وكل ذلك لصالح الشركة .
2 ـ تحسين ظروف العمل والعمال : ولا تخفى أهمية تحسين ظروف العمل والعمال على الإنتاج والإنتاجية، كأن تلجأ الشركة إلى تسقيف مكان العمل إن كان مكشوفا، أو فتح مطعم للعمال يقدم وجبات بأسعار مخفضة، أو تهيئة خطوط نقل ملائمة .
3 ـ المشاركة في المشاريع ذات العلاقة بنشاط الشركة في إنجاز المشاريع ذات العلاقة أو المشاركة برأس المال بحيث تصبح الشركة شريكا في المشاريع المذكورة .
4 ـ الإسهام في مشاريع حماية البيئة وبرامج الرعاية الاجتماعية( ) .
وتعد هذه الأمور ذات أهمية في حياة المجتمع والعاملين في الشركة، يقتضي من الشركة أن تخصص جزءا من الاحتياطي لمواجهتها، كإنشاء دور حضانة لأطفال العاملات في الشركة ومراكز ترفيهية منفردة أو بالمشاركة مع غيرها من الوحدات الاقتصادية .
5 ـ تشير المادة المذكورة إلى انه على الجهة القطاعية المختصة أن توجه الشركة نحو الاستخدام الأمثل للاحتياطي ونرى في ذلك عبئا على الجهة القطاعية المختصة، إذ يطلب منها ملاحقة الشركات وتوجيهها نحو اس