الوجيز في القانون الإداري… الدكتور مازن ليلو راضي 6
و إذا صدر قرار التعيين باطلاً لاحتوائه على عيب من عيوب المشروعية , فإن السلطة المختصة بالتعيين تملك سلطة سحب قرارها الباطل ، أما الأعمال التي صدرت عن الموظف الذي تم تعيينه فإنها تعد مشروعة تطبيقاً لنظرية الموظف الفعلي .
المبحث الثالث
حركة الموظف أثناء الخدمة
قد تطرأ على الحياة الوظيفية للموظف تغييرات معينة طبقاً لمتطلبات العمل الوظيفي والمصلحة العامة , فقد ينقل الموظف نقلاً نوعياً أو مكانياً أو ينتدب إلى وظيفة أخرى لمدة معينة أو تتم إعادته إليها , وسوف نبين هذه المواضيع تباعاً : –
أولاً : النقــل .
الأصل أن الإدارة تملك سلطة تقديرية واسعة في نقل موظفيها من وظيفة إلى أخرى بحكم خضوعهم إلى مركز قانوني عام يجوز تغييره في أي وقت ولها حرية تقدير ظروف العمل ومقتضياته وليس للموظف الحق في الطعن بقرار النقل قضائياً اللهم إلا بطريق التظلم أو خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إبلاغه أمام الجهة التي أصدرت القرار أو لجنة التظلمات المختصة .
ٍ والنقل نوعان ، فهناك النقل المكاني والنقل النوعي :
1. النقل المكاني :
يقصد بالنقل المكاني أن يتم تغيير مكان عمل الموظف من مكان إلى آخر مع ممارسته لذات الوظيفة التي كان يمارسها سواء أكان النقل داخل الدائرة التي يعمل فيها الموظف أم خارجها .
2. النقل النوعي :
ويقصد به أن يسند إلى الموظف وظيفة أخرى غير وظيفته الأصلية التي تم تعيينه فيها من حيث الدرجة أو الأقدمية أو المرتب , سواء أكان النقل في داخل الوحدة الإدارية التي كان يعمل فيها أو إلى إدارة أخرى .
وفي هذه الحالة تختص دوائر القضاء الإداري بالرقابة على قرار الإدارة بنقل موظفيها لانطواء القرار على آثار سلبية تلحق الموظف , ولاحتمال أن تسعي الإدارة من وراء قرارها بالنقل إلى معاقبة الموظف كوسيلة مقنعة لتأديبه .
ثانياً : الندب .
يقصد بالندب أن يسند إلى الموظف مؤقتاً وظيفة أخرى خارج الجهة التي يعمل فيها مع احتفاظه بدرجته الوظيفية .
وتتمتع الإدارة بسلطة تقديرية بشأن انتداب موظفيها دون معقب من القضاء الإداري بشرط عدم إساءة استعمال هذه السلطة , فإذا انحرفت الإدارة في استعمال سلطتها وسعت من وراء قرارها بالندب إلى معاقبة الموظف بغير الطريق التأديبي فإن قرارها يعد بمثابة القرار التأديبي ويختص القضاء الإداري بنظر الطعن فيه .
ثالثاً : الإعارة .
الإعارة هي توقف الموظف مؤقتاً عن أداء وظيفته والتحاقه بعمل آخر لدى إدارة أخرى يخضع لشروطها ويتقاضى مرتبها أو مرتبه الكامل مضافاً إليه نسبة مئوية معينة مع بقاء علاقة الموظف بجهة عمله الأصلية من حيث العلاقات والأقدمية والترقيات .
ويترتب على انتهاء الإعارة قبل مدتها بقرار من الجهة المعيرة أو بناء على طلب الجهة المستعيرة أو طلب الموظف نفسه , عودة الموظف المعار ليشغل وظيفته الأصلية إذا كانت شاغرة أو أي وظيفة أخرى من ذات درجته .
الفصل الثالث
حقوق وواجبات الموظف العام .
كفل المشرع للموظف العام جملة من الحقوق حددها في القوانين واللوائح وفي مقابل ذلك ألزمه بواجبات محددة لا يجوز مخالفتها أو الاتفاق على ما يخالفها باعتبارها من النظام العام , وسنتطرق في هذا الفصل إلى الحقوق والواجبات التي يلتزم بها الموظف العام وفي مبحثين .
المبحث الأول : حقوق الموظف العام .
تأميناً لفاعلية الوظيفة العامة ولتوفير الاطمئنان للموظف العام فقد حدد المشرع جملة من الحقوق التي يجب أن يتمتع بها الموظف منها ما هو ذي طبيعة مالية ومنها ما هو ذي طبيعة أدبية , نتناولها تباعاً :
– المرتب وملحقاته .
– الترقية
– الإجازات .
أولاً : المرتب وملحقاته .
يقصد بالمرتب المبلغ المالي الذي يتقاضاه الموظف شهرياً نظير القيام بمهام وظيفته ، ويحض ويدخل ضمن معنى المرتب كافة المزايا المالية الأخرى الملحقة به كالمرتب الإضافي وبدل السفر والإقامة وعلاوة السكن والعلاوات الأخرى .
ويعد حق الموظف في تقاضي المرتب أهم حقوق الموظف لأنه السبب الرئيس في التحاقه بالوظيفة غالباً ، ولأهميته تلك فقد أضفى عليه المشرع حماية خاصة , فمن جهة تختص دوائر القضاء الإداري دون غيرها في نظر المنازعات المتعلقة بالمرتبات التي يتقاضاه الموظفون .
.
وتقسم العلاوات إلى نوعين :-
1. العلاوات الدورية :- وتمنح للموظف سنوياً اعتباراً من أول الشهر التالي لانقضاء سنة من تاريخ التعيين أو منح العلاوة السنوية السابقة .
ويستحق الموظف العلاوة السنوية بصفة اعتيادية ولو تمت ترقية الموظف إلى درجة أخرى ’ إلا أن المشرع اشترط أن يؤدي الموظف خدمته بصورة مرضية .
2. العلاوة التشجيعية : أجاز المشرع منح الموظف مكافأة تشجيعاً على بذل أقصى قدر ممكن من الجهد في العمل تعادل العلاوة الدورية المقررة له و لا يؤثر منح هذه العلاوة على منح العلاوة الدورية في موعدها السنوي .
ثانياً : الترقية .
يقصد بالترقية كل ما يطرأ على الموظف من تغيير في مركزه القانوني يكون من شأنه تقديمه وتميزه عن أقرانه .
والترقية تحقق للموظف مزايا مادية ومعنوية فهي تفسح المجال للموظف في الوصول إلى المناصب العليا فيحقق بذلك طموحه في الحصول على درجة مالية أكبر واختصاصات أكثر أهمية .
ثالثاً : الإجـازات .
كل موظف لابد له من الراحة من عناء العمل لتجديد نشاطه ، كما أن ظروفه الصحية والاجتماعية قد تضطره لطلب الإجازة .
كما أن المصلحة العامة تقتضي في كثير من الأحيان منح الموظف فترة من الراحة ليعود بعدها نشيطاً وكفوءً لممارسة عمله .
1. الإجازة السنوية .
وهي الإجازة التي تتقرر سنوياً من أجل الراحة من عناء العمل ولتجديد نشاط الموظف مما ينعكس على كفاءته في تأدية وظيفته .
2. الإجازات الطارئة .
الإجازات الطارئة أو العارضة كما تسمى أحياناً هي تلك التي ينقطع فيها الموظف عن عمله لأسباب تمليها عليه الضرورات , ويجب أن يستأذن الموظف رؤسائه للترخيص له بالغياب .
3. الإجازة المرضية .
من المهم الحفاظ على صحة الموظف العام ليتمكن من القيام بمهامه الوظيفية على أكمل وجه ، وعلى ذلك كان من الواجب على المشرع أن يوفر العناية الأزمة للموظف من خلال منحه إجازة إذا لحق به مرض يحول دون قيامه بعمله على الوجه المطلوب .
المبحث الثاني
واجبات الموظف العام
في مقابل الحقوق التي يتمتع بها الموظف العام يجب أن يؤدي مهام معينة ضماناً لحسن سير الوظيفة العامة , وقد تعرض المشرع لواجبات الموظفين. ولابد من الإشارة إلى أن هذه الواجبات ليست محددة على سبيل الحصر , وإنما هي واجبات عامة ناتجة عن طبيعة الوظيفة العامة , وقد نص المشرع على الأساسية منها والتي سنبينها تباعاً :
– أداء العمل .
– طاعة الرؤساء .
– احترام القوانين واللوائح .
– عدم إفشاء أسرار الوظيفية .
– المحافظة على شرف وكرامة الوظيفة .
– عدم جواز الجمع بين الوظيفة وأي عمل آخر .
– عدم ممارسة الأعمال السياسية والمناهضة للدولة .
أولاً : أداء العمل .
الواجب الأول والجوهري الذي يلتزم به الموظف هو أن يؤدي العمل بنفسه وفي الوقت والمكان المخصصين لذلك ، وهذا الواجب من النظام العام لا يجوز للموظف أن يتنازل عنه أو ينيب غيره فيه لتعلقه بقواعد الاختصاص المحددة قانوناً . ( )
ويتفرع من هذا الواجب أن يقوم الموظف بالعمل بدقة وأمانة ،وأن يبذل غاية جهده فيه تحقيقاً للمصلحة العامة .
ويلزم أن يكون عمل الموظف خلال ساعات العمل منتجاً فلا يعنى هذا الواجب أن يتواجد الموظف بمقر وظيفته دون أن يؤدي عملاً ، كما يجوز أن يكلف الموظف بعمل في غير الأوقات الرسمية المحددة سلفاً إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك وله أن يحصل على أجر إضافي مقابل ذلك .
ثانياً : طاعة الرؤساء .
ويمثل واجب إطاعة المرؤوس لرؤسائه أحد الواجبات الهامة التي تقع على عاتق الموظف العام ويتوقف نجاح التنظيم الإداري على كيفية تلقي الأوامر وكيفية تنفيذها .
والطاعة الرآسية مناطها السلم الإداري أو التدرج الرآسي الذي يقوم على أساس خضوع كل طبقة من الموظفين لما يعلوها من طبقات . ( )
وتتضمن سلطة الرئيس على مرؤوسيه مجموعة من الاختصاصات بعضها يتعلق بشخص المرؤوس والأخر يتعلق بأعماله . ( )
تتضمن سلطة الرئيس على أشخاص مرؤوسيه الكثير من الاختصاصات منها ما يتعلق بالحق في التعيين والاختيار وحق الرئيس في تخصيص مرؤوسيه لأعمال معينه أو نقلهم وترقيتهم وإيقاع العقوبات التأديبية عليهم .
أما سلطة على أعمال مرؤوسيه فتتضمن حقه في توجيه مرؤوسيه عن طريق إصدار الأوامر والتوجيهات إليهم قبل ممارسة أعمالهم وسلطة مراقبة تنفيذهم لهذه الأعمال والتعقيب عليها ، فيملك الرئيس سلطة إصدار الأوامر والتعليمات الملزمة للمرؤوسين . ( )
وطاعة الموظف أمر مفروض تمليه طبيعة الوظيفة العامة وضرورة استمرارها إلا أن هذه الطاعة يجب أن تكون مقصورة على ما يتعلق بالعمل وحده ولا تمتد إلى خارجه كالحياة الخاصة للموظف إلا إذا كانت الحياة الخاصة تؤثر على أداء الموظف لعمله .
ويجب أن يكون الأمر صادراً للموظف عن رؤسائه المباشرين في نفس الوزارة أو المصلحة أو الإدارة( ) . وللموظف أن يتجاهل الأمر الصادر إليه من موظف آخر أعلى منه درجه لكن لا تربطه به أي صله رئاسية مباشرة أو غير مباشرة . ( )
إلا أن هذه الأوامر يجب أن تكون مشروعه حتى تكون محلاً للطاعة فإذا كانت غير مشروعه فالأصل أن الموظف غير ملزم بتنفيذها إلا إذا نبه رئيسه كتابه إلى أن ما أصدره إليه من أوامر تتعارض مع مبدأ المشروعية ، فإذا أصر الرئيس على موقفه كتابة وطلب تنفيذ أوامره ، ففي هذه الحالة يكون واجباً على الموظف التقيد بهذه التعليمات ويتحمل الرئيس المسؤولية الناتجة عن تنفيذ هذه الأوامر .
بينما نجد أن المشرع الفرنسي في قانون التوظيف الفرنسي رقم 634 الصادر في 13 يوليو 1983 أكد ضرورة الامتثال لجميع التعليمات الصادرة من الرئيس الإداري إلى موظفيه ، حتى لو كانت هذه الأوامر غير مشروعه إلا إذا كان من شأنها أن تهدد المصلحة العامة تهديداً جسيماً . ( ) وهذا ما أكده مجلس الدولة الفرنسي في العديد من أحكامه . ( )
وفى جميع الأحوال ليس للرئيس أن يكلف أحد مرؤوسيه بارتكاب جريمة وليس للمرؤوس أن يطيع الأمر الموجه إليه إذا كان يعلم انه ينطوي على ارتكاب جريمة وليس له أن يدفع بجهله للقانون بهذا الشأن ، فمن حق الرئيس بل من واجبه الامتناع عن تنفيذ الأوامر التي تشكل جريمة يعاقب عليها القانون ، وإلا تعرض للمسؤولية الجنائية فضلاً عن مسئوليته التأديبية .
ويتفرع من واجب الطاعة التزام آخر هو احترام الموظف رؤسائه وتمسكه بآداب اللياقة في مخاطبتهم ، وهذا الالتزام يحد من حرية تعبير المرؤوس عن مشاعره وأفكاره.( )
فالموظف يجب أن يتقيد بالحدود اللازمة للمحافظة على كرامة رؤسائه وحرمة الوظيفة عندما يجد نفسه مجبراً على ابدأ آرائه ومقترحاته بشأن مسألة معينه . تقول الأستاذة (كاترين)catherine في هذا الشأن ” أن الطاعة فضيلة أخلاقية ، عندما يتعلق الأمر بطلب تضحيات شخصيه ، فيجب أحياناً التنازل عن آراء وقيم متمسك بها والتدريب على السيطرة على الإرادة وهذا يتم أحياناً بالقسوة ” . ( )
ثالثاً : احترام القوانين واللوائح :
يلتزم الموظف بواجب احترام القانون بمعناه الواسع فيشمل ذلك احترام الدستور واللوائح والتعليمات والأوامر الرآسية .
أما فيما يتعلق بالمحظورات على الموظف العام فانه يحظر على الموظف بالذات أو بالواسطة أن يقوم بأي عمل من الأعمال المحظورة أو المحرمة بمقتضى القوانين أو اللوائح أو الأنظمة المعمول بها .
وفى حالة مخالفة الموظف هذا الواجب فانه يعرض نفسه للمسئولية التأديبية والجنائية إذا ما توافرت شروطها.
رابعاً: عدم إفشاء أسرار الوظيفة.
يطلع الموظف بحكم وظيفته على أمور وأسرار يتعلق بعضها بمسائل تمس المصلحة العامة للدولة كالأسرار العسكرية والاقتصادية والسياسية وبعضها يتعلق بمصلحة الأفراد وحياتهم الخاصة.
وفى الحالتين يلتزم الموظف بعدم إفشاء هذه الأسرار ويبقى هذا الالتزام سارياً حتى بعد انتهاء خدمة الموظف العام.
ويزول هذا الواجب إذا فقد الموضوع سريته أو صار معروفاً بطبيعته ، أو لإلغاء الأمر الذي فرض هذه السرية ( ) . أو سمحت السلطات المختصة بإفشاء السر أو أذن صاحب السر بإفشائه أو إذا كان من شأن إذاعة السر منع ارتكاب جريمة . ( )
ويترتب على مخالفه الموظف لهذا الواجب تعرضه للمسؤولية التأديبية والمسؤولية الجنائية إذا يشكل إفشاء أسرار الوظيفة جريمة بنص قانون العقوبات العراقي.
خامساً: المحافظة على شرف وكرامة الوظيفة.
حرصت التشريعات على عدم قصر مسؤولية الموظف على الاخلال بواجباته فى داخل نطاق الوظيفة ، انما اخذت تتدخل فى سلوكه وتصرفاته فى الحياة الخاصة والعامة لتمنع كل مايخل بشرف وكرامة الوظيفة العامة .
وغاية المشرع من هذه المحظورات أن يبعد الموظف عن مواطن الشبهات والريبة وهى محظورات وردت على سبيل المثال لا الحصر .
سادساً: عدم جواز الجمع بين الوظيفة وأي عمل آخر.
حفاظاً على نشاط الموظف وأداء عمله بدقه وكفائه حظر المشرع في قانون الخدمة المدنية الجمع بين الوظيفة وأي عمل الا في الأحوال التي يجوز فيها لذوى المؤهلات المهنية والعلمية مزاولة هذه المهن في غير أوقات العمل الرسمي.
الفصل الرابع
تأديب الموظف العام
إذا اخل الموظف العام بواجب من واجبات الوظيفة ، لابد أن يعاقب أو يجازى تأديبياً .
المبحث الأول
مفهوم الجريمة التأديبية
في العادة لا يضع المشرع تعرفاً محدداً للجريمة التأديبية ( ) كما هو الشان في الجريمة الجنائية ويكتفي غالباً بإيراد الوجبات والمحظورات وينص على أن كل موظف يجب أن يلتزم بهذه الواجبات ويمتنع عن كل ما يخل بها .
ولعل خشية المشرع في إضفاء وصف الجريمة على المخالفات التأديبية يعود إلى التشابه الذي قد يحصل بينها وبين الجريمة في المجال الجنائي :
لكن الفقه من جانبه قد سد النقص في هذا المجال فقد عرف الدكتور مغاورى محمد شاهين الجريمة التأديبية بأنها إخلال بواجب وظيفي أو الخروج على مقتضاها بما ينعكس عليها . ( )
وعرفها الاستاذ الطماوى تعريفاً مقارباً فقال : ” انها كل فعل أو امتناع يرتكبه العامل ويجافى واجبات منصبه “( ) , كما عرفها الاستاذ محمد مختار محمد عثمان بانها كل فعل أو امتناع عن فعل مخالف لقاعدة قانونية أو لمقتضى الواجب يصدر من العامل اثناء اداء الوظيفة أو خارجها مما ينعكس عليها بغير عذر مقبول . ( )
ومن الملاحظ ان هذه التعاريف قد جاءت خالية من الاشارة الى دور الارادة بوصفها ركن من اركان الجريمة التأديبية لايمكن ان تقوم الجريمة بدونه وان هذا الاتجاه لو اصبح اتجاهاً عاماً فانه سيؤدى الى مساواه حسن النية من الموظفين بسيئ النيه ولاشك ان ذلك يقود الى التطبيق العشوائى للمساءلة التأديبية مما يترك اثراً سلبياً على العمل فى المرفق .
ويمكننا تعريف الجريمة التأديبية بأنها كل فعل أو امتناع إرادي يصدر عن الموظف من شانة الإخلال بواجب من واجبات الوظيفة التي ينص عليها القانون فهذا التعريف يجمع بين جنباته أركان الجريمة التأديبية كافة من ركن مادي ومعنوي وشرعي وركن الصفة .
أولا: الخطأ أو الآثم التأديبي :
الخطأ التأديبي لا يخضع لقاعدة لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص كما هو الشان في الجريمة الجنائية فالموظف عليه أن يتجنب الواقع في كل ما يعتبر أخلالاً منه بواجب من الواجبات الوظيفية سوا كان هذا الإخلال بفعل ايجابي أو كان بفعل سلبي ويكون هذا الخطأ مستوجباً لقيام المسوؤلية الإدارية سواء نتج عنه ضرر أم لا .
فالضرر يكون مفترضاً لكونه اثر للإخلال بواجبات الوظيفة باعتباره إخلالاً بالصالح العام . ( )
أما تقدير ما إذا كان فعل الموظف يشكل خطأ تأديبياً أم لا فالأمر لا يخرج عن معيارين استند إليهما الفقه في قياس سلوك الموظف المنحرف .
فالخطأ قد يقاس بمعيار شخصي ومضمونة أن ينظر إلى سلوك الموظف المخطئ ويوزن في ظروف معينة فيعتبر مخطئا إذا كان سلوكه دون المعتاد منه في مثل تلك الظروف( ) ولاشك أن هذا المعيار منتقد فهو يجعل الموظف النشيط الدائب في العمل يؤاخذ على اهمالة اليسير غير المعتاد منه أما الموظف المهمل فلا يسال عن إخلاله بواجبه ما دام إهماله معتاد وهذه نتيجة غريبة لا يمكن معها الاعتماد على هذا المعيار في قياس الموظف أما المعيار الأخر وهو المعيار الموضوعي فينظر فيه إلى الفعل الذي ارتكبه الموظف ويقاس وفق المألوف من سلوك الموظف المعتاد , في ذات فئة الموظف الذي يراد قياس سلوكه فيعتبر الموظف مخطأ إذا خرج عن هذا المألوف وهذا المعيار هو السائد العمل فيه فقهاً وقضاء ( ) , فالمعيار الموضوعي معيار واقعي يراعى في التطبيق الظروف التي صدر فيها التصرف من ناحية الموظف الذي قام بالفعل من حيث سن الموظف وحالته الصحية وجنسه ومن ناحية الزمان والمكان والبيئة وافتراض أن الموظف المعتاد أحاطت به نفس الظروف التي أحاطت الموظف الذي ينسب الخطأ إليه ويوزن التصرف في هذا الأساس فإذا كان تصرف الموظف المعتاد مشابها لتصرف الموظف المخطئ فلا مسؤولية على الأخير أما لو حصل العكس فان الموظف يعتبر مرتكباً لخطأ يستوجب المسألة التأديبية , فالمعيار الموضوعي لم يعد معيار موضوعياً خالصاً فهو موضوعي في الأساس إلا انه شخصي عندما يقيس ظروف الموظف المخطئ الذي يتعين الاعتماد عليه وهذا المعيار هو الأقدر على تقرير متى يعتبر الموظف مخالفا لواجباته الوظيفية ومتى يمكن مساءلته تأديبياً .
ثانياً : التمييز بين الجريمة التأديبية والجريمة الجنائية :
تختلف الجريمة التأديبية عن الجريمة في المجال الجنائي من حيث الطبيعة والأركان .( )
ويمكن أن نوجز ما تتميز به الجريمة التأديبية عن الجريمة في النظام الجنائي بما يلي :
1. من حيث الأشخاص :
يشترط لوقوع الجريمة التأديبية أن يكون الفعل المعاقب عليه قد ارتكبه موظف مرتبط بالإدارة برابطه وظيفية . ( )
وهذا مادعى الفقه إلى القول بان نظام التأديب نظام ” طائفي ” اى انه يتعلق بطائفة في المجتمع على عكس النظام العقابي الذي يتصف بالعموميه و الشمول . ( )
2. من حيث الأفعال المكونة للجريمة :
أن الجرائم التأديبية ليست محدده على سبيل الحصر لذلك فهي لا تخضع لمبدأ ” لا جريمة و عقوبة إلا بنص ” و إنما مددها الإخلال بكرامة الوظيفة و الخروج على مقتضيات الواجب وتقرير قيام الجريمة من عدمه خاضع لتقرير الإدارة . ( )
اما الجريمه فى المجال الجنائى فحدده على سبيل الحصر .
3. من حيث الهدف :
يهدف النظام التاديبى الى حسن اداء الموظفين لاعمالهم وضمان سير المرافق العامه بانتظام واطراد . اما فى النظام الجنائى فالامر يتعلق بحماية المجتمع كله وضمان استقراره وامنه .
4.من حيث المسؤوليه :
تستقل الجريمة التأديبية عن الجريمة الجنائية من حيث المسؤولية ، فان إعفاء الموظف من المسؤولية الجنائية وإلغاء التهمه الجنائية المنسوبة إليه لا يمنع من مساءلته تأديبياً ( ) ، فالمخالفة التأديبية أساساً قائمة على ذاتها مستقلة عن التهمة الجنائية , قوامها مخالفة الموظف العام لواجبات وظيفته ومقتضياتها , وهذا الاستقلال قائم حتى ولو كان هناك ارتباط بين الجريمتين ، فالموظف قد يسأل تأديبياً لمخالفته النصوص التشريعية أو العرف الإداري ومقتضيات الوظيفة العامة ، في حين أن الجريمة الجنائية لا تتقوم إلا إذ خالف الفاعل نصاً تشريعياً .
5. من حيث نوع العقاب المفروض :-
أن العقاب التأديبي بتعلق بالمساس بمركز الموظف ومتعلقاته ، ويكون بإيقاع مجموعة من الجزاءات محددة على سبيل الحصر ، وأثارها محددة سلفاً أما في النظام الجنائي فإن العقاب يتعلق بالمساس بحرية الشخص أو حياته أو ماله ، وللقاضي الحرية في تقدير العقوبة وفق الواقعة المنظورة في الحدود المسموح بها قانوناً .
6. من حيث الإجراءات :
تتميز الجريمة التأديبية في الجريمة في المجال الجنائي ، من حيث الإجراءات الواجب اتباعها منذ ارتكاب الموظف للجريمة ومساءلته عنها وحتى إيقاع الجزاء عليه ، وهذه الإجراءات تنظمها قوانين خاصة بالوظيفة العامة والموظفين .
أما الجريمة في المجال الجدنائي فلها أصولها الخاصة التي تنظمها القوانين العامة كقانون الإجراءات الجنائية وقانون المرافعات المدنية . ( )
غلا أن الاختلافات السابقة لا تنفي وجود نوع الترابط والصلة بين الجريمتين التأديبية والجنائية ، فالجريمتان عبارة عن سلوك شاذ يعاقب عليه القانون ويجب تجنبه تحقيقاً للمصلحة العامة ، ومن يرتكبه بعرض نفسه للمساءلة والعقاب المناسب .
كما أن هذا السلوك المنسوب إلى الموظف قد يشكل جريمتين جريمة تأديبية وأخرى جنائية ، ولكن المساءلة التأديبية لا تتقيد بالمحاكمة الجنائية إلا فيما يتعلق بوقوع الفعل المكون للجريمة من الموظف أو عدم وقوعه , وفضلاً عن ذلك قد تعتبر بعض الع عقوبات التأديبية بمثابة عقوبة تكميلية للعقوبات في المجال الجنائي .
المبحث الثاني
أركان الجريمة التأديبية
اختلف الفقهاء في تحديد أركان الجريمة التأديبية بصورة عامة ولهم في ذلك مذاهب كثيرة فكان لكل فقيه رأيه الخاص .
فذهب الأستاذ الطماوي إلى أن الجريمة التأديبية تقوم على عنصرين هما الموظف والخطأ أو الذنب الإداري . ( )
وذهب الأستاذ ماجد راغب الحلو إلى أن الجريمة التأديبية تقوم على ركنين هما الركن المادي والركن المعنوي . ( )
بينما ذهب الأستاذ عبد الفتاح حسن إلى أن الجريمة التأديبية تقوم على ثلاثة أركان أو عناصر العنصر المادي والعنصر المعنوي ونصر الصفة . ( )
والراجح أن أركان الجريمة التأديبية هي نفس الأركان في أي جريمة أخرى هي الركن الشرعي والركن المادي والركن المعنوي وللطبيعة الخاصة التي تتميز بها الجريمة التأديبية يكون الركن الرابع فيها ركن الصفة .
اولا: الركن المادي :
يتعلق هذا الركن بماديات الجريمة ومظهرها الخارجي ةلا خلاف في عدم قيام أي جريمة أو تأديبية دون توافر هذا الركن .
سواء كان تمثل بمسلك إيجابي ، كما لو كان بشكل ارتداء على رئيس في العمل ظن أو بمسلك سلبي كالامتناع عن تنفيذ أمر رئاسي واجب الطاعة .
ولكي يكون فعل الموظف مسوغاً للمساءلة التأديبية يجب أن يكون محدداً وثابتاً فلا قيام للركن المادي استناداً للظن أو الشائعات ، لذلك فإن تهامات العامة أو النعوت المرسلة لا يمكن تعتبر مكونة لهذا الركن . ( )
كما أن مجرد التفكير دون ان يتخذها هذا التفكير مظهراً خارجياً ملموساً لا يشكل مخالفة تنجيز المساءلة التأديبية . ( )
كما أن الأعمال التحضيرية التي تتمثل في إعداد وسائل تنفيذ الجريمة ، ولا يعاقب عليها إلا إنها قد تعتبر في حد ذاته جريمة تأديبية مستقلة . ( )
ثانيا: الركن المعنوي :
الركن المعنوي هو الإرادة الآثمة للموظف الذي يرتكب الفعل أو الترك الذي يشكل إخلالاً بواجبات الوظيفة ومقتضياتها , ولا يكفي للمساءلة التأديبية أن يرتكب الموظف ما يعتبر منه مخالفة لواجب وظيفي ، وإنما يجب أن يتوافر عنصر نفسي واع يتجه إلى ارتكاب الفعل أو الامتناع وهذا العنصر هو الإرادة الآثمة أو الركن المعنوي .
والركن المعنوي في الجريمة التأديبية يختلف في الجريمة العمدية عنه في جريمة الخطأ ففي الجريمة العمدية لا يكفى أن يحيط الموظف علماً بالفعل الذي يرتكبه وإنما يجب أن يقصر تحقيق النتيجة المترتبة على تصرفه .
أما في الجريمة غير العمدية أو جريمة الخطأ فيتمثل الركن المعنوي في تقصير الموظف وعدم اتخاذه الحيطة والحذر اللازمين لداء واجباته الوظيفية ، ويكون بانصراف إرادة الموظف إلى ارتكاب العمل دون الرغبة في النتيجة المترتبة عليه .
ولابد لارتكاب الجريمة سواء كانت جنائية أو تأديبية من توافر الركن المعنوي فإذا تخلفت بأن انعدمت إرادة الموظف لقوة قاهرة أو مرض أو إكراه أو أمر رئاسي مكتوب فلا قيام للجريمة .
غير أن البعض ذهب إلى ضرورة توافر الركن المعنوي في المجال التأديبي في بعض الجرائم التأديبية المقننة ، وفي مجال الأخطاء التي حددها المشرع وجرمها بنصوص خاصة .
إلا انه في جرائم أخرى لم يصنعها المشرع على سبيل الحصر ، فالإرادة الآثمة لا تعنى أكثر من أن الموظف قد ارتكب الفعل أو الامتناع دون عذر شرعي . ( )
إلا أن الرأي الصائب هو ان المساءلة التاديبية تتطلب فين يحاسب غدراكاً ووعياً لما يقترفه لذلك قيل بأن يلزم لقيام الجريمة التأديبية أن يكون الفعل راجعاً إلى إرادة العامل إيجاباً أو سلباً . ( )
ثالثا: الركن الشرعي :
يتعلق الركن الشرعي بخضوع الفعل للجرائم وتعلق صفة عدم المشروعية به ، ولابد من القول بأن الأفعال المكونة للذنب التأديبي ليست محددة على سبيل الحصر ، وإنما مردها الإخلال بواجبات الوظيفة ومقتضايتها لا غير ، وهذا ما دعا البعض إلى القول بأنىالجريمة التأديبية لا تخضع لمبدأ شرعية الجرائم ولا يتوافر فيها الركن الشرعي. ( )
إلا أن الملاحظ أن شرعية الجرائم التأديبية هي غيرها بالقياس لشرعية الجرائم في المجال الجنائي حيث الخضوع لمبدأ ” جريمة ولا عقوبة إلا بنص ” .
فالمبدأ في الجرائم التأديبية أن الموظف يعاقب إذا ما خالف القواعد والواجبات الوظيفية المنصوص عليها في القوانين والأنظمة والتعليمات . ( )
ولا يعني ذلك عدم خضوعها لمبدأ المشروعية ، فالمشروعية في مجال الجرائم التأديبية لا تقتصر على النصوص الاقنونية وإنما تلعب فيها أحكام القضاء الإداري دوراً كبيراً يفوق دور النصوص القانونية .
فالنصوص القانونية التي تحدد الواجبات الوظيفية وتعاقب عند الإخلال بها وأحكام القضاء التي تمارس رقابتها على تطبيق هذه النصو صكفيلة لتقرير مبدأ شرعية الجرائم التأديبية .
وفي ذلك نقول محكمة القضاء الإداري المصرية : ” أن الجزاء التأديبي – كأي قرار إداري- يجب أن يقوم على سبب يبرره ن والسبب في الجزاء التأديبي هو الجريمة التاديبية التي تدفع الرئيس الإداري إلى التدخل بسلطته العامة ليحدث في حقالموظف مركزاً قانونياً معيناً هو العقوبة التي يقوقعها عليه ابتغاء مصلحة عامة هي حسن سير العمل، وقد يكون مشار النزاع من هذه الناحية – ناحية السبب- هو التحقق من صحة قيام الأفعال المنسوبة إلى الموظف ، أو التكييف القانوني لهذه الأفعال على فرض حصولها ، وهل تكون الجريمة التأديبية طبقاً للقانون ، وليس من شك في أن سلطة الإدارة في هذه الناحية أو تلك ليست سلطة تقديرية ، بل هي سلطة محددة بحدود القانون مقيدة بقيوده”.( )
وفي ذات الاتجاه قضت المحكمة العليا الليبية بقولها : ” أن المشرع لم يعدد الجرائم التأديبية علىسبيل الحصر كما فعل في الجرائم الجنائية حيث تخضع الأخيرة لمبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنض ، وإنما ترك لسلطة التأديب حرية واسعة في تقديرها وهذه الحرية يجب أن يقابلها رقابة قضائية فعالة وواسعة ضماناً لجدية ركن السبب في القرار الإداري ” . ( )
رابعا: ركن الصفة :
ركن الصفة أو الركن الشخصي هو الركن الرابع الذي لا يمكن قيام الجريمة التأديبية بدونه، وهو شرط لازم في الجرائم التأديبية دون سواها في الجرائم جنائية كانت أم مدنية،فلا بد أن يقع الفعل المكون للجريمة من أحد العاملين المرتبطين بجهة الإدارة برابطة وظيفية.( )
ويثار في هذا المجال سؤال حول الأفعال التي تصدر من الموظف الفعلي أو الظاهر ، وهو شخص تدخل خلافاً للقانون في ممارسة اختصاصات وظيفة عامة متخذاً مظهر الموظف القانوني النختص ، فهل يجوز مساءلته تأديبياً في مثل هذه الحالة ؟ .
قبل الإجابة على هذا السؤال لابد من القول أن القاعدة كما بينا سابقاً أنه لا يجوز للأفراد العاديين أن يتولوا وظيفة علمة بصورة غير قانونية ، لأنهم بذلك يكونون مغتصبين لها وجميع تصرفاتهم تعد باطلة ، إلا في حالة الموظف الفعلي استثناءً حفاظاً على دوام سير المرافق العامة في ظروف الحروب واتلثورات عندما يضطر الأفراد إلى إدارة المرفق بدون أذن من السلطة ، أو حفاظاً على الوضع الظاهر أمام الجمهور عندما يشغل الشخص وظيفة معينة بناءً على أمر بالتعيين لم يتخذ الشكل القانوني المطلوب لصدوره أو استمراره يشغل الوظيفة رغم انتهاء صفته كموظف عام ، أو في حالة سكوت الإدراة عن تجاوز الموظف اختصاصاته واستقرار العمل على ذلك .
ففي هذه الحالات اعترف القضاء والفقه ببعض الآثار القانونية للوظيفة الفعلية كمنح الموظف الفعلي راتباً مقابل إدائه لعمله إذا كان حسن النية .
أما حول إمكانية مساءلة الموظف الفعلي تأديبياً ، فقد ثار خلاف فقهي بهذا الشأن، فذهب جانب من الفقه إلى أن التزامات الموظف الفعلي أقل من التزامات الموظف الرسمي ، وأنه لا يخضع للجزاءات التأديبية لأن مسؤوليته عادية لا مسلكة ، فإذا صدر خطأ شخصي أو زاول العمل بالقوة والعنف والتهديد ، فإن المراجعة بشأن تصرفاته هي من اختصاص المحاكم العادية جنائي أو مدنية . ( )
لذلك لا يمكن حسب هذا الرأي تصور مساءلة الموظف الفعلي تأديبياً ، أما الجانب الأخر من الفقه فذهب إلى أن نظرية الموظف الفعلي تضم قطاعين القطاع الأول هم الموظفين الفعليون فى الاوقات الاستثنائيه ، اى أوقات الحرب والازمات والتورات . وفى هذه الحاله يكون من تولى الوظيفه فرداً عادياً لا تجوز مساءلته تأديبياًعن اعماله اثناء شغله للوظيفه .
اما القطاع الثانى فهم الموظفون الفعليون الذين يمارسون اختصاصاً معيناً فى الظروف العاديه ، بسبب بطلان التعيين أو انقطاع الصلة بالوظيفه أو حالة الاستمرار غير المشروع فى العمل أو سكون الادارة عن اختصاص الموظف الظاهر. فهؤلاء يخضعون لاحكام التأديب وما يقع منهم من اخطاء فى ممارسة الوظيفه بشكل جريمه تأديبيه . ( )
ونرى ان هذا الراى هو الاصوب ذلك ان نظام التاديب لا يسري الا على الافراد المرتبطين مع الاداره برابطه وظيفيه والموظف الفعلى لا يكون مرتبطاً بهذه العلاقه فى ظل الظروف الاستثنائيه .
وقد أيد القضاء الإداري هذا الرأي فقالت المحكمة الإدارية العليا ” أن مناط مسؤولية الموظف الإخلال بالواجبات العامة ، وتتحقق هذه المخالفة ولا اثر لكون الموظف الذي وقع منه الإخلال مستوفياً شروط الوظيفة أم لا ، مادام قائماً بعمله فعلاً كأصيل أو منتدب .إذ أن الأمانة مطلوبة منه في عمل يؤديه يقطع النظر عن ظروف إسناد العمل إليه ، ولا يبيح الإخلال بهذا ، أو يمحو عن الإخلال بالمسئولية المترتبة عليه، عدم إحالته في العمل الذي أنيطت به اختصاصاته ، كما أن تطوع الموظف للقيام بعمل موظف أخر لا يعفيه من المسؤولية عن أخطائه ” . ( )
الباب الخامس
القرار الإداري
موضوع القرار الإداري من أكثر المواضيع أهمية وحيوية في القانون الإداري , فهو الأسلوب الأكثر شيوعاً في أعمال الإدارة , ولا نظير له في مجال القانون الخاص , فمن شأنه أحداث آثار قانونية على عاتق المخاطبين به دون أن يتوقف ذلك على قبولهم .
وفي هذا الجزء من الدراسة نجد أنه من المناسب تمييز بين القرار الإداري وأعمال الدولة الأخرى , ونبين أركانه أو عناصره وأنواعه والشروط اللازم توافرها في القرار الإداري ليكون صحيحاً وسليماً من الناحية القانونية وأخيراً نبحث في نهاية القرارات الإدارية.
وفي هذا السبيل سنقسم هذا الباب إلى :
الفصل الأول : تمييز القرار الإداري عن أعمال الدولة الأخرى .
الفصل الثاني : مفهوم وعناصر القرار الإداري .
الفصل الثالث : تصنيف القرارات الإدارية .
الفصل الرابع : النظام القانوني للقرارات الإدارية .
الفصل الخامس : نهاية القرارات الإدارية .