مشكلات نفسية – إجتماعية معاصرة …. الدكتور أسعد الإمارة (7)
المصادر :
1 – مدخل علم النفس: دافيدوف.ليندا/ ترجمة سيد الطواب وآخرون، دار ماكجروهيل للنشر. القاهرة مصر (1983).
2 – مدخل إلى الطب النفسي: عمارة، الزين عباس/ دار الثقافة، بيروت لبنان (1986).
3 – المصدر السابق: ص473.
4 – دافيدوف: ص959.
5 – الاكتئاب اضطراب العصر الحديث: إبراهيم، عبد الستار/ عالم المعرفة، الكويت، المجلس الوطني للثقافة والفنون (1998)ص17
6 – في النفس: مصطفى زيور/ دار النهضة العربية (1986) ص175.
7 – الأمراض النفسية: فايز محمد علي الحاج/ مطبعة المكتب الإسلامي، بيروت لبنان (1987) ص66.
8 – المصدر السابق: ج1 ص67.
9 – المصدر السابق: ص75.
10 – ن.م. ص66.
11 – دافيدوف: ص675.
12 – إبراهيم: ص99.
13 – مدخل إلى الطب النفسي: ص483.
14 – الأمراض النفسية: ج1 ص79.
15 – النفس: علي كمال/ دار واسط، بغداد العراق (1988) ج1 ص255.
16 – الاجتماع: الإمام محمد الحسيني الشيرازي/ دار العلوم، بيروت لبنان (1992) ج1 ص60،ص 217
17 – الفصول المهمة في تأليف الأمة: عبد الحسين شرف الدين الموسوي/ مطبعة دار الإمام زين العابدين (ع) بيروت لبنان، ص15.
18 – أصل الشيعة وأصولها: محمد حسين كاشف الغطاء/ منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت (1993) ص94.
19 – العلاج النفسي قديماً وحديثاً: علي كمال/ المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت (1994) ص149.
20 – المصدر السابق: ص130.
21 – ن.م.ص133.
الدين … والتدين السياسي
محاولة فهم ما يجري في الواقع النفسي لدى الانسان حينما يدمج المعتقد السماوي ب”الفكر”السياسي يتطلب منا ان نستعيد بعض مسلمات علم النفس.ربما اجزم بانه لاتوجد جماعة بشرية يمكن ان يتفق افرادها جميعا على موقف فكري واحد او على تعاليم دين واحد او مذهب واحد بكل تفاصيله،انه قانون شهير ومعروف لدى جميع المشتغلين في العلوم النفسية فضلا عن انه تصديق للخبرات المعاشة للناس عبر العصور المختلفة،ورغم رسوخ هذه الحقيقة فثمة ميل جارف لدى كثرة غالبة من البشر لتجاهلها وطمسها،وهو ميل يفسره قانون شهير ايضا من قوانين علم النفس الاجتماعي وهو الميل للحكم وفقا لانماط جاهزة مسبقة قفزاً على الاختلافات، رغم ما يفيض به الواقع المعاش من تفاصيل واختلافات ،لا حصر لها. فالدين في حقيقته معتقد تمتد جذوره الراسخة الى اعماق النفس الانسانية وهو بنفس الوقت اعمق من الرأي او الاتجاه واصلب من الفكر مهما كان نوعه ، وسؤالنا هو : كيف يمكن ادماج المعتقد السماوي بالفكر السياسي الوضعي الذي يبتعد كثيرا عن المبدأية؟
نحن نعرف ويعرف معنا الجميع بان الدين والروحانيات والاخلاقيات لها تأثير قوي داخل عمق النفس الانسانية ،فبعض جوانب الدين ،كالشعور بالاثم والقيادة و”الاتباع”والتقليد تؤثر في الشخصية ويمكن ان تكون محاور لاسناد الحياة ذات المغزى الدنيوي والاخروي،ولكن بنفس الوقت علينا ان نعترف ان الدين ميدان مستقل يحتوي على فرائض واسرار وتفسيرات تتطلب مختصين في الميدان،لذلك فاننا عندما نناقش مسائل الدين فأنما نناقش علاقتها بالشخصية السوية، بينما قيم السياسة كما تؤكدها ابحاث علم النفس الاجتماعي هي قيم براجماتية نفعية بحتة تتعارض مع قيم الدين ، ايا كان نوعه ، فالدين هو الدين بكل تعاليمه وافكاره وتاثيره على مريديه وتابعيه، فحتى القيم الفلسفية يحاول بعض علماء الدين المتخصصين ان يبعدوها عن نقاء الدين وبقاءه ناصعا ، فبينما القيم الفلسفية التي كانت وما زالت الى حد كبير محوراً لخلافات اساسية بين المدارس والمذاهب الفلسفية المختلفة وفي هذا يقول”جون ديوي” إن الاراء حول موضوع القيم تتفاوت بين الاعتقاد من ناحية بأن ما يسمى قيماً ليس في الواقـع سـوى اشارات او تعبيرات صوتية،وبين الاعتقاد في الطرف المقابل بأن المعايير العقلية ضرورية ويقوم على اساسها كل من الفن والعلم والاخلاق.
فالدين يؤمن ايمانا كاملا بالقيمة والمعتقد المرتبطة بالاخلاق وازاء ذلك تنقسم المعتقدات الى انواع :
– وصفية Descriptive وهي التي توصف بالصحة او الزيف
– تقيميية valuative اي التي يوصف على اساسها موضوع الاعتقاد بالحسن او القبح، وآمرة او ناهية(مستحبة او واجبة) Prescriptive or Proscriptive حيث يحكم الفرد بمقتضاها على بعض الوسائل او الغايات بجدارة الرغبة او عدم الجدارة. وعلى اساس ذلك فأن القيم الدينية تمثل في مجموعها المعتقدات بين اعضاء المجتمع كما يرى ذلك علماء النفس الاجتماعي بينما القيم السياسية لا تكون كذلك اطلاقا، وخصوصا فيما يتعلق الامر بما هو حسن او قبيح، بما هو مرغوب او غير مرغوب، بما هو واجب وما هو مستحب. ولسنا مغالين اذا قلنا نحن مع من يفرق بين القيم والمعتقدات على اساس ان القيم تشير الى الحسن- مقابل السئ Good-Bad اما المعتقدات فتشير الى الحقيقة مقابل الزيف.
الدين شكل من اشكال الوجود،والتصرف دينيا يعني ان المرء لا يسمح بوقوف شئ في طريق اهدافه السامية ،فالدين كان وما زال عبر العصور عاملا حاسما في صمود الانسان امام النكبات والكوارث وامام تحديات الساسة والسياسيين ،فمنح الدين الانسان الشجاعة للسيطرة على العناصر العدوانية في مختلف المجتمعات واوقف المد السياسي العدواني او التوسعي او العنصري او السياسات القائمة على التعصب ،لا سيما ان تعلم الدين هو تعلم دين الاهل والمجتمع ، واصبح دين الاهل هو دين الشخص وهو جزءا من حقائق الحياة التي يتوجب عليه التصرف حيالها،بينما السياسة هي لعبة المصالح في الدنيا وتحقيق الاهداف بعيدا عن كل الاخلاق والممارسات الخلقية ، فالدين يمكن ان يخضع للتقاليد السائدة ويتبعها او يتجاهلها او يحاول تغييرها او يثور ضدها ولكنه في جميع هذه المواقف حر في اتخاذ الموقف الذي يراه، حتى وان انتمى الى حزب سياسي او حركة متطرفة اهدافها العامة دينية وبرنامجها سياسي ،وهنا تتداخل المعتقدات الدينية بالقيم السياسية، فينشأ الصراع بين الضمير الديني والمسؤولية السياسية، وازاء ذلك نتكلم عن التوجه الديني الشخصي كأنجاز وتحد يضفي على النفس النمو السوي للشخصية والرضا
عن الحياة الدنيا متأملا جزاءه في الآخرة رضا من الخالق، بينما في السياسة ،برجماتية عالية لغرض الوصول الى الاهداف السياسية بغض النظر من الذي سيتضرر ، حتى وان كانت هذه الدعوات مبطنة بالدين، وهنا يكون استخدام الدين بطريقة لغرض تصالح بين التناقضات، هل يتوفق المؤمن الصادق مع هذه التناقضات ام يعيش صراعاتها؟
يقول علماء النفس الكثير منا لا يعرف كيف نسوس”انفسنا” في السياسة ،والدين حينما يبدي المؤمن حاجتة اليه فأنه ربما يندفع ولكن التعقل والاعتدال هو اساس كل الاديان السماوية منها وغير السماوية . والسؤال هو:هل يستطيع الفرد ان يستمر في التقبل السياسي او هل يعارض ذلك ويقدم عقيدته الدينية على الفعل السياسي؟
هل يكون متعاطفا مع الدين السياسي، ام يتحفظ في اصدار الاحكام ويظل محتفظاً بالاعتقاد الصادق في العقيدة التي آمن بها بلا تلوث او مداخلات دنيوية؟
والسؤال المهم:
ما الذي يمكن ان يفعله المؤمن بشأن الدين – دينه ودين الاخرين؟ والاجابة تكون على الاقل كما يلي وبالوسائل التي تؤدي الى :
· نمو الشخصية الذي يقوم على المعتقد الديني، ايجابيا وسلبيا.
· ان يكون مستعدا بالتفكير مقدما حين يتناول المشكلات الدينية بفكر سياسي ويجب ان يستحضر سماحة وبصيرة الخبرة المشحونة بالمخاوف الدينية ومشاعر الذنب المكبوتة.
· عند استيضاح خبرته الدينية يساعد كثيرا على تدخل عدم النضج والاضطراب في القيم السياسية، مما يؤدي الى اتخاذ القرار الصحيح.
· يفتقر العمل السياسي الى الاخلاق بينما يقوم الدين على الاخلاق اولا وبقوة عالية جدا.
· التفكير الديني يتناقض مع التفكير السياسي في التفكيروالعمل والتطبيق .
المصادر :
– علم النفس الاجتماعي(2001)معتز سيد عبد الله & عبد اللطيف محمد خليفة،دار غريب،القاهرة
– علم النفس الديني(1985)سيريل بيرت،ترجمة سمير عبده،منشورات دار الافاق الجديدة،بيروت
– معجم العلوم الاجتماعية(1975)ابراهيم مدكور وآخرون،الهيئة المصرية العامة للكتاب،القاهرة
– في النفس(1986)مصطفى زيور،دار النهضة العربية،بيروت
– الايمان ودوره في التخفيف من مرض الاكتئاب(2002)اسعد الامارة، مجلة النبأ، العدد 53،بيروت
– سوسيولوجيا الدين (2005)دانييل هيرفيه&جان بول ميلام،ترجمة درويش الحلوجي،المجلس الاعلى للثقافة،القاهرة
– حول خطة فك الارتباط(2004)قدري حفني،مجلة الثقافة النفسية المتخصصة،العدد التاسع والخمسون،المجلد الخامس عشر-يوليو
– علم النفس والدين والقيم عند المرشد النفسي(1978)في علم النفس الانساني،جلبرت فرين،ترجمة طلعت منصور وآخرون،مكتبة الانجلو المصرية،القاهرة
– الشخصية السليمة(1988)سيدني جوارد&تيد لندزمن،ترجمة حمد دلي الكربولي وموفق الحمداني،مطبعة التعليم العالي، بغداد