الجامعة التي لا تحمل صورة عميدها
في سابقة لم يتعوّد عليها المجتمع العراقي هي الدراسة الجامعية عن بُعد وهي مبادرة يشار لها بالبنان في المجتمعات العربية والعراقية بالخصوص فقد برزت من رحم المغترب العراقي ومن اللوعة والحنين الى بناء عراق متنامي متكامل الجامعة العربية المفتوحة في الدنمارك تلك الجامعة الفتية التي نشأت من مداد طلابها وبجهود أساتذتها العظيمة لترتقي سلّم العلم والمعرفة بين إتحاد الجامعات العالمية ويدرج إسمها في سجلات حافلة بالتطور والرقي الجامعي في العالم.
منذ أن فتحت أعيننا على الدراسة والعلم في العراق وحتى في الوطن العربي دأبت أغلب الجامعات أن تروّج الى رئيس الدولة أو قائدها وتضع صورته أمام الحرم الجامعي في إشارة واضحة الى أن هذا الصرح المجيد والمخلّد نبعت خيراته من صاحب الصورة الذي هو بمثابة عميدها ،،، وبقيت هذه الصورة في المخيلة خصوصاً طلاب الجامعات العراقية حيث لم تكتفي أن تضع صورة صدام آنذاك في مقدمة البوابة الرئيسية للجامعة تعدى الى أن تضع في كل قسم بل وكل قاعة بحيث سئم الطالب الجامعي تلك الصورة التي إن عرفها على حقيقتها عرف الجهل والظلم والإستبداد.
تلك حقبة شهدها المجتمع العراقي والحرم الجامعي في العراق وما إن تهدّم ذلك الهشيم وبدأت أركان الدكتاتورية تنهار حيث شهدت ساحة فلسطين أعظم أنهيار لتمثال خلّد الرعب والجهل والخوف خصوصاً ونحن نشهد هذه الأيام الذكرى الرابعة لسقوط الصنم في التاسع من نيسان عام 2003 ذلك السقوط الذي يعبّر عنه بمسح ذاكرة السقوط الفكري والجهل الذي عمّ ربوع العراق .
فبرزت مرحلة جديدة من الجهل تمارس على طبقة من المجتمع ، طبقة العلم والمعرفة إلا وهي إستبدال صورة الدكتاتور وأنزالها وتغييرها بصورة أحد زعماء الأحزاب أمام الحرم الجامعي بل تعدى الأمر الى أكثر من ذلك وهو إحتلال الجامعة بشكل غير طبيعي وأصبحت الجامعات العراقية مقسمة حسب الإنتماءات والأحزاب التي تولدت مع سقوط الصنم في بغداد وهنا بدأ العراق يشهد مرحلة جديدة من الجهل المركب للعلم والمعرفة والتي بدأت تسيطر على طبقة جديرة بالإحترام في المجتمع العراقي ،، فأصبح لكل جامعة عميدها الذي يضع أو توضع صورته أمامها والفكرة التي أشرنا إليها أعلاه وهي أنه بمثابة صاحب الخير والموهبه والبركة على جميع طلابها .
الحديث عن الجامعات العراقية حديث مؤلم ومتشعب ولكن لو قارنا ذلك الوضع بوضع الجامعة العربية المفتوحة في الدنمارك والتي يرئسها الأستاذ وليد الحيالي الذي لم يضع صورته في الجامعة ولا في بوابتها الرئيسية بل يعمل مع أساتذة الجامعة كخلية نحل في إنجاح هذا الصرح الهائل والفتي على المجتمع العراقي خصوصاً وأن طلابها من المغتربين الذين وجدوا من رفد هذا الصرح مرحلة جديدة من مراحل بناء العراق الجديد ومن هذا الصرح تنطلق الهمم ، وحقيقةً أنا أدعو الجميع لرفد هذه الجامعة والدراسة فيها وتشجيعها على أساس أنها الجامعة العراقية الوحيدة التي لاتحمل صورة عميدها.