رسالة ماجستير الطالب هاتف محسن الركابي/2 مفهوم الإرهاب في القانون الدولي والداخلي… دراسه مقارنه
المبحث الثاني
مضمون الارهاب كجريمة دولية
عند دراسة الارهاب كجريمة دولية لابد من بيان هذا الوصف اولا” ومن ثم بيان الافعال التي تؤلف الارهاب الدولي ثانيا” وذلك في المبحثين التاليين :
المطلب الاول: الارهاب كجزء من الجريمه الدولية
على الرغم من ان الرهاب نمطا” قديما في علاقات الدول الا انه اصبح منتشرا” في عصر الحرب الباردة , فلقد كان وسيلة خاطءة لحسم النزاعات الدبلوماسية والدولية بين البلدان رغم وجود القوانين التي تتخذ مواقف متشددة ضد هذا الفعل.
وفـي القانون الدولي, فان الارهاب يقع ضمن نطاق الجرائم , كما انه يعد جريمة دولية , فالجريمه التي ترتكب بحق الانسانية في القانون الدولي هـي الجرائم التي تتمثل في انتهاك حقوق البشروالتي تعرف اليوم بحقوق الجيل الاول , وهي في رأي الاستاذ اكـين اويبود , فان تلك الحقوق تتجاوز مسـتوى كونها مجرد حقوق اســاسية يتمتع بها البشـر نتيجة الاتصال الاجتماعـي بين الدولة والفرد , اذ انها تشكل حقوق الافراد التي لايمكن التــنازل عنها والتي وهبتها الطبيعه وبالتالي فانها تؤلف شكل القوانين التي تعرف بالحجج , وحسـب التعريف فان الحجج هي اعراف قاطعه لايسمح بالانتفاض من قدرها .
الا انه وقبل ان نتناول ما تنطوي عليها هذه الحقيقيه المسـلم بها ان الارهاب الدولي جريمه من الجرائم الدوليه , علينا ان نحدد معنى الجريمة الدوليه , فقد كان من المتفق عليه في ظل القانون الدولي بان هناك جرائم يحق لكل دولــة ان تمارس ازاءها اختصاصا” جنائيا” بغض النظر عن جنسية مرتكبها او ضحيتها او مكان ارتكابها , وكان من اشـــهر هذه الجرائم هي القرصنه , ولربا لم يكن من حق الدول فحسب ان تمارس مثل هذا الاختصاص , بل من واجبها ايضا, وبامكاننا ان نستشهد بعدد من الاتفاقات الدوليه التي تلزم اطرافها من الدول بممارسة هذا الاختصاص , ومن امثال هذه الاتفاقيات : اتفاق( طوكيو) في الجرائم والافعال الاخرى التي ترتكب على متن الطائرات لعام 1963 . , واتفاق ( لاهاي ) لقمع الاستيلاء غير المشروع على الطائرات لعام 1970 واتفاق ( مونتريال ) لقمع جرائم الاعتداء على سلامة الطيران المدني لعام 1971والاتفاق الدولي لمناهضة ارتهان الاشخاص لعام 1979
وهكذا فان الفعل يكتسب صفته الجنائيه الدوليه من اعتراف الدول بهــــذه الصفة , ومن الطبيعي ان هذا الاعتراف لاياتي الابعد ان يكون الفعل نفسه مسأله خطيره ذات اهتمام دولي , أي مصدرخطر على امن الدول وسلامتها , واستنادا”الى هذا يمكن القول بان الجريمه الدوليه فعل يعترف به دوليا بانه جنائي , ويعني هذا ان الفعل يعد جريمو في ضوء المبادئ العامـه للقانون الجنائي التي يعترف بها المجتمع الدولي, ومن ثم مناقضا” للقانون الدولي .
فالجرائم الدوليه تتصف بصفين , اولاهما : ان الفعل يخالف القيم الانسانيه المسـتقر عليها لدى المجتمع الدولي , او يسـبب ضررا” لمصلحة مشـتركه للمجتمع الدولـي , ثانيا”: ان ارتكاب هذه الافعال قد يسبب خطرا على المجتمع الدولي او يخل بالامن اوالسلم الدوليين 0
امـا عن مصدر الجرائم الدولية , فهـي تردج في اتفاقيات دولية , كما يتضمنها العرف الدولـي , أي ما استقرت عليه الدول في معاملاتها , ومـــن ثم فان هنالك اتفاقيات دولية تقنن الجرائـم الدوليه , وهي : القرصنة , والــرق وتجارة الرقيق والاعمال الشبيهه , الاتجار بالمخـــدرات , جرائم الحـرب , الجرائم ضد الانسانية , ابادة الجنـس البشري , اخـتطاف الطائرات – القرصنه الجويه – , اعمال العنف ضـد الطيران المدني , اعمال العنف ضد رؤساء الدول والاشـــخاص المحميين دوليا مثل الدبلوماسيين وموظفي المؤســسات والهيئات الدوليه مثل الامـم المتحده , احتجاز الرهائن المدنيين لاغراض ارهابية , قطع الكابلات التليفونية عبر البحار , استخدام البريد الدولي السريع الارسال المتفجرات اومواد مخدره او اية اشــياء مخلة بالاداب العامه , واخيرا” سرقة الاثار القومية والتراث القومي والاتجار الدولي فيها , اما عن العرفالدولي , فهو يتضمن جريمة العدوان , وبعض انماط جرائم الحرب وحظر استخدام بعض الاسلحه المسببه للالام الجسيمه . هذه الانماط من الجرائم مدونه في اكثر من ( 274 ) اتفاقيه دوليه ابرمت خـلال الفترة مابين عـــام 1815 وعـــام 2001 , حيث عينت جميعها بالمســـؤولية الجنائية الفردية , وليـــــس بمسؤولية الدولة, فعلى سبيل المثال هناك اربــــع اتفاقيات معينة بجرائم الحــرب هي اتفاقيات جنيف الاربعه لعام 1949 , اضـــــيف اليها ملحقات اضافية عام 1977 , وفي مجال تجريــم المخدرات هناك ( 13) اتفاقيه دولية ابرمت خلال الفتره ما بين عام 1912 وعــــام 1988 , بينما هـــناك ( 12) اتفاقيه في مجال الارهاب ويجري الان التفاوض حول اتفاقية اخرىخاصه بالعمليات الارهابيه التي قـــد تستخدم اســــلحه نووية , ومن الملاحظ ان لكل من هذه الجرائم عنصرا” دوليا وهو ما يجعلها موضوع اهتمام دولي , بيــد انه يتعين ملاحظة انها نابعة مـــن ارادة الدوله وليس من مشرع دولي لا بل مشروع الاتفاقيه الذي اعدته لجنة الحقوق التابعه لهيئة الامم المتحده حول مسؤولية الــدول , كان قد تم الفصل فيـــــه بين الجريمه الدولية والاخلال بالحقوق الدوليه , فاذا عـرفنا الاخلال بالحقوق الدولية انه : فعل الحكومه الذي يخل بالالتزام الدولي دون عــــــلاقة هذا الفعل بموضوع الالتزام الذي اخلت به , فالفعل المناقض للحقوق الدوليــــه الذي ظهر نتيجـــة اخلال الدوله بالالتزام الدولي الذي يشكل اساسا لتامين المصالح الحيوية الهامه لجميــع الدول يمكن اعتباره جريمة بحق جميع الدول ويشكل جريمة دولية0وينتمي الى مجموع هذه الجرائم الدوليه مايلي :-
1- الاخــــــلال العنيف بالتعهدات الدوليه ذات الاهمية الاســاسيه لتامين السلم والامن الدولي, كالتعهد الذي يمنع العدوان .
2- الاخـــــلال العنيف بالتعهدات الدوليه ذات الاهمية الاساسيه لتامين حق الشعوب في تقرير مصيرها, كالتعهد بمنع اقامة وبقاء قوات السلطات الاستعماريه .
3- الاخــــــلال العنيف بالتعهدات الدوليه ذات الاهمية الاساسيه للدفاع عن الهوية الانسانية كالتعهد بمنع العبودية والتميز العنصري والاباده الجماعية .
4- الاخــلال العنيف بالتعهدات الدوليه ذات الاهميه الاساسيه لحماية الوسط المحيط , كالتعهد منع التلوث الشامل للبحر والجو .
ولقـــد اوضحت لجنة القانــون الدولي في تعليقها على المادة (53) من معاهـــدة فينا قانون المعاهدات1969 بان قانون الميثاق الخاص بحضراستخدام القوه بحد ذاته يشكل مثالا” رائعا وبارزا على اتسام قاعدة من قواعد القانون الدولي صفة الافحام والاقناع بالحجه , ومما لا شــك فيه بان الفعل الارهابي ينطوي على استخدام القوة , وفي تعليق اخر , ذكر البرفيسور د. جي . هاريس في كتابه قضايا وموضوعات حول القانون الدولي بان مفهوم الحجج المقنعه له اوجه تشابه مع مفهوم erg omnes والذي توضح وتجســـــد في مسودة فقرات لجنة القانون الدولي حول مسؤولية الدوله . وقد توضحت قوة مجموعة الاحـــكام هذه بالاضافة الى الطبيعه الملزمه لاحكام قوانين المعاهدات, في المواد(53)و(54) من معاهدة فينا وكما يلـي:-
– الماده (35) : تعتبر المعاهدة لاغية اذا كانت من وقت عقدها تتعارض مع قاعدة قطعية مـن قـــواعد القانون الدولي العام , ومن تطبيق هذه الاتفاقيه يـــراد بالقاعدة القطعيه من قواعــــد القانون الدولي العام اية قاعدة مقبوله ومعترف بها من المجتمع الــــدولي ككل بوصفها قاعدة لايسمح بالانتقاص منها ولا يمكن تغييرها الا بقاعدة لاحقه من قواعد القانون الدولي الــــــعام يكون لها نفس الطابع
– اما المادة (54) : فتنص على انه اذا ماظهر عرف جديد من اعــــراف القانون الدولي , فان أي معاهدة موجوده تتعارض معه تصبح لاغية ومنتهيه .
وهذا يعني بان أي خرق لهذه القوانين ينطوي على عواقب وخيمه . كذلك , كتب هاريـــس بانه في مجموعة الجرائم هذه هنالك افعال منحرفه مثل التعذيب والقتل والاباده الجماعية وهي تحمل امتدادات بين طيات معانيها المختلفه – من ضمنها الارهاب.
كــــذلك , فان أي جريمـــه دوليه هي جريمة تعرف في معاهدة ثنائيه اومتعددة الاطراف ويحق لاطراف المعاهدة فقط ادانتها او يكون لديها الصلاحية القانونيه فــي مقاضاة الجانـــــي المزعوم. وفـــــي ضوء قواعد وتعريفات الاشكال المختلفه للارهاب المضمنه في معاهدات مختلفه – سبق لنا التطرق لها – فانه بلا جدال جناية كبرى تهدد ســــــلام الامم والشعوب وتتسبب في مقتل مجاميع من الناس وتولد معاناة للبشرية. .
– كمــــا يتناقض الارهاب باعتباره عمـــل من اعمال العنف ضد دولة من الدول مع الفقره (3) و(4) من الماده الثانية من ميثاق الامم المتحدة كذلك فانه يتناقض مع معاهدة فض النزاعات لدول الباسفيك والتي ابرمت في هولندا عام 1907 , ومعاهــدة فرساي – لذات الســبب – أي باعتبار الارهاب عمل من اعمال العنف ضد دولة من الدول وبذا فان تجريم الارهاب باتفاق دولي يقع – الان – ضمن حدود (12) معاهدة رئيسيه تـــركز على الارهاب بصيغ مختلفه هي :-
1- الاتفاقيه المتعلقه بالجرائم وبعض الاعمال الاخرى المرتكبه على من الطائرات , الموقعـــه في طوكيو في 14/9/1963 .
2- اتفاقية قمع الاستيلاءغيرالمشروع على الطائرات,الموقعه في لاهاي في16/12/1970 .
3- اتفاقية قمع الاعمال غير المشروعه ضد سلامة الطيران المدني , المـــــوقعه في مونتريال في23/9/1971 .
4- اتفاقية منع ومعاقبة الجرائم المراكبه ضد الاشــــخاص المتمتعين بحماية دولية بــمن فيهم الموظفون الدبلوماسيون, التي اعتمدتها الجمعية العامه للامم المتحده في 14/12/1973.
5- الاتفاقيةالدولية لمناهضة اخـذ الرهائن التـــــي اعتمدتها الجمعية العامه للامم المتحده فــي 17/12/1979 .
6- اتفاقية الحماية المادية من المواد النووية الموقعه في فينا بتاريخ 3/3/1980 .
7- البروتكول التكميلي المتعلق بقمع اعمال العنف غير المشروعه في المطارات التي تخـــــدم الطيران المدني المكمل لاتفاقية قمع الاعمال غير المشروعه الموجهه ضد سـلامة الطيران المدني الموقع في مونتريال في 24/8/1988 .
8- اتفاقية قمــع الاعمال غير المشروعه ضد سـلامة الملاحة البحرية , المحرره في روما في 10/3/1988 .
9- برتوكول قمـــع الاعمال غير المشروعه ضد سـلامة المنصات الثابته الموجوده في الجرف القارئ , المحررة في روما في 10/3/1988 .
10- اتفاقية تمييزالمتفجرات البلاستيكيه بغرض كشــــفها الموقعه فــــــي مونتريال بتاريـــــخ 1/3/1991 .
11- الاتفاقية الدوليه لقمع الهجمات الارهابيه بالقنابل التــــي اعتمدتها الجمعية العامه للامــم المتحده في 15/12/1997 .
12- الاتفاقيه الدوليه لقمع تمويل الارهاب التي اعتمدتها الجمعيه العامه للامم المتحده فــــــي 9/12/1999 .
علما” ان هذا التحديد – أي تجريم الارهاب ضمن الـ ( 12) معاهدة , جاء وفقا للرسائل الموجهه لرؤســاء وزعماء دول العالم من الامين العام للامم المتحده علىاثرصدورقرارمجلس الامن1373في عام 2001, ولايعني بتاتا اهمالنا للتحريم الوارد في قانون النزاعات المسلحه قانون لاهـاي لعام 1907 والقانون الدولي الانساني – قانون جنيف- لعام 1949 , للجوء الى الارهاب كوسيلة من وسائل الاقتتال , وغيرها من اتفاقيات قد تتضمن تحريما للارهاب .
ولا يصـعب علينا ان نلاحظ هنا بان تعليق وصف الفعل بانه جريمة دولية على اتفاق الدول قـــد يعني بان افعالا معينة يمكن ان تبقى خـــارج دائــرة هــــذا الوصف ما لم تتفق الدول على شمولها به , الا ان تزايد الاخطارعلى المجتمع الدولي جراء تزايد هذه الافعال يدفع الدول الى تحديد هذه الافعال بانها جرائم دوليه , ويمكننا ان نلمـس هذه الحقيقيه في البحث المستمر عن تعريف شامل للارهاب بالذات,وذلك بالرغم من توصـل المجتمع الدولي الى تحديد بعض اشكال الارهاب ” التي سبق التعرض لها ” , فالمراد من التـــوصل الى تعريف شامل للارهاب ما هو الا الحيلوله دون بقاء افعال ارهابية خارج التعريف – أي بقاء جـــرائم غير متفق دوليا علــى انها جرائم دوليه – وقد بذلت محاولات مختلفه لتحديد الجرائم الدوليه , ومن هذه المحالاوت مشـروع- بيلاجو وينجسبريد عام 1972- لعقد اتفاق خاص بالجرائم الدوليه . وفي مشروع الاتفاق هذا, حدد عدد الجرائم بانها جرائم بموجب القانون الدولي ويعاقــــب بسببها الافراد , ســـواء أألفت هذه الجرائم ام لم تؤلف جرائم بموجب القوانين الجنائيه الوطنيـــــه . اما الجرائم الدوليه ذاتها فقد حددت بطريقيتي :-
1- الاولى تحديد الاتفاقات الدوليه التي حددت فيها جرائم معينة وهــــذه الجرائم هي : الجرائم المرتكبه ضدالسلم كما يحددها ميثاق المحكمه العسكريه لمحاكمة كبارمجرمي الحرب الذي وضـــــع عام 1945 , وجرائم الحرب والجرائم المرتكبه ضد الانسانية كما يحددها هـــــذا الميثاق ايضا والافعال التي يعاقــــــب مرتكبوها بموجب اتفاقيتي جنيف الصادرتين عـــام 1949, وجريمة ابادة الجنس البشري كما حددها اتفاق1948 الخاص بمنع هذه الجريمـة والمعاقبة عليها , والرق والمتاجرة بالرقيق وغيرها من الممارسات المشابهة كمـــــا نص ليها في اتفاق عام 1926 الخاص بالرقيق وبروتوكول عام 1953 و الاتفاق الاضافـــي الصادر عام 1956 , والقرصنه كما حددها اتفاقي عام 1958 , 1982 الخاص بقانـــون البحار , والاختطاف وما يتعلق به من جرائم كما يعرفها اتفاق قمع الاستيلاء غيرالمشروع على الطائرات الصادرعام 1970, والمتاجرة الدوليه بالمخدرات والافعال الاخرى المعاقـب عليها بموجــــب الاتفاق الخاص بالمخــــــدرات الصادرعام 1961 وبروتوكول تعديلـه عام 1972 .
2- امــــا الطريقه الثانيه التي اخذ بها هذا المشروع لتحديد الجرائم الدوليه فهي تحديد اصناف عامة يعتبر كــــل فعل ينتسب الى واحد منها جريمة دوليه ومن هذه الاصناف : تصميم الحرب العدوانية او اعدادها او المبادره اليها او شنها , او اية حرب تعد خرقا” للمعاهدات او اتفاقات او تاكيدات دوليــــة , وجرائم الحرب التي تؤلف خرقا لقوانين الحرب واعرافها والمرتكبه في مجرى منازعات مســلحه ذات طابع دولي او غير دولي , والجرائم المرتكبه ضد الانســــــــانية والمجسده في ابادة الجنس البشري والقتل الجماعي والابادة الاسترقاق والنفي والاضطهاد العنصري او الســـــياسي او الديني او الثقافي , وشملت هذه الاصناف التي تعرف الجرائم الدوليه او تعالج المسائل المتعلقه بمنعها او المعاقبة عليها , شريطة ان يؤدي تطبيق هذه الاتفاقات الى نتيجة ملائمه , والا طبقا نصوص هذا الاتفاق .
كــذلك : اعمال العنـــف الموجهه الى الاشـخاص الذين يتمتعون بحماية بموجـب القانون الدولي , اعمال الارهـــــــاب الدوليه بصفتها افعالا اجرامية يراد بها خلق حالة من الرعب في اذهان اشخاص معينين او جماعه من الاشخاص اوالجمهوربصورعامه 0واخيرا, عد مشروع الاتفاق تلويث البيئة , الذي يسبب ضررا لصحة الجنـــس البشــري اوامنه اورفاهيته جريمــة دوليه ومــــن الملاحظ , بصورة عامه , ان التحديد التقليدي للجريمه الدوليه لم يعــــــد كافيا” فبموجب هـــذا التحديد , تكون الجريمة دوليه اذا ارتكبت على اقليم دوله اخرى واحدثت نتائج ذات طابع دولي وانطوت عاى تطبيق القانون الدولي بصوره مباشرة او غير مباشره .
الا ان فكرة الجريمه الدوليه شهدت في السنوات الاخيرة تطبيقات او ممارســـــات اوسع مما كانت عليه من قبل . وكـــان من بين هذه التطبيقات تلك الجرائم التي تــرق ما يمكــــن ان نسميه بالنظام الاجتماعي للمجتمع الدولي, ذلك النظام الذي يفرضه القانون الدولي, ويستشهد بعض الكتاب بهذا الشأن بجرائم المتاجره بالنساء والاطفال وتزوير العملات .
ومــــــن التطبيقات الواســــعه والحديثه نسبيا في الجريمه الدوليه استخدام وسائل عنف متطوره في تنفيذها , مما يعرض امن الدول العام للخطر, وهــــكذا فان هذه الجريمه تمــــــس مصالح طـرف ثالث اوعدة اطراف اخرين,أي انها تؤلف فعلايتجاوزالغرض المباشرالذي يبغيه الفاعل والدول الموجه ضــــدها . وامثال هذه الافعال توصف بصوره عامة بانها افعال ارهابيه مرتكبه على مستوى دولي , أي جرائم ارهاب دولي .
والواقع ان الارهاب , برغم الاختلافات الناشئه حول تعريفه , كان يعد جريمة دوليه منذ فترة طويله , وكان من الطبيعي ان تبرز صفته هذه في الوقت الحاضر نتيجة اتســـاع نطاقـــه وتزايـد مخاطـــــره على نطاق دولي , وهو يعد اليوم جريمه دولية بالاجماع تقريبا , ورغــــم الاختلاف على مصدر دولية هذه الجريمه , فالبعض يرى ان الارهاب جريمة دوليه لانـه يؤدي الى تهديد الســـــلم الدولي وتدهور العلاقات الدوليه , ويـــراه بعض اخر فعلا يرتكبه افـــراد او مجموعه افراد او منظمات خاص في اقليم اخرى او أي فعل يؤثر بطريقة ما في مصالح دوله اخرى .
وذهـــب اخرون الى ان بالامكان وصف فعل ارهابي ما بانه دولي ليس فقط عندما يشمل عنصرا خارجيا” , أي الضحيه او الخسائراو مسـرح الحدث , بل كذلك عندما ترتكبه دوله ضد احـــدى حركات التحرير او ضد دوله اخرى , واعتبر هولاء الشعوب المناضله من اجل تحقيق مصيرها من اشـخاص القانون الدولي , ومن ثم فان مايتعرض له من عمل ارهابي يعد جريمة دوليه .
والحقيقه ان الارهاب الدولي , بالحاقه اضرارا مختلفه بمصالح الافراد والدول على حــد ســــواء يتناقض وعدد من المواثيق والاتفاقيات الدوليه , فمثلا” ان ديباجة الميثاق الدولـــــي الخاص بالحقوق المدنية والسياسيه النافذ المفعول منذ عام 1977 , تؤكد حق الفــــرد في ان يتمتع بالتحررمن الخوف أي من الارهاب, وتعلن احدى مواد هذا الميثاق بان لكل شـخص حق
الحياة وبان ما من شخص تسلب حياته اعتباطا” .
ويقررالاعلان العالمي لحقوق الانسان , الصادر عام 1948 , با لكل شخص حق الحياة والحريه والامن الشخصي . ويحرم اعلان مبادئ القانون الدولي المتعلقه بالعلاقات الوديه والتعاون بين الدول وفقا لميثاق الامم المتحده الصادر عام 1970 , تنظيم الانشطه الارهابيــه ضد الدول الو التحريض على ارتكابها .
المطلب الثاني :الافعال التي تؤلف الارهاب الدولي
جاءت اتفاقية جنيف لمنـــع الارهـاب والمعاقبه عليه – اتفاقية العصبة – لعام 1937 , لتمثل اولى المحاولات لتحديد الافعال التــــــــي تؤلف ارهابا دوليا , فقد نص على ان – اعمال الارهاب – تعنـــــي الاعمال الاجراميه الموجهه ضد دولة مت والتي يقصد بها خلق حاله مــن الرعب في اذهان اشخاص معيينن او جماعه من الاشخاص او الجمهور بصور عامه .
ثم نص على انه يعتبر كل طرف من اطراف الاتفاق عددامن الافعال المرتكبه على اقليمه افعـألا اجراميه اذا كانت موجهه ضد طرف متعاقد اخر , اذا كانت تؤلف افعالا ارهابيه بالمعنى المذكور.وهذه الافعال خمسة وهي :-
1- أي فعل متعمد يؤدي الى ان يتوفى او يصاب باذى جســــدي خطير او يفقد حريته أي مــن رؤســـــاء الدول او الاشخاص الذين يتمتعون بامتيازات رؤســــاء الدول , او ورثتهم , او زوجاتهم اوازواجهم , او أي من الاشخاص المكلفين بوظائف عامه اويتولون مراكز عامه عندما يكون الفعل موجها ضدهم بصفتهم العامه .
2- تدمير ملكية عامه او ماكيه مكرسه لغرض عام وعائده لطرف متعاقد اخر وخاضعه لسلطه او الاضرار بها .
3- أي فعل متعمد يقصد به تعريض ارواح المجتمع للخطر .
4- اية محاولة لارتكاب فعل من هذه الافعال .
5- صنع اسلحة اوذخائراومتفجرات او مواد ضارة , اوالحصول عليها او حيازتها اوتزويدها, لغرض ارتكاب جريمة ضمن هذا النص وفي أي قطر .
وبالتالي فقــــد تركزت الجهود الدوليه قبل الحــرب العالميه الثانيه لتحديدافعال الارهاب الدولي على تحديد الافعال الارهابيه الموجهه الى رؤســــاء الدول والحكومــات والدبلوماسيين والرسميين الاخرين 0 ولم يبدأ الاهتمام بمسألة الارهـــاب الذي تتعرض له الشعوب وحركاتها الوطنيه على ايدي الانظمه الاســـــتعماريه والاستيطانيه والعنصريه الابعد انتهاء تلك الحــرب وتصاعد هذه الحركــات,ففي عهد الامم المتحده, قدمــــت عدة مشروعات تتضمن الافعال التي رأى مقدموا هذه المشاريع انها تقع ضمن مفهوم الارهاب الدولي .
كـــان ابرزها في هذا الخصوص ما تقدمت به مجموعه الدول غير المنحازه عام 1973 في اللجنه الخاصه بتعريف الارهاب الدولي مشروعا حددت فيه الافعال بما ياتي . :-
1- اعمال العنف والقمع التي تمارسهاالانظمه الاستعماريه والعنصريه اوالاجنبيه ضد الشعوب التي تناضـل من اجل التحرر والحصول على حقها المشروع في تقرير المصير والاسـتقلال ومن اجل حقوق الانسان وحرياته الاساسيه .
2- قيام الـدول بمـساعدة التنظيمات الفاشـــيه او المرتزقه التي تمارس اعمالها الارهابيه ضد دول اخرى ذات سيادة .
3- اعمـال العنف التـــي يرتكبها افراد او مجموعات التي من شـــــانها ان تعرض للخطر حياة الابــرياء او تنتهك الحريات الاسـاسيه دون الاخلال بالحقوق غير القابله للتنازل كالحق في تقرير المصير والاستقلال لكل الشعوب الخاضعه لسيطرة الانظمه الاســتعماريه والعنصريه اوايـة اشكال اخرى من الســـيطره الاجنبيه او الحــــق المشروع في الكفاح وبصفة خاصه كفاح حركات التحرر الوطني .
كمـــا حددت اليونان , في المشروع الذي قدمته في ذات العام , اولا الافعال التي لاتؤلف ارهابا دوليا , ثم اعتبر ما عداها من قبيل افعال الارهاب الدولي . وهكذا نص المشـروع على الا يمكن ان يعتبر او يفسر كفعل ارهابي الكفاح المســتمر والمعترف بــه والمشــروع الذي يخوضه شعب في ارضه مســـتهدفا تقرير مصيره واسـتقلاله , او تحرره من احتلال اجنبي يستغله ويضطهده ويحرمه من ســيادته, او ازالة جميع اشكال التمييز الاجتماعي او العرفي او غيرهما مما يكون هو ضحيتها الاولى , او الدفاع ضد أي شكل من العدوان او الهــجوم – سواء كان مباشر او غير مباشر – على ارضه , او منع أي نشاط تخريبي اجنبي للنيل مــن سلامة اراضيه وسيادته. ونص المشروع على ان يعد فعلا من افعال الارهاب الدولي أي فعل عنيف اخرله طبيعة اجرميه يرتكبه فرد او مجموعه افراد ضد أي شخص اومجموعة اشخاص ابرياء, بغض النظر عن جنسية الفاعل او الفاعلين , في اقليم دوله ثالثه بقصد ممارسة ضغط في اي نزاع او بقصد الحصول على مكسب شخصي او اشباع عاطفة ما .
وفي عام 1972 , قدمت الولايات المتحده الامريكيه الى الجمعيه العامه للامـــم المتحده مشــــروع اتفاق لمنع افعال الارهاب الدولي المعنيه والمعاقبة عليها , وقصــــر المشروع هذه الافعال على القتل والايذاء الجســـــــدي الشديد والاختطاف , واشترط لاعتبار هذه الافعال ذات اهميه دوليه ان يكون القصـــد منها الاضرار بدوله او منظمه دوليه او الحصول على تنازلات منها .
وعلى المستوى الاقليمي فقد حددت اتفاقية منظمة الدول الامريكيه لعام 1971 , اتفاق منــع ومعاقبة افعال الارهاب التي تاخذ شكل جرائم ذات اهميه دوليه ضد الاشخاص وما يتعلق من ابتزاز , حددت بعض الافعال الاجراميه وعدتها ارهابيه .
كما ان الاتفاقيه الاوربيه لمنع وقمع الارهاب لعام 1977, قد اوردت طائفة من الجرائم التي تعد من قبيل الاعمال الارهابيه .
واخيرا , سبق ان ذكرنا ان بعض القانونيين العـــرب عرف الارهــــــاب الدولي على انه اعتداء على الارواح او الاموال العامه او الخاصه علـــى نحو يخالف القانون الدولي. واتخــذ هؤلاء الارهاب الدولي جريمة دولية اساسها خرق القانون الدولي.
وما يمكن استقراءه من مجمل الموضوع يمكـــن ايجازه باختلاف التحديد للافعال التــي تؤلف ارهابا” دوليا” , ويمكن ايعاز هذا الامر لنفس الاسباب التي ادت الى العجز في وضــــع تعريف شامل لمفهوم موضوع الدراسة التي نجد من اهمها مصالح الدول المختلفه والمتضاده .
المبحـــــث الثالث
مواجهة الارهاب بوصفه جريمة دوليه
ان الارهـاب الذي هــو موضع اهتمام جنائي دولــي يقصد منه خلق حالة من الخوف والرعب في ذهن الجمهور او شريحه منه , وانما هو حصرا” , ذلك العنف الذي يكون الباعث على ارتكابه سياسيا” او عقائديا” ايديولوجيا” , وللتوضيح بمثال سوف نستعمل احد مظاهر الارهاب المعترف به عموما” واعني خطف الطائرات , فاذا اقدم الخاطــف او الخاطفين على اقترافهم جريمتهم لاسـباب شخصيه او خاصه مثل الحصول على فديه او اللجوء السياسي , فان سلوكهم – المؤذي – لايعد فــي التفكير القانوني السـائد ارهابيا” , برغم ان خطف الطائرات ينطوي بطبيعته على العنف , ويخلق حالـة من الرهبه بين طاقم الطائره وركابها سواء بسواء , وان الذي يجعل السلوك نفسه ارهابيا” , هـو الباعـث الســياسي العاقائدي للفاعل , وهكذا فان خطف الطائرات هو عمل من اعمال الارهـاب , فيما اذا كان الخاطف او الخاطفين يعززون قضية سياسيه مثل نشرالمطالم على الملأ او اطلاق سراح رفاق سجناء لهم في الدولة التي تملك الطائره , او دولة حليفة للدوله المستهدفه .
والفقه . , يتسأل : لماذا يجب ان يعتمد التركيز الرئيسي على الحالة الذهنيه الشخصيه للفاعل عوضا” عن السلوك الموضوعي للفعل وبأختصار, لماذا لانصف عمل قتل المدنيين الابرياء كجريمة موضوعيه بغض النظــر عن الهدف النهائي للفاعل ؟ – ويستنتج الدكتور شريف بسيوني – ان هذا سوف يتجنب ايجاد تبرير منطقــي وغيرضروري ومربك لتمييز متدرج للجرائم شبه المبرره او شبه المغتفرة .وعوضا عن ذلك لماذالانستند الى المبادئ الاساسيه للمسؤوليه الجنائيه التي اعترف بها منذوقت طويل وطبقت في كل نظام قانوني في العالم كأساس في المسألة ؟
والمشكله مع الكتاب في التفكير الدارج هــي انهم في الوقت الذي يصرون فيه على تسييس الجرائم الارهابيه في مرحلة التجريم عن طريق تاييد الباعــث السياسـي اوالعقائدي – الايديولوجي – باعتباره العامل الحاســم , فأنهم يناقضون خطابهم بمحاولة نــزع الصفه السياسيه عن الجرائم نفسها خاصة في مرحلة الحزاء , وذلك باعتبار الجريمه نفسها جريمــة عاديه من دون اخـــذ السبيبة بعين الاعتبـار , وهم يناقضونانفسهم ثانية بالدفاع عن الولاية العالميه فيما يتعلق بالجرائم التي حاولوا مجازاة مرتكبيها , باعتبارها جرائم عاديـه على اساس انها ذات اهتمام دولي , اعني , باعادة تسييس الجريمه . وهذا يعجز الافهام .
وقصارى القول في رايهـم :
1- لكي نحدد وصـف جريمة معينه على انها مظهر من مظاهر الارهـاب , فان الباعث الذي يحرك الفاعل يجب ان يكون ساسيا محضا – تسييس الجريمه – .
2- ولكي نحدد الوصف من اجل تحديد الحد الاقصى من الجزاء على الجريمه تحــركها بواعث سـياسية , يجب معاملة الفاعل كمجرم عادي – نزع الصفه السياسيه عن الجريمه نفسها – 3- ولكي نحدد الوصف من اجل اجراء محاكمه اســـرع , وفي الحقيقه اسهل منالا” , من قبل الحكومـه او الحكومات المعنيه للمجرم ذاته , فأنه يجب الاعتراف بولاية شــخصيه او عالميه -الاقليمه – مما يدعو بدوره الى توصيف الجريمـــه نفســها على انها ذات شأن دولي – اعادة تسيس الجريمه .
ان هــــــذا الوصف المتغير المحير,وفي الواقع غيرالمنطقي , للفعل نفســـه الصادر عن الشخص نفسه فقط من اجل ضمان مقاضاة اســــهل منالا” على الجرائم حشرت تعسفيا” تحت عنوان الارهاب قـــد ادى جزئيا” الى اجــــراءات – محاكمه -اثارت الاعتراض والنفــــــور الى ابعد حدود .
لكـل دوله بموجب القوانين المحليه الحق في القبض على أي مجرم – ارهابي – فاعلا” اصليا او شريك ومحاكمته وفرض العقوبه وتنفيذها عن أي فعل من الافعال المكونه – للجريمه الارهابيه- اوالمكمله اوالمتممه اوالمسهله لارتكابهاوفقا للاختصاص -الاقليمي او الشـخصي – للدوله مع مرعاة قواعد تنازع الاختصاص واحكام اتفاقيات تبادل المجرمين لتحديــد المحكمه المختصه والقانون الواجب التطبيق وبروح التعاون الدولي الذي تقضيه متطلبات صيانة الامن في العالم , وهو المتبع فعلا في الوضع الراهن في معظم الحالات التي امكن القبـض فيها على الفاعلين حيث عوملوا معاملة المجرمين العاديين , لكنه لوحظ في التعامل الدولـي في مثل هذه الاحوال تعرض الدوله التي تقبض على الارهابيين او تحاكمهم وسلطاتها .القضائيــــه لمواقف وضغوط متنوعه محرجه مصدرها الدول المسانده للعمليه الارهابيه او ضــــدها والقوى التي تقف خلفها , لاجبارها على فـك اســر الارهابيين او التخلي عــــن محاكمتهم او لتسليمهم الى جهة اخرى او لمجرد الانتقام اذا نفذت العقوبه بحقهم , اضافة الـة صعوبة تحديد طبيعة العمليه وما اذا كانت ( جريمة ) ارهابيه او من عمليات المقاومه لنفـــس الاسباب مما يفقد المحاكمه مبرراتها ونتائجها الموضوعيه ويجعل سـلوك بعض الدول بعيدا” عن مقتضيات التعاون الدولي ومخالفا” لاحكام القانــــــون والاتفاقيات لارضاء هذه الظرف او ذلك وغالياما تنتهي الى الافراج عن الارهابيين بدون قناعة ولمجرد تجنب الحرج .
الا ان مواجهة الارهـــاب كجريمة دوليه تجلت وكما اوضحنا عبر جهود المجتمع الدولي المتمثله في محالولة قمــتع ومنع افعال عديده تقع ضمن مفهوم – الارهاب – مجسدة في عدة اتفاقيات دوليه , الا ان هذه الجهود جاءت لتةجه هذه الجريمه بشكل متدرج وكما حصل مــــع جريمة خطف الطائرات التي تميزت فترة الستينات من القرن المنصرم بكثرتها فتردد في حينه بان خطف الطائرات يعد عملا” من اعمال ( القرصنه ) ويعتبر جريمه دوليه , ولكنه كان تكييفا خاطئا” لعدم توفر اركان جريمة القرصنه التـــــي حددتها اتفاقية جنيف الخاصه باعالي البحار لسنة 1985فيها , فتولت اتفاقية طوكيو لسنة 1963معالجة الاعمال التي ترتكب على متن الطائرات كما ساندت الجمعيه العامه للامم المتحده هذه الجهود باصدارها لقرار , في 18كانون الاول , ناشدت فيه الدول بمعاقبة مرتكبي عمليات خطف الطائرات باعتبارها جريمـه دوليه .
وقد افرز التعامل الدولي ثلاث اتجاهات تمثل مواقف الدول في مجال مجابهة الارهاب
تمثلت بالاتي:-
الاتجــاه الاول : لايرى غير القمــــع والتأديب ومعاقبة الدول التي يشتبه بمساندتها للارهابيين بكل الوسائل العسكريه وغير العسكريه اسلوبا لمجابهة الارهاب , من هذا الراىكل من امريكا وبريطانيا واسرائيل , وقد كشفت سلوكية هذه الدول عن غايتها من هذا التطرف وهي رغبتها في الاعتداء على غيرها ومعالجة منازعاتها مع من تنوى معاقبتهم والتصدي لنضال حـركات التحرير بحجة مكافحة الارهاب خلافا” للقانون.
والاتجاه الثاني : يرى عدم اعتماد القمع فقط في التعامل مع الدول المشتله بدعمها للارهــاب ويستحسن اقناعها عوضا عن تأديبها لحملها علىالتخلي عن الارهابيين او التعامل معهـم للحيلوله دون زعزعة العلاقات الدوليه من هذا الراي كل من فرنسا وايطاليا واليونان
اما الاتجاه الثالث: فيرى ضرورة اللجوء الى القانون الدولي لمعالجة اسباب الارهاب ودوافعه باعتبارها – منازعات – دوليه وتسويتها واتخاذ التدابير لمواجهة العدوان في حالى وقــوع العمليات الاراهبيه الدوليه تتم وفقا” لاحكامه وبجزاءائه وبخاصة الوسائل القانونيه التي تضمنها ميثاق الامم المتحده ومن هذاالراي غالبية الدول والاوساط القانونيه في العالم ويبـدو ان الاتجاه الاخير اكثر انسجاما مع مقتضيات احترام القانون والشرعيه ويقدم وســـائل وحلول قانونيه عمليه وفعـــاله في مواجة ظاهرة الارهاب الدولي , ويحقـــق مقاصد الامم المتحده وغاياتها التي نص عليها الميثاق وقمـع العدوان وحل المنازعات الدوليه بالوسائل السلميه ومنع اسـتعمال القوة او التهديد بها في العلاقات الدوليه او استخدامها ضد سلامة الاراضي او الاسـتقلال السياسي لاية دوله على وجه لايتفق ومقاصد الامم المتحده والعمل على انماء التعاون والعلاقات الوديه بين الامم ومنـــع الدول من التدخل في الشــــؤون الداخليه للـدول الاخرى, ولاشك في ان ممارسة الارهاب الدولي او التهديد به ضد أمن وسـلامة طرف دولي اخر لاي ســبب كان يخالف هذه المبادئ والمقاصد ويعد انتهاكا صارخا” لها فضلا” عن ان اللجوء اليه اساسا مخالف للقانون الدولي ويوجب اتخاذ التدابير المنصوص عليها في الميثاق ضد مرتكبه .
الفصل الرابع
تمييز الإرهاب من نشاط الكفاح المسلح واعمال المقاومة
كثيرا” ما يخلط مفهوم الارهاب بأنشطة حركات التحرر مما يستلزم التمييز بينهما احتراما للانشطة التي تساهم في تقرير مصير الشعوب واستقلالها وعدم السماح للدول والانظمة المستعمرة ان تتذرع بمواجهة الارهاب في القضاء على هذه الحركات وابادتها .
والتاريخ حافل بالمجازر التي نفذتها الدول الاستعمارية وراح ضحيتها الاف المقاومين ونشطاء حركات التحرر . فقد تميزت الفترة التي صاحبت الحرب العالمية الثانية بأنتشار حركات المقامة لمواجهة الاحتلال النازى لاسيما في فرنسا . ففي عام 1939 واستنادأ لاحكام محكمة لاهاي لم يتمتع بصفة المحاربين غير حركات المقاومة المنظمة واستغلت المانيا النازية هذه الثغرة وأعتبرت افراد المقاومة ارهابيين واعدمت كل من وقع في قبضتها . هذا وتبدوا مشكلة التمييز عسيرة في بعض المواقف تجاه حركات التحرر والمقاومة فالذين يؤيدون هذه الحركات يرون أن انشطتها كافة لاسيما تلك التي تتسم بالعنف تعد وسيلة مشروعة لانتزاع حقوق الشعوب ونيل مطالبها . بينما يرى الجانب الاخر ان انشطة هذه الحركات حتى تلك التي لاتتسم بالعنف غير مشروعة واعمالآ ارهابية . ازاء ذلك نجد ان من المناسب البحث في مفهوم حركات التحرر أو المقاومة .
المبحث الاول
مفهوم حركات التحرر الوطني
من الصعب وضع تعريف جامع لمفهوم حركات التحرر الوطني غير ان بعض الفقهاء سعى في هذا المجال فقد ذهب الدكتور صلاح الدين عامر الى القول بأن اعمال المقاومة الشعبية المسلحة (( عمليات القتال التى تقوم بها عناصر وطنية من غير افراد القوات المسلحة النظامية دفاعا عن المصالح الوطنية أو القومية ضد قوى اجنبية سواء كانت تلك العناصر تعمل في اطار تنظيم يخضع لاشراف وتوجيه سلطة قانونية أو واقعية أو كانت تعمل بناء”على مبادرتها الخاصة سواء باشرت هذا النشاط فوق الاقليم الوطني أو من قواعد خارج هذا الاقليم )) .
غير ان من الفقهاء من وضع عناصر معينة مميزة لحركات التحرر الوطني من غيرها من الحركات الانفصالية او الإرهابية ,ومن هذه العناصر:
1-ان الهدف من حركات التحرير الوطني هو تحقيق التحرر .
2- وجود الاراضي الداخلية او الخارجية التي تسمح للحركات ان تباشر عملياتها العسكرية بمعنى ان توجد مناطق محررة تقيم عليها مؤسساتها الادارية والتعليمية والعسكرية .
3- ان يتعاطف الشعب مع حركات التحرير والمقاومة وتلقى دعما وتأيدا واسعا من المواطنين .
4- يجب ان تتسم اهداف حركات التحرير بدافع وطني يتجاوب ويتلائم مع المصلحة الوطنية العليا وهوما يميز حركات التحرير عن الاعمال التي تستهدف مصلحة خاصة لبعض الفئات من المواطنين أو تنافس أو تناحر للسيطرة على السلطة أو فرض فلسفة معينة . أو الحرب من اجل انفصال اقليم معين أو جزء من الدولة ,ومن الجدير بالذكر ان القانون الدولي يبيح لرجال المقاومة اللجوء الى كل الوسائل الممكنه لانهاك قوات الاحتلال ومنها بطبيعة الحال الحق في استخدام العنف كما يمكن ان تكون المقاومة مدنية لاعسكرية .
المبحث الثاني
الاعتراف الدولي بشرعية أنشطة حركات التحرير
أن المقاومة الشعبية للاحتلال ظاهرة حفل بها التاريخ وميزة تتباها بها الشعوب العريقة . وقد احترم المجتمع الدولي هذا الحق في اكثر من مناسبة . فقد اكدت اتفاقية لاهاي وجوب معاملة اعضاء حركات المقاومة المنظمة كأسرى حرب في حال اعتقالهم .
وفي الثلاثين من تشرين الثاني عام 1970 اصدرت الجمعية العامه للامم المتحدة قرارها المرقم 2672 والذي شجب انكار حق تقرير المصير ، ولاسيما على شعبي جنوب افريقيا وفلسطين )).
وقد تضمن هذا القرار لاول مرة احترم شرعية كفاح شعوب الرازحة تحت الهيمنة الكولونيالية والاجنبية ، والمعترف بحقها في تقرير لاسترداد هذا الحق باي وسيلة في حوزتها في التاسع من كانون الاول اكدت الجمعية العامة للامم المتحدة على وجوب معاملة المشاركين في حركات المقاومة كأسرى حرب عند القاء القبض عليهم ، وفقأ لمبادىء اتفاقية لاهاي لعام 1907 واتفاقية جنيف 1949 .
كما اكتسب هذا الاعتراف بعدا جديدا عندما دعت الجمعية العامة في قرارها المرقم 2787عام 1971 جميع الدول المخلصه لمثل الحرية والسلام ان تقدم الى هذه الشعوب جميع مساعداتها السياسية والمعنوية والمادية .
وفي الثامن عشر من كانون الاول عام 1983 اعتبرت الجمعية العامة النزاعات المسلحة التى تنطوي على كفاح تشنه الشعوب على الهيمنه الاستعمارية والانظمة العنصرية (( نزاعات مسلحة دولية )) ضمن الاطار الذي تحدده اتفاقيات جنيف ، وبالتالي ينطبق وصف المتحاربين وفقأ لهذه الاتفاقيات على الافراد المشاركين في النظال المسلح ضد الهيمنه .
ازاء ذلك ايد المجتمع الدولي هذا الاتجاه ولاقى ترحيبأ في مختلف الدول بحكم انه الواجب ومن الدول التي ايدته ببريطانيا واللولايات المتحدة الأمريكية قد نصت الأخيرة في تشريعاتها على ثورات الهروب أو انتفاضات الحروب WarRebellions فقد ورد في المادة العاشرة من قانون الحرب البرية الامريكية (( ليس لمحارب الحق في ان يعلن انه سيعامل كل من يقبض عليه ضمن القوات المسلحة لجماعات الشعب الثائر في وجه العدو معملة الشريك في عصابة لصوص أو معاملة اللص المسلح )) .
المبحث الثالث
انواع الكفاح المسلح
ميز فقهاء القانون الدولي بين ثلاثة انواع من النزاعات المسلحة : النزاعات المسلحة الداخلية والنزاعات المسلحة الدولية والنزاعات المسلحة غير الدولية :
أولا”النزاعات المسلحة الداخلية
يقصد بهذا النوع من النزاعات الحروب الاهلية . وقد نصت المادة الرابعة الفقرة الثانية من البروتكول الثاني لعام 1977 الملحق باتفاقية جنيف لعام 1949 والمتعلق بضحايا النزاعات غير الدولية الواقعة بين القوات المسلحة التابعة لدولة ما وقوات مسلحة منشقه عنها ، أو جماعات نضامية تحت قيادة مسؤولة عن جزء من لاقليم ,على منع اعمال الارهاب ضد الذين لايشركون مباشرة في العمليات العدائية.
وقد عد القانون الدولي المشتركين في مثل هذه النزاعات محاربين ينطبق عليهم وصف اسرى حرب غير انه اعتبر الاعمال التي يمارسها احد الطرفين ضد الاشخاص الذين لايشتركون مباشرة أو الذين يكفون عن الاشتراك في العمليات الحربية اعمالآ ارهابية .
ثانيا”النزاعات الدولية المسلحة
يقصد بالنزاع الدولي المسلح الحرب التي تندلع بين دولتين مستقلتين وجيشيين نظاميين وتخضع الحرب الى قانون أو اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 وهنا تظهر الاعمال الارهابية في ثلاثة صور :
1-جرائم الحرب
2-جرائم ضد الانسانية
3-جريمة ابادة الجنس البشري
ويظهر الارهاب في هذه الجرائم من خلال لجوء العسكريين الى العنف المسلح غير المشروع وخرق قواعد القانون الدولي المتعلقة بحماية المدنيين أو تلك النصوص المتعلقة بحماية المنشأت الثقافية من التدمير والاتلاف والسرقة وحماية المنشأت التي تحوي قوى خطرة كالسدود والجسور والمحطات النووية الوارد النص عليها في المادة 46 من البروتوكول الأول لعام 1977 الملحق باتفاقيات جنيف لعام 1949 والنصوص المتعلقة بمعاملة أسرى الحرب وعدم تعذيبهم الواردة في المادة في المادة 12 من الاتفاقية الاولى والثانية لعام 1949 .
ثالثا”النزاعات المسلحة غير الدولية
يقصد بهذه الفئة من النزاعات تلك التي تقوم عادة بين جيش نظامي أو اكثر في مواجهة حركات التحرر وطني أو حركات ثورية خارج اقليم دولتها أوداخله . وهنا تكون حركات التحرر تحت حماية وسلطات القانون الدولي ويسري عليها ما يسري على النزاعات المسلحة من احكام شريطة التقيد باحكام القانون الدولي والاتفاقيات الدولية 0وهنا لابد من القول بأن القواعد التقليدية لقانون الحرب كانت تميز بين فئتين من الناس المحاربين الذين تتكون منهم القوات المسلحة, وغير المحاربين الذين يمثلون السكان المدنين واثير النقاش حول السكان المدنيين وما اذ1 كان يمكن الاعتراف لهم بصفة المحاربين. عالج القانون الدولي هذه لمسألة من خلال تقسيم هؤلاء الى فئتين :
الأولى / تتعلق بهبة الشعب في وجه العدو بناءا على دعوة حكومتهم وانظمامهم الى التنظيمات العسكرية النظامية التي تنشبها الدولة للدفاع عن الوطن أو انظمامهم طوعأ بناءا على شعوره الوطني وحملهم للسلاح للتصدي للغازي .
والثانية / تتعلق بفصائل المتطوعين أو قوات التحرير وهي التي تتكون من افراد يشتركون طوعأ في العمليات الحربية دون ان يكونوا من وحدات الجيش النظامي وفيما يلي نبين وجة نظرالوثائق والاتفاقيات والمواثيق لهاتين الفئتين المقاومتين .
1-اتفاقيات لاهاي 1970
اعترفت المادة الثانية من اللائحة الملحقة بأتفاقية لاهاي بصفة المحربين للسكان المدنين الذين يندفعون في مقاومة المعتدي دون ان يكون لهم الوقت في تنظيم صفوفهم . وعرفت الشعب القائم أو المنتفض في وجه العدو (( مجموعة المواطنين من سكان الاراضي المحتلة الذين يحملون السلاح ويتقدمون لقتال العدو ، سواء كان ذلك بأمر من حكومتهم أو بدافع من
وطنيتهم أو واجبهم )) . ومن ثم اعترت هذه لاتفاقية هؤلاء المواطنين من قبيل القوات النظامية تنطبق عليهم صفة المحاربين شريطة ان يتوافر فيهم شرطين :
ا. حمل السلاح علنا”
ب. التقيد بقوانين الحرب واعرافها
أما فيما يتعلق بالملشيات والمتطوعين من قوات التحرير فقد عالجت امرهم المادة الاولى من اللائحة الملحقة بالاتفاقية الرابعة للعام 1907 والتى تمنح افراد هذه الملشيات صفة المحارب النظامي ، اذا توافرت فية الشروط الاربعة التالية :
ا.ان يكونوا تحت أمرة شخص مسؤول .
ب.ان يحملوا علامه مميزة ثابتة يمكن تبينها عن بعد .
ج. ان يحملوا السلاح علنأ
د. ان يراعوا في عملياتهم قوانين الحرب واعرافها .
2- اتفاقيات جنيف لعام 1949
اصرت الدول الاستعمارية عند وضع هذه الاتفاقيات على ايراد عبارة حركات المقاومة المنظمة بغية تضييق الخناق على الثورات المسلحة ضد سلطات الاحتلال وقد اكدت المادة 44 من البروتكول الاول لعام 1977 الملحق باتفاقيات جنيف 1949على ضرورة توافرشرطي وضع اشارة مميزة وحمل السلاح علنا”للاستفادة مما يقره القانون الدولي من حماية .
ولا يخفى ما فيى هذه الشروط من اجحاف بحق المقاومة والتي يتسم نشاطها غالبا بالسرية كما ان حمل السلاح علنا” لم يعد امرا”معقولا في عمليات الحروب الحديثة .
لذلك وجد الكثيرون ان الشرطين المتعلقين بالشارة المميز وحمل السلح علنا” لم يعد يشكلان قيدين واجبي الاحترام وقد تفهمت المحاكم المنشأة بعد الحرب العالمية الثانية هذه الصعوبات فأتخذت موقفأ لينأ تجاه حركات المقاومة التي لم تلتزم كليأ بهذه الشروط .
الخاتمه
بعد ان تطرقنا في هذه الرسله الى الى مفهوم ظاهرة الارهاب في القانون الدولي والداخلي وتطرقنا الى ما قد يختلط بهذا النشاط من اعمال اخرى لاسيما تلك النشاطات المتعلقة بأعمال الكفاح المسلح والمقاومة نخلص الى النتائج التالية :
اولآ// تجنبت الاتفاقات الدولية وضع تعريف محدد للمقصود للاعمال الارهابية واعتمدت اسلوب تعداد بعض الجرائم وعتبرتها ضمن مفهوم الارهاب ونرى ان هذا الاسلوب يتناقض مع مبدأ اسلوب تعدد الجرائم يبيح التلاعب من حيث خروج الكثير من الجرائم من دائرة الارهاب الا لشئ سواء أنها لم تذكر في ضمن هذا النوع من الجرائم متجاوزين عما قد يفرزه المتطور من جرائم ارهابية جديدة
ان التشريع الجنائي العراقي لم يعلج الجريمة الارهابية بأعتبارها جريمة مستقلة ولم يسعى الى تحديد لمقصود بها حتى صدور قانون مكافحة الارهاب ونرى ان ذلك كان يشكل نقصا جوهريا في التشريع احسن المشرع في تلافيه لما تتطلبه معالجة الارهاب من اخضاعها الى نظام قانوني خاص لمواجهة أثارها الخطيرة على المجتمع وردع مرتكبيها .
ثانيا// من المهم تمييز نشاطات الكفاح المسلح عن الجرائم الارهابية والحق في المقاومة وتقرير لمصير وفقأ لمبادئ القانون الدولي غير أن ذلك لايسمح مطلقأ لتفسير الانتهاكات التي تقوم بها بعض المليشيات والعصابات على اعتبار انها اعمال مقاومة لمخالفتها للمستقر في الاتفاقات والمواثيق الدولية من شروط الاعمال الكفاح المسلح خاصه ما يتعلق بأحترام تقاليد الحروب وأعرافها وعدم الاعتداء على المدنيين ومن لايشاركون مباشرا