دور التعليم الالكتروني في تعزيز التعليم الجامعي
لقد شهدت تقنيات التعليم الالكتروني تطورا كبيرا وانتشارا واسعا في السنوات السابقة في معظم دول العالم وأصبحت ادوات فعالة في نقل وايصال المعلومات العلمية الى المدرسين والطلبة في مختلف البلدان . حيث اصبحت هذه التقنيات من من اهم التطورات في مجال الاتصالات وبالتالي ادت الى تطوير الاساليب التعليمية الجامعية للاستجابة والمواءمة مع هذه المستحدثات ، حيث وضعت العالم امام ثورة جديدة في مجال التعليم وفتحت الافاق الواسعة لانواع جديدة من التعليم والتدريب في جميع المؤسسات التعليمية وخاصة في التعليم الجامعي والعالي .
حيث ساهمت الاتجاهات الحديثة لتكنولوجيا التعليم في ظهور انظمة جديدة ومتطورة للتعليم والتعلم والتي كان لها اكبر الاثر في احداث تغيرات وتطورات ايجابية على الطريقة التي يتعلم بها الطلبة وطرائق واساليب توصيل المعلومات العلمية اليهم وكذلك على محتوى وشكل المناهج الدراسية المقررة بما يتناسب مع هذه الاتجاهات . ومن النظم التي افرزتها الاتجاهات الحديثة لتكنولوجيا التعليم ما يسمى التعليم الالكتروني والذي يعتمد على توظيف الحاسوب والانترنت والوسائل التفاعلية المتعددة بمختلف انواعها في عملية التدريس .
ان التعليم الالكتروني يشير الى الاعتماد على التقنيات الحديثة في تقديم المحتوى التعليمي للطلبة بطريقة كفوءة وفاعلة من خلال الخصائص الايجابية التي يتميز بها كأختصار الوقت والجهد والكلفة الاقتصادية وامكانياته الكبيرة في تعزيز تعلم الطلبة وتحسين مستواهم العلمي بصورة فاعلة ، اضافة الى توفير بيئة تعليمية تعلمية مشوقة ومثيرة لكل من المدرسين والطلبة يتم فيها التخلص من محددات الزمان والمكان بالاضافة الى السماح للطلبة بالتعلم في ضوء امكانياتهم وقدراتهم العلمية ومستواهم المعرفي .
وتتكون منظومة التعليم الالكتروني من مدخلات وعمليات ومخرجات وتغذية راجعة . ويتطلب تنفيذ هذه المنظومة مجموعة من المتطلبات والمكونات الاساسية تتكامل مع بعضها البعض لغرض انجاح هذه المنظومة وعناصرها المختلفة .
ويشير التربويون الى ان التعليم الالكتروني مصطلح واسع يعني استخدام التكنولوجيا في دعم وتعزيز وتيسير العملية التعليمية وهو بذلك يشير الى نوع التعليم الذي يقدم من خلال الانترنت اوالشبكة الداخلية الانترانت او الاقراص المدمجة او اقراص الفيديو الرقمية . أي انه طريقة للتعلم بأستخدام تقنيات الاتصال الحديثة مثل الحاسوب وشبكاته ووسائطه المتعددة من صوت وصورة ورسومات وآليات بحث ومكتبات الكترونية اضافة الى شبكة الانترنت . أي انه منظومة تعليمية لتقديم البرامج التعليمية والتدريبية للطلبة والمدرسين في أي زمان ومكان باستخدام تقنيات المعلومات والاتصالات التفاعلية لغرض توفير بيئة تعليمية تفاعلية متعددة المصادر تتعزز من خلالها المعلومات التي يحصل عليها الطلبة اثناء المحاضرات الاعتيادية .
ويؤكد التربويون كذلك بأن مجتمع المعرفة الذي نحن فيه الان يتطلب التحرك السريع نحو ايجاد بيئة تعليمية تعلمية قادرة على تحقيق متطلبات الجودة الشاملة والتميز والملائمة مع متطلبات العصر الراهن ومستجداته ، وهذا يتم من خلال تحويل المؤسسات التعليمية وخاصة الجامعية والعليا منها الى وسائل ابداعية انتاجية بعيدة عن الاساليب التقليدية من خلال ادخال اساليب وطرائق جديدة وحديثة في التعليم يتم من خلالها اعطاء فرص اوسع ومساحة اكبر للاساتذة والطلبة من خلال تطبيق التعليم الالكتروني لما يوفره من بيئة تعليمية تفاعلية تجذب اهتمام الطالب وتطور معرفته وتنمي لديه مهارات التفكير العلمي وطرائق الحصول على المعرفة ، اضافة الى تطوير وتعزيز قدرته على حل المشكلات التي تواجهه من الاتصال مع الاساتذة والطلبة والمختصين الاخرين في نفس الموضوع . اضافة الى كونه يمنح فرصا كبيرة لتبادل الحوار والنقاش واستخدام واستخدام العديد من التقنيات التربوية ومساعدات التعليم وتشجيع التعليم الذاتي والتقييم الفوري وتصحيح الاخطاء بعد معرفة نتائج الطلبة ومراعاة الفروق الفردية بين الطلبة وتعدد وتنوع مصادر المعلومات والمعرفة والاستخدام السهل والميسر للاجهزة والادوات وتبادل الخبرات بين الطلبة وسهولة تغيير وتطوير المادة العلمية فيه بسهولة في ضوء التغييرات والاكتشافات العلمية الجديدة .
وبذلك فقد اصبح التعليم الالكتروني وتقنياته المتعددة ضرورة من ضرورات التعليم الجامعي في الوقت الحاضر ، حيث اعتبر الاهتمام به والاستفادة من امكانياته الكبيرة مظهرا اساسيا وفاعلا من مظاهر الاهتمام والعناية بتعزيز العملية التعليمية في المؤسسات الجامعية .
ان التعليم الالكتروني ليس بديلا عن التعليم الجامعي النظامي الاعتيادي وهو لايقل عنه شأنا ولايقلل من اهميته ، ولكنه يعتبر اضافة نوعية حديثة له لمواجهة المواقف الجديدة والتطورات الحاصلة في المجتمع واسلوبا تعزيزيا نافعا لما يدرسه الطلبة في المحاضرات الاعتيادية ، وعليه فهو يتكامل مع التعليم الاعتيادي ويعززه ويطوره ويكون معه منظومة تعليمية متطورة ومتكاملة ويعمل على توفير بيئة تفاعلية للطلبة . وتتكون منظومة التعليم الالكتروني من مدخلات وعمليات ومخرجات وتغذية راجعة . ويتطلب تنفيذ هذه المنظومة مجموعة من المتطلبات والمكونات الاساسية تتكامل مع بعضها البعض لغرض انجاح هذه المنظومة وعناصرها المختلفة .
ان التعليم الالكتروني اكدت استخدامه الاتجاهات التربوية الحديثة التي تهتم بالتعلم الذاتي وتفريد التعليم اشارت معظم الدراسات والبحوث العلمية التي اجريت في هذا المجال بأن افضل وسيلة لتعلم الطالب وزيادة كفاءته هو عندما يكتسب المعلومات بنفسه باحثا ومنقبا عنها وبأستخدام مختلف التقنيات التربوية الحديثة ، لانه لو اردنا ان يكون المنهج المقدم للطلبة فعالا وكفوءا فلا بد ان يشتمل على وسائل عديدة لاستثارة تفكير الطلبة وقدراتهم وتقديم المادة الدراسية لهم حسب امكانياتهم ومستوياتهم العلمية والمعرفية . وهذا يؤدي بالتالي الى احتواء المناهج الدراسية على وسائل عديدة ومتنوعة تؤدي جميعها لنفس الهدف ، وهو ضمان تعلم الطلبة بصورة فاعلة وتكون مساعدة للمدرس في عملية التدريس . وعليه فان التعليم الالكتروني اصبح اسلوبا للتبادل المعرفي بين مختلف المؤسسات التعليمية في العالم واستطاع ايجاد تغييرات جذرية في انظمتها التعليمية وبرامجها الدراسية .
إن التطور العلمي و التكنولوجي أدى إلى ظهور تغير في دور المعلم و تطوير فلسفة التعليم حيث لم يعد دوره تقليدياً قاصرًا على نقل المعارف والعلوم وتلقينها ، وإنما أصبحت وظائفه تتميز بالتجديد والتغيير ويتطلب أداؤها خبرات جديدة لابد من اكتسابها فهو يفترض ان يكون مستوعبا وتفاعلا مع التطورات العلمية التكنولوجية متميز بقدرته على تصميم مجالات التعليم وتوظيف ما يتوفر له من تقنيات تربوية لصالح الموقف التعليمي .
ويعد التعليم الجامعي احد المكونات الاساسية والريادية للنظام التعليمي في جميع البلدان وهي الاكثر نموا وتطورا فيها . وبالتالي لها القابلية على التعامل مع التغييرات الاجتماعية والمستجدات الحديثة واستيعابها بدرجة اكبر وبصورة انضج من المؤسسات التعليمية الاخرى الادنى منها .
وهذا ادى الى ان ينظر التربويون في البدء الى مؤسسات التعليم الجامعي لغرض استخدام هذه المستجدات فيها ومنها التعليم الالكتروني لغرض استثماره لأحداث تغيير نوعي وجذري في انظمتها التعليمية بجميع اهدافها ومدخلاتها وعملياتها ومخرجاتها . وبذلك دخل التعليم الجامعي في مرحلة جديدة وكبيرة من التغيير والتطور . وقد تزايدت اعداد الجامعات والمؤسسات التعليمية العليا التي تستخدم التعليم الالكتروني لتعزيز مناهجها الدراسية من خلال قيامها بأستخدام بعض البرامج التعليمية المعدة لتعزيز تعلم الطلبة وتزويدهم بمعلومات اضافية كثيرة عن المادة الدراسية التي تم دراستها في المحاضرات الاعتيادية .
وقد ادى استخدام التعليم الالكتروني في التعليم الجامعي الى تغيير الدور التقليدي للاستاذ الجامعي في العملية التعليمية من كونه مصدر المعلومات الوحيد للطلبة الى مرشد وموجه لهم اضافة الى كونه متعلما في الوقت نفسه . وهذا ادى الى زيادة وتعزيز التعاون بين الاستاذ الجامعي وطلبته حول اليات واساليب استخدام التعليم الالكتروني المختلفة وكيفية التعامل معها والتفاعل للحصول على بيئة تعليمية فعالة وتفاعلية ، من خلال الامور الايجابية العديدة التي يمكن تحقيقها من خلال التعليم الالكتروني ، كونه اداة فعالة للتعليم والتدريب ويعمل على تكامل التعليم والتدريب في هيكل تنظيمي موحد ومتكامل بالاضافة الى تقديمه حلولا متكاملة وجذرية للعديد من المشكلات التي يعاني منها التعليم الجامعي الاعتيادي بصورته الحالية .
ان التعليم الجامعي اذا لم يهيء نفسه وامكانياته للتعامل مع هذه التطورات العلمية والتكنولوجية الحديثة بما فيها التعليم الالكتروني وغيره والتي تتسارع بصورة كبيرة بحيث لايمكن التخلف عنها ولايمكن التأخر في التفكير بضرورة الاستفادة من امكانياتها ، فأن هذا سوف يؤدي بالتعليم الجامعي الى انه يجد نفسه متخلفا ومتأخرا عن ركب الحضارة والتقدم العلمي والتكنولوجي وبالتالي غير قادر على تخريج الافراد القادرين على التعامل معها بكفاءة وفاعلية لغرض تطوير المجتمع .
ان جودة التعليم الالكتروني ونجاحه يعتمد بدرجة كبيرة على طبيعة الممارسات التدريسية التي يتم استخدامها وتوظيف تطبيقاته من خلالها وفي ضوء الحاجة الفعلية له ، وليس من خلال الاجهزة والادوات المستخدمة على الرغم من اهميتها في رفع كفاءته وجودته ، ويجب ان يتم التطور الحقيقي للممارسات التدريسية في التعليم الالكتروني في اطار توظيف استخدام التقنيات الحديثة من خلال تلك الممارسات التدريسية والتي تظهر بوضوح من خلال استخدام تقنيات التعليم الالكتروني في التعليم التفاعلي والانشطة التفاعلية مما يؤدي الى زيادة فهم المتعلمين وتطور نموهم المفاهيمي .
اذن يمكننا القول بان التطور الذي نرجوه للتعليم الالكتروني وتطبيقاته المتعددة لن يتم بدرجة عالية من الكفاءة الا من خلال تقديم افضل التصورات للعملية التعليمية التعلمية وليس من خلال التركيز فقط على تطوير الوسائل التقنية والتي يمكنها فقط اتاحة فرص واسعة ومتعددة لتطوير وتحسين طرائق واساليب التعليم والتعلم .
اننا مطالبون بتوعية المجتمع بأهمية استخدام التعليم الالكتروني بصورة متكاملة ومتوازية ومصاحبة للتعليم الاعتيادي في مؤسساتنا التعليمية الجامعية والاخرى ومدى أهميته في تجاوز حدود الزمان والمكان واختصار التكاليف اضافة لتحقيقه لمبدأ ديمقراطية التعليم من خلال اتاحة الفرصة للتعليم لجميع شرائح المجتمع .
الاستاذ الدكتور موفق عبدالعزيز الحسناوي
هيئة التعليم التقني – المعهد التقني في الناصرية – العراق
Mowaffaq1963@yahoo.com
Mow_af_faq@hotmail.com
“سومريون.نت”