الصرح العلمي ما بين الفكرة وروح التجديد
من نافلة القول: إن أية فكرة تنطلق من هواجس صاحبها وتطلعاته للغد البعيد وليس القريب فحسب، ولما كانت الأكاديمية العربيّة في الدنمارك صرحاً علمياً متميزاً بكادره العلمي والتعليمي والمهني المتخصص في حلقات العلم وحافاته الأمامية، وفي التعليم الأكاديمي وفروعه الرصينة ذات الصلة بالتعليم المباشر أو التعليم عن بعد، فإن هذه المؤسسة ومنذ انطلاقتها العلمية عام 2005م، اتاحت العديد من الفرص لكل من يرغبُ بإكمال دراسته الأكاديمية، وخاصة لتلك الشريحة من الافراد الذين أرغمتهم الظروف للتوقفّ عن الدراسة بسبب ظروف اقتصادية أو اجتماعية أو أسرية.. لهذا يعتبرُ البعضُ ممن تعايش ودرس وعمل مع وفي الأكاديمية، أنها مختبرٌ للعلم النافع والعمل الصالح، فهي أضاءت للدارسين والساعين للتحصيل الدراسي، سواء داخل الدنمارك وفي بلدان أوربية أو عربية وغيرها، قبساً من نور العلم والتعليم، يستدل به، لمن كان في ضيق الدرب حتى تيسرّت وانفتحت أبوابُ العلم وقطف الثمار المحمودة والمنتظرة، لأولئك الراغبين بإكمال دراساتهم الأولية، واستكمال الدراسات العليا (الماجستير، الدكتوراه).. وبفضل من الله وتسديده وعونه للقيادات العلمية في الأكاديمية، كل بحسب عنوانه وتخصصه، جرى تخريج المئات من الطلبة بمختلف الاختصاصات وبشهادات معترف بها وبمستوى يوازي مستويات الجامعات الاجنبية الاخرى.
وليس من شك في أنه، وللوهلة الأولى، يجد الراغب بالدراسة والتحصيل العلمي والأكاديمي، وهو يتجول في الموقع الالكتروني للأكاديمية العربية، ليكتشف عمق وفائدة هذا الصرح وكلياته العلمية وقنواته وفروعه الفنية والمهنية، باعتباره أن ما يقدمه من خدمات إن هي إلاّ اضافة نوعية للتطوير ولتنمية القدرات البشرية، فهذه الخدمات التعليمية المجانية لجميع الناس بدون استثناء، فهي تشمل على محاضرات صوتية أو كتب الكترونية او مجلة علمية محكمة أو رسائل ماجستير أو اطروحات دكتوراه، فضلاً عن التسجيل الكامل لمناقشات طلاب الدراسات العليا… وفي استطلاع الكتروني شملَ عينة من طلاب الدراسات العليا بلغت خمسين دارساً من داخل كليات الأكاديمية ومن خارجها، أجراه محررُ الشؤون العلمية في الأكاديمية، أكد المشمولون بالاستطلاع، أنهم استفادوا استفادة كبيرة من مجريات المناقشات العلمية، ووثقوا بها، بل أن هذه المناقشات التي تجري بين لجان المناقشة العلمية وطلاب الماجستير والدكتوراه، سواء داخل قاعات المناقشة داخل مقر الأكاديمية بالدنمارك أو عبر الانترنت بين المقر ومكاتب الأكاديمية المنتشرة في العالم، هي مناقشات ترتقي الى مستوى شروط ومستلزمات قواعد الاعتماد الأكاديمي الدولية.
من هذا المنطلق، فتحت الأكاديمية العربية أبوابها العلمية والمعرفية للجميع، دون أي اعتبارات دينية او عرقية أو طائفية، انطلاقاً من قاعدة أساسية وراسخة، مؤداها أن المعرفة لا يمكن أن يتم احتكارها على فئة دون أخرى.. وهذا ما دفع قيادة الأكاديمية لتستمر بمنهج التطوير للبرامج والمقررات الدراسية وفقا لضوابط وأحكام الاعتمادات الأكاديمية الدولية، الأوربية والعربية، من جهة، ولتساهم بشكلٍ مباشر بنشر المعرفة العلمية والأكاديمية دون قيد أو شرط، من جهة ثانية. وبهذا تقدمّ الأكاديمية العربيّة بالدنمارك خدماتها للجميع، ولكل من يرغب في البحث العلمي والتنمية الذاتية الأكاديمية والعلمية الموصوفة بحلقاتها وبرامجها، فجميع الأبواب مفتوحة لمن يرغب في ذلك، الآن وفي المستقبل. وفي ذات السياق، تعتز الأكاديمية بطلابها من خريجي الدراسات العليا، وبخاصة الدكتوراه، الذين أصبحوا أساتذة لهم ثقلهم العلمي والأكاديمي في بلدانهم ومؤسساتهم العلمية والمهنية، وأصبحوا مشاركين في مناقشة وتقييم رسائل الدراسات العليا داخل الأكاديمية وفي جامعات ومؤسسات علمية رصينة.
ومما يميّز تفوق الأكاديمية، هو تميزها التقني والعلمي الدراسي عبر الإنترنت (التعليم عن بعد)، إذ تعدّ وسيلة متقدمة من الوسائل العلمية والتعليمية، وطريقة حديثة من أجل التحصيل العلمي، فأصبحت الدراسة عبر الإنترنت على امتداد مساحة الكرة الأرضية، بديلاً للدراسة التقليدية وأكثر سهولة وتكلفة. فالدراسة عبر الإنترنت قد تكون الحل للكثيرين من الراغبين بالدراسة وتحقيق حلم نيل الشهادة الجامعية المشروعة والصحيحة، ولغايات البحث والتطوير، والاندماج والحصول على مستويات أعلى وافضل في الحياة العلمية والعملية، وهذا ما ذهب إليه الكثيرون، إن كان على مستوى الشهادة الجامعية الأولية أو الدراسات العليا كالماجستير والدكتوراه، في عدد كبير من الجامعات في العالم، وفي مقدمتها الأكاديمية العربية بالدنمارك التي تواكب العصر والعلوم الحديثة بشتى قنواتها وحلقاتها العلمية التخصصية المستندة على عناصر وضوابط الجودة الدنماركية بالتعليم العالي، ومستوى الجودة للبرامج والمقررات الدراسية والتعليمية التي تُقدمها.
ومما يشار اليه، أن الدول الغربية وماليزيا واليابان والصين وسواها، كانت السباقة الى فتح الجامعات الافتراضية أو التعامل مع التعليم الإلكتروني، امام الطامحين في استكمال مشوارهم الأكاديمي، باعتبار هذا النوع من التعليم تجسيدا للاقتصاد في الوقت والأموال والجهد، وهذا الأمر مع دعم السلطات المعنية بالتعليم والاعتماد الأكاديمي، حققّ نجاحات منقطعة النظير، فتدافع مئات الالوف من الطلبة، للانتماء الى هذه الجامعات الرصينة والدراسة عبر الانترنت.. وبعد هذه النجاحات المحمودة، توسعت رقعة هذا التعليم، حتى تنبهّ عدد من الأكاديميين العرب المقيمين في عدد من دول اوروبا، الى هذا النمط العلمي في الدراسة، فأسسوا الجامعات المفتوحة واستحصلوا الموافقات الرسمية الأصولية من دول الاقامة، وخضعت تلك الأكاديميات الى رقابة صارمة من تلك الدول في اطار ضوابط الاعتماد الأكاديمي والأمانة العلمية، فكانت الأكاديمية العربيّة المفتوحة في الدانمارك رائدة وممهدة باعتزاز وفخر، لتقتفي أثرها ومسارها الصحيحين عدد من الأكاديميات المناظرة.
وللتاريخ والتوثيق، ينبغي أن نذكر أنَّ الأكاديمية العربيّة المفتوحة في الدانمارك، التي أسسّها الأستاذ الدكتور وليد ناجي الحيالي، هي نموذج حي للعلم والخير كله، ونموذج راق للتعامل به والوثوق بعناصره البشرية والعلمية والأكاديمية، المنتشرة على مساحة واسعة من الكرة الأرضية، وليس فقط في الدنمارك أو البلاد العربية فحسب.. فالأكاديمية تتشكل من هيئات علمية وأنظمة أكاديمية معترف بها من قبل السلطات الدنماركية والدولية، ويعتبرُ المجلسُ العلمي في مقدمة التشكيلات القيادية، تليه عمادات الكليات والأقسام المتخصصة، التي تساعدها شبكة عريضة من الأساتذة الأكاديميين داخل الدانمارك وخارجها. يضاف الى هذا الوصف العلمي للعنصر البشري، هناك العنصر الحاسم الآخر المتصل بالتوصيف العلمي للبرامج والمقررات الدراسية داخل الأكاديمية، ووفقاً لضوابط الاعتماد الأكاديمية الدولية في التعليم العالي.
وقد يتساءل البعض: لماذا لا تنتقدوا وتفضحوا من يريد الاساءة الى التعليم الإلكتروني، من أولئك الذين يرفعون يافطات ويفتحون مواقع الكترونية، بأسماء وأوصاف وعناوين شتى، لكسب وجذب الراغبين بإكمال دراساتهم الأولية والعليا؟… نحن نعرفُ والكثيرُ يعرف، أن الزبد يذهب جفاء وأن ما يمكث في الأرض هو النافع والمحمود للعباد، وما الله بغافل عما يعملون، يقولُ تبارك العليم الخبير في كتابه المبين:فَأَمَّا الزبد فَيَذْهَبُ جُفَآءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ الناس فَيَمْكُثُ فِي الأرض) الرعد: 17(.. ثم لا ننسى أن الزمن لم يعد يقبلُ التجهيل والخداع للناس من طلاب العلم والمعرفة.. هذه هي الأكاديمية التي تعتبر رمزاً من رموز العمل والعطاء المعرفي الذي اصبح يشار لها بالبنان في الاوساط الأكاديمية والعلمية المتخصصة, وإن الأيام القادمة تحمل بشائر خير وبشرى كبيره للطلبة والعاملين فيها.