سيكولوجية الشخصية… الدكتور أسعد الأمارة
الاكاديمية العربية المفتوحة
في الدنمارك
كلية الاداب والتربية
قسم العلوم النفسية والاجتماعية
سيكولوجية الشخصية
الدكتور
اسعد الامارة
المحتويات
الفصل الاول :
· ماهي الشخصية
· مفاهيمها “تعريفات الشخصية”
· مكوناتها
الفصل الثاني
· سمات الشخصية
· ثبات الشخصية وتغيرها
· قياس الشخصية
الفصل الثالث
· مقدمة
· الشخصية
· اللاتزامن في الشخصية
· الشخصية والتوافق
· الشخصية وسوء التوافق
· توافق الشخصية عبرميكانيزمات الدفاع
· الشخصية السوية والشخصية المضطربة
· بين السوية واللاسوية في الشخصية
· الشخصية ومسار الفعل
الفصل الرابع
انماط الشخصية
الفصل الخامس
كيف تنظر النظريات التالية الى الشخصية :
· نظرية التحليل النفسي
· النظريات السلوكية
· نظرية العلاج المتمركز حول المسترشد”روجرز”
· نظرية السمات “كاتل”
توطئة ..
تعد دراسة سيكولوجية الشخصية احد مداخل فروع علم النفس المتعددة مثل علم النفس الاجتماعي وعلم النفس التربوي وعلم النفس الصناعي والتنظيمي وعلم النفس الكلينيكي وعلم النفس المرضي وعلم نفس الطفولة والمراهقة وعلم النفس التجريبي وعلم الاختبارات والمقاييس النفسية وعلم النفس الفارقي،حتى انها احتلت مكانة مهمة في الدراسات النفسية للمتخصصين لما فيها من اهمية واسعة في ارتباطاتها مع فروع علم النفس الاخرى التطبيقية والنظرية ،وربما عدها البعض القاسم المشترك لكل فروع علم النفس الاخرى،وهي بنفس الوقت لها علاقة وثيقة بها فضلا عن قوة صلتها بمجموعة العلوم الاجتماعية مثل علم الاجتماع والاقتصاد والانثروبولوجيا والعلوم السياسية والتاريخ،فالشخصية اذن عامل مؤثر في كل تلك الفروع من علم النفس والعلوم الاخرى،وعامل يتأثر بها،فالانسان هو محور كل تلك الفروع من علم النفس وهو بنفس الوقت العامل الرئيس في العلوم الاخرى.
ان دراسة سيكولوجية الشخصية انما هو دراسة صلب علم النفس،فعلم النفس الاجتماعي يهتم بدراسة سلوك الفرد في المواقف الاجتماعية وسلوك الفرد هو انعكاس لشخصيته،وعلى هذا الاساس يتمثل الموقف الاجتماعي في مجموعة من العوامل او المحددات الخارجية لسلوك الفرد وما يحمله من تصورات داخلية تنعكس على سلوكه وتتفاوت درجات تعامل الشخص بطريقة مباشرة او غير مباشرة في التعامل او من حيث درجة البساطة او التعقيد في طريقة التعامل.
ام كل ما يصدر من الانسان من سلوك له دلالة ومعنى حتى وان غاب عن التفسير او صعب فهمه او معرفته،وينبع ذلك من خصال الشخصية وادراكها في ضوء الموقف الذي تتعامل فيه وطريقة التفكير في حله،فالفرد يتعامل مع الموقف بما تحمله شخصيته من خصال وخصائص وراثية وبيئية وتكوينية، فتتداخل العديد من المكونات المؤثرة في تكوين الشخصية رغم ان العناصر الوراثية الجينية تؤثر ايضا فضلا عن تأثير العوامل البيئية المكتسبة هي الاخرى تلعب الدور الكبير في الكثير من الظواهر السلوكية في الشخصية ولكن يكون تأثير عوامل اخرى منها التكوينية ذو فعالية اكبر في تكوين الشخصية.
ان الشخصية الانسانية تكوين مركب في الاداء والتعامل فالبعض من الناس لا يستطيع ان يحدد بدقة كيف يصف المواقف التي تمر به بوساطة جمل مبسطة او افكار سهلة مفهومةسلسة في الفهم
والادراك،والبعض الآخر يظهر اللامبالاة ازاء هذا الموقف ،انها سمات الشخصية التي تكونت لدى البعض من الناس حتى حملها لاشعوريا في داخله وراح البعض يتعامل بها مع الناس وتبدو الميول واضحة هذا التعامل ولا نبالغ كثيرا اذا قلنا ان اصحاب الشخصية الحالمة تبدو طموحاتهم غير واقعية الى حد ما،ونرى تلك الشخصيات عند المفكرين والكتّاب والرسامين والفنانين،بينما الواقعية الممتدة جذورها في التعامل مع الواقع تبدو واضحة لدى بعض الشخصيات ،وكذلك الحال نرى الدقة والانضباط في الوقت والترتيب والتعامل هي السمة الاكثر ميلاً في بعض الشخصيات وخصوصا الشخصية القلقة حتى يبدو صاحبها غير آمن من الداخل في قرارة نفسه ، ينتابه القلق بدون مقدمات وبلا موضوع محدد يقلقه، انه القلق الهائم او الطليق ، وهناك من يقول ان صاحب الشخصية القوية هو الذي يستمر في النمو والتطور وتحقيق طموحاته واحلامه وبامكانه ان يخضع الواقع لما يريد ويحقق اهدافه ، وتساؤلنا :من هو صاحب الشخصية القوية؟
وهناك النمط الآخر من الشخصية وهي الشخصية المتحجرة ذات العقلية المنغلقة ،حيث يوصف بانه ضعيف الشخصية ،لايستطيع ان يعدل سلوكه في المواقف الصعبة،ويترك الفرصة لاخطاءه ان تقود حياته نحو الاسوء،فمن هو صاحب هذه الشخصية؟
اما ضعيف الشخصية فهو نمط آخر من الشخصية وهو عكس الشخصية القوية،انه قوي الشخصية في موقف او مكان ما ،ولا يتوفر له ذلك في موقف او مكان آخر،فالامر كما يقول البعض نسبي،وليس هناك حد معين لضعيف الشخصية او قوي الشخصية ،الا ان هناك مظاهر معينة وعلامات تدل على خلل في الشخصية ينبغي الانتباه له. هذه نماذج من اساليب التعامل مع المواقف الحياتية وهي نماذج لشخصيات وسيرى القارئ الكريم ان معرفة انماط الشخصية وطريقة التعامل تشبه الى حدما استبصارات العرافين والمنجمين وقارئ الكف في سبر اغوار الاتجاهات الانسانية ولكن نحن ندرس سيكولوجية الشخصية دراسة علمية منهجية تقوم على اسس منهجية يعرفها جميع دارسي علم النفس،وليس ضربا من التنجيم او استبصارات العرافين،فسيلاحظ القارئ ان ما يحاول هذا الكتاب هو توضيح ان الناس متشابهون في ابعاد كثيرة ولكنهم لا يدركون ذلك، في حين يهتم علماء نفس الشخصية بالسمات العامة
التي تميز كل البشر الا انهم يركزون على دراسة الفروق الفردية في الفرد نفسه، وبين الافراد تلك الفروق التي تجعل كل انسان شخصا فريداً متميزا عن الاخر،فالشخصية فعلا متميزة تمايزا عن الاخر في مكوناتها وتقديرها لذاتها وفهمها لنفسها فلا توجد شخصيتين متطابقتين تطابقا تماما،فكما هو حال بصمات الاصابع لدى جميع البشر باختلافها،هو حال انماط الشخصية في اختلافها من شخص لآخر،حتى التوائم المتطابقة الاكثر تشابها،يغفل البعض العديد من الخصائص والسمات لدى هؤلاء التوائم المتطابقة في الاختلاف،ربما كان الشكل به من التقارب والتشابه كثيرا،لكن موضوع السلوك وطريقة التفكير وادراك المواقف والاشياء يكون مختلفا تماما.
في هذا الكتاب الذي نعده محاولة علمية جادة لدراسة سيكولوجية الشخصية الانسانية سنتناول من خلاله وصف الشخصية ،تعريف الشخصية،انماط الشخصية،ثبات الشخصية وتغيرها،طرق الكشف عن الشخصية وقياسها(اختبارات الشخصية)،كيف تنظر الاتجاهات المختلفة والنظريات النفسية للشخصية وكيف تفسر تكونها ثم نتناول الشخصية في سواءها وفي تدهورها المرضي واساليب التفكير والتعامل الحياتي.
اننا نحاول في هذا الكتاب ان نفسر ما يمكن تفسيره من مكونات الشخصية وهي محاولة اجتهادية نقّوم بها لوضع بعض التفسيرات العلمية النفسية الشاملة قدر المستطاع وليست الكاملة،فالعلم في حد ذاته غير قابل للكمال،ونحن ازاء ذلك نتمنى ان نحمل رسالتنا العلمية بين طيات هذه الصفحات في موضوع به من الدقة اكثر من المنهجية التقليدية،فهو سبر لاغوار دراسة متشتة الابعاد مترامية الاطراف العلمية ليس في الجانب النظري فحسب،وانما في الجانب العملي-التطبيقي-ايضا،والامر سيان بينهما ،لايشعر بذلك الا طالب العلم في هذا الاختصاص بعد سنوات من دراسته ،تمنياتي لكل من يقرأ هذه الصفحات في هذا الكتاب ان يتحلى بالصبر ويميل الى الموضوعية فدراسة الشخصية هي تقييم لحالة انسانية تقييما موضوعيا،وهذا الامر يتطلب الاثنين معاً،الصبر والموضوعية.
الدكتور اسعد الامارة
قسم علم النفس
كلية الاداب والتربية
الاكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك
الفصل الاول
· ما هي الشخصية
· تعريف الشخصية
· مكونات الشخصية
ماهي الشخصية
قبل الاستطراد في تناول الشخصية علينا ان نتسائل ،ماهي الشخصية،كيف حاول الباحثين البارزين المهتمين في دراسة هذا الميدان من ميادين علم النفس وفروعه،وكيف استطاعوا تفسير مجالات محددة من الشخصية مثل القلق ،العدوانية والتضاد الاجتماعي،الحاجة الى الانجاز،الاعتمادية،الاحساس الداخلي للشخصية وموضوعات اخرى تهتم بالدقة في سيكولوجية،في حين اهتم آخرون اساساً بتصميم اختبارات خاصة بالشخصية وتقويم الشخصية،واهتم فريق آخر بنظريات جديدة،هؤلاء كلهم او اغلبهم كانوا من الكلينيكيين،استخدموا ابحاث الشخصية والنظرية والاختبار(المقياس)لمساعدة الناس في فهم انفسهم وحل مشلاتهم النفسية.
فسيكولوجية الشخصية اذن هي ليست نظريات الشخصية وليست اختبارات ومقاييس الشخصية،انها علم بحد ذاته حتى وان تداخلت المفاهيم وتشابكت المصطلحات،فالشخصية هي من الشخص ،والاشخاص وغيرها من الكلمات والمفردات التي تدل على الجسم،اي الجانب المادي الوجودي الماثل للفرد في الواقع والذي يحمل اسماً بعينه،كأن محمد او صلاح او مهند او تيسير او لمى او شذى او ابتهال وما ذلك من اسماء لاشخاص تدل على تكوينهم الوجودي في الحياة.
استخدم اصطلاح الشخصية Personality في اللغات الاوروبية المنحدرة من اصول لاتينية،هذه الكلمة Personality هي لفظة مشتقة من لفظة برسونا Persona ،ومعناها القناع ،وهذه الكلمة بدورها مركبة من لفظتين ،بير ،وسوناري Per-sonare ،ومعناها عبر او عن طريق الصوت،واللفظة بكاملها ،يعود استعمالها الى الزمن الذي راح فيه الممثل على المسرح الاغريقي،حينما يريد اداء دوراً فيه على خشبة المسرح،يضع القناع على وجهه لغرض اداء الدور وايضاح الصفات المميزة التي يتطلبها الدور في هذه الشخصية،هذه الشخصية هي البطل على المسرح او الشرير او الاناني او البخيل او الوفي او الصادق او
الكئيب او المنحرف،وهو الحال ذاته عند المرأة ويقال ايضا بأن استعمال القناع ،جاء بناء على الضرورة التي شعر بها احد الممثلين لاخفاء تشويه في وجهه،فليس استخدام القناع لاول مرة تجنباً للخجل او العيب او الاحراج،ومن هذه اللحظة والبداية بدأ استخدام الكلمة حتى تم تطويرها الى ما تعنيه الان من مفاهيم حديثة.
استخدم عالم النفس الشهير(كارل يونغ) احد تلامذة مؤسس التحليل النفسي(سيجموند فرويد)لفظة برسونا Persona للدلالة على القناع الذي يتحتم على كل فرد ان يلبسه لكي يستطيع ان يلعب دوره بنجاح على مسرح الحياة الاجتماعية في التعامل مع الناس،وفي التفاعل معهم،وفي التقبل والتقارب وازاء ذلك فأن الفرد من خلال شخصيته يكيف نفسه بنجاح مع واقعه الاجتماعي،وما يفرضه عليه من قيم ومعايير لكي يحقق التوافق بينه وبين المجتمع،افرادا وجماعات ،اناث وذكور،قيم ومحددات بيئية. هذا القناع الذي يمثل الشخصية في جزء من ابعادها يستر في احيان عديدة العيوب والتجارب الذاتية الشخصية التي لا يود الفرد ان يبوح بها،قد تكون مخجلة او رغبات غير مقبولة بوساطة هذا القناع يحجب ما يريد حجبه ويظهر ما يريد اظهاره ،فهو يمثل دوره بجدارة مع الاخرين في اسرته الصغيرة مع اطفاله او زوجته،كأب ،ومع والديه كأبن بار وفي عمله كموظف ناجح يرضي مديره ويقدم كل ما بوسعه لتطوير عمله من اجل النجاح،كذلك في التعامل مع الناس البسطاء في الشارع ومنهم صاحب المحل او سائق سيارة الاجرة او الاشخاص الذين يلتقيهم في الشارع وهم يقدمون خدماتهم الى الناس ،فهو يتعامل مع كافة الشرائح بشخصية ترضيهم وربما اخفق في اداء الدور مع احدهم او ربما مع زوجته.
ان الشخصية الانسانية هي شخصية الفرد بعينه وهي تعني ايضا شخصياً بالذات ،وهذا يعني ان هذا الفرد كيان متفرد خاص به يحمل صفاته وسماته وخصائصه،وكل خصيصة فيه تختلف حتى عن خصيصة شقيقه التؤم،هذه الصفات او السمات يعرف بها وتفرقه عن الاخرين من البشر،فهو تأكيد لذاته ونفي وجوده في الآخر،فالاخر ليس هو ،وهو ليس الآخر،فكلاهما مختلف في الصفات والسمات والخصائص الخاصة والعامة ،ولكنه متشابه في التكوين والبنية والخلق الانساني، وما يهمنا هنا هي ان شخصية اي فرد لا
تتساوى ابداً مع شخصية اي فرد آخر حتى وان تشابه في اللون والحركات والايماءات والتقارب النفسي والسمات الاخرى،هذا التشابه مهما بدا في الظاهر تشابهاً في المظهر والسلوك ،وفي الباطن في الذكاء والمزاج وغير ذلك من الفروق الدقيقة التي تعطي لكل شخصية صفاتها المميزة والخاصة بها.
تعريف الشخصية
بما ان الشخصية هي المجال الاوسع في الدراسة وهو المجال الذي تتداخل فيه النظريات النفسية ونظريات الشخصية والاختبارات والمقاييس النفسية ،فهو الاوسع في التعريف الذي ينطلق من التطبيق ،وهناك العديد من العلماء الذين عرفوا الشخصية على وفق رؤاهم وتصوراتهم النظرية وسنعرض لبعض تعريفات علماء النفس.
عرف البورت Alport الشخصية بانها التنظيم الدينامي في الفرد لتلك الاجهزة الجسمية النفسية التي تحدد مطابقة الفرد في التوافق مع بيئته.
اما شيلدون Sheldon فقد ذهب الى القول بوجود ثلاثة انماط اساسية من التكوين الجسمي-النمط الداخلي،التركيب (الحشوي)-والنمط المتوسط التركيب (العظمي) والنمط الخارجي التركيب(الجلدي).
ويعرف ايزنك Eysenck الشخصية ،انها التنظيم الثابت المستمر نسبياً لخلق الشخص ومزاجه وعقله وجسده،وهذا التنظيم هو الذي يحدد تكيفه الفريد مع محيطه.
برت يعرف الشخصية ،بانها ذلك النظام الكامل من الميول والاستعدادات الجسمية والعقلية الثابتة نسبياً،التي تعد مميزاً خاصا للفرد والتي يتحدد بمقتضاها اسلوبه الخاص في التكيف مع البيئة المادية والاجتماعية.
وتعرف ليندا دافيدوف الشخصية:
تلك الانماط المستمرة والمتسقة نسبيا من الادراك والتفكير والاحساس والسلوك التي تبدو لتعطي الناس ذاتيتهم المميزة.والشخصية تكوين اختزالي يتضمن الافكار ،الدوافع،الانفعالات،الميول،الاتجاهات،والقدرات والظواهر المشابهة.
ويعرف Woodworth and Marquis الشخصية :
هي الاسلوب العام لسلوك الفرد كما يظهر في عاداته التفكيرية وتغيراته واتجاهاته وميوله وطريقة سلوكه وفلسفته الشخصية في الحياة.
اما Roback فيعرف الشخصية :
هي مجموع استعداداتنا المعرفية والانفعالية والنزوعية.
اما فرج عبد القادر طه فيورد تعريف الشخصية كما هو متفق عليه في الاصطلاحات العلمية للعلوم الانسانية ،يقصد بمصطلح الشخصية :
التنظيم الدينامي لسمات وخصائص ودوافع الفرد النفسية والفسيولوجية والجسمية ،ذلك التنظيم الذي يكفل للفرد توافقه وحياته في المجتمع ولكل شخص تنظيمه هذا الذي يميزه عن غيره وبمعنى اخر فأن لكل فرد في المجتمع شخصيته الفريدة.
ويعرف عباس محمود عوض الشخصية:
بانها وحدة متكاملة من الصفات تميز الفرد عن غيره،والوحدة المتكاملة كاللحن الموسيقي-مجموعة من وحدات صغيرة متفاعلة.
اما علي كمال فيرى في الشخصية :
هي التي يجمع صاحبها في نفسه معدلا متوازن التركيب من الخصائص الانسانية التي يتقبلها المجتمع بانها في حدود الاعتدال.
ويعرفها ايضا : انه ذلك الفرد الذي تظهر خصائص شخصيته بصورة متكاملة ،وبأنه يستطيع توجيه هذه الخصائص بشكل متوازن نحو تحقيق هدف حياتي معين.
اما سيجموند فرويد مؤسس نظرية التحليل النفسي له نظريته الخاصة ،فقد كان يعتقد ان الشخصية الانسانية تتكون من :الهو Id والانا Ego و الانا الاعلى Super Ego . اما الهو ،القدرة الغريزية التي تصرخ “اريد ذلك الشئ بدون ضوابط ولا محرمات او ممنوعات ، والانا الاعلى هو الضمير المثقل بالذنب،الذي يقول:لا تستطيع ان تنال ذلك الشئ ،اما الانا ،فهو القوة العاقلة التي تقول:دعونا نرى ماذا نستطيع ان نفعل لنحل الاشكال.
وهناك تعريفات عديدة للشخصية نورد بعضا منها :
· مجموعة الصفات الجسمية والعقلية والانفعالية والاجتماعية التي تظهر في العلاقات الاجتماعية لفرد بعينه وتميزه عن غيره.
· الشخصية هي مجموعة تأثيرات الفرد في المجتمع
· الشخصية هي الاعمال التي تؤثر في الاخرين.
· هي مجموعة من الصفات الجسدية والنفسية(موروثة ومكتسبة) والعادات والتقاليد والقيم والعواطف،متفاعلة كما يراها الاخرون من خلال التعامل في الحياة الاجتماعية.
· مجموعة التفاعلات الداخلية في الانسان ،تظهر هذه التفاعلات على سلوكه الخارجي وتنعكس على تصرفاته في مواجهة الاحداث التي تعتريه،وكذلك في مواجهة الافراد المحيطين به،فيؤثر ويتأثر بهم،وكل فرد من افراد المجتمع الانساني يتميز عن غيره في تلك التفاعلات المنعكسة على سلوكه.
· بأنها الاجتماعي وليست الخلق Character :الامانة والشرف والخير فحسب،فالخلق جانب من الشخصية ،كما انها ليست المزاج Temperament :الثبات الانفعالي،المرح،الخجل،والاندفاعية ،فالصفات المزاجية وراثية في الاصل.
· هي كل الاستعدادات والنزعات والميول والغرائز البيولوجية الفطرية والموروثة ،وهي كذلك كل الاستعدادات والميول المكتسبة من الخبرة.
· هي تلك الميول الثابتة عند الفرد التي تنظم عملية التكيف بينه وبين بيئته.
· وتعرف الشخصية الطبيعية :
بأن صاحبها يتمتع برزانة العقل وبأنه سعيد ويتمتع بنشاط كاف،واستغلال كامل لقابلياته وبتكامل مقوماته النفسية مما يحرره من قيام الصراعات،وبتكيف متوازن مع البيئة التي يعيش فيها
مكونات الشخصية
تعد عملية التكوين هذه نتاجا لتفاعل العوامل البيولوجية والعوامل النفسية الاجتماعية لا سيما البيئية العائلية وهي الوسيط الخاص المجسد لنقل الثقافة ،لذا فمكونات الشخصية تمثل خصائص حصيلة فعل وتفاعل اعداد هائلة من المكونات الاساسية للشخصية ومتغيراتها،ولهذا فمن العبث على اي باحث او مشتغل في هذا الجانب من النفس الانسانية ان يحاول تتبع خاصية واحدة من خصائص الشخصية الى تأثير جين واحد او الى فعل عامل بيئي واحد مؤثر،انها مجموعة عمليات متداخلة بالتفاعل والتحليل الوافي لتعطي بالتالي سمة الشخصية الواحدة التي تمثل حصيلة عمليات واسعة من التفاعل والتداخل والتوازن في كيان الانسان بكامله بايولوجيا وبيئيا وتكوينيا ،وعليه فان تكوين الشخصية يتطلب درجة ما من النضج ولكن كما اشار سيجموند فرويد الى اهمية السنوات الاولى في تكوين الشخصية ،وان كان التطور والنمو لا يتوقفان عن تعديل سمات هذه الشخصية فيما بعد ،ولما كان تكوين الشخصية يعني وجود صفات وسمات اساسية تستمر على مر الزمن وتميز الفرد عن غيره حتى تجعل منه متفرد عن غيره،فأن الشخصية بهذا المعنى من التكوين لا تتضح معالمها تماما في مرحلة الطفولة والمراهقة بل الى مرحلة البلوغ حين يهدأ ايقاع التغيرات،ولكننا نستطيع ان نقرر ان البيئة لا تؤثر على فراغ او على تكوين منعدم،ولكنها تتفاعل مع بعض المعطيات الاساسية التي يملكها الانسان بالفعل.
ان هناك اراء ترى بان معالم الشخصية تتقرر بالوراثة ،وهذا الرأي يستند الى ان وراثة الطفل بالتفاعل مع كل ما يؤثر على نمو الجنين اثناء الحمل،حيث تكون شخصية المولود بها من المعالم الاساسية للام او الاب.وبعض الاراء وخصوصا التحليل النفسي الذي يرى بأن معالم الشخصية تتبلور منذ الطفولة وبانها تظل ثابتة لا تتغير مع الزمن ولكن بشكل نسبي،مما يؤكد الاستمرار والثبات في المعالم والتكوين الاساس لها.
ورأي اخر يقول بان هناك تبدلا ملحوظا يحدث في الشخصية حتى تتبدل من مظهر الى آخر،وبأن كل ذلك يتغير على وفق اثر الجانب الوراثي المحدد في التكوين الوراثي للفرد،ويرى كارل يونغ بان شخصية الفرد وستراتيجية حياته تختلف في النصف الاول من الحياة،والذي فيه تتجه الشخصية نحو تأكيد الذات والعائلة والسعي من اجل توفير حاجاتها،بينما تتجه في النصف الثاني من الحياة نحو تأكيد الرغبات الداخلية الخاصة.
خلاصة القول في هذا الجانب يمكن صياغته بان معالم الشخصية تتسم بالثبات في الفترة الممتدة من بداية المراهقة وحتى نهايتها،ومن الفترة بين اوائل سن الشباب(البلوغ)وحتى منتصف العمر،وبأن من بعض مظاهر الثبات في الشخصية تتضح في نسبة الذكاء التي يكون عليها الفرد وما يحققه ،فضلا عن المزاج او اسلوب التعامل مع مواقف الحياة حيث تتغير عبر مراحل العمر المختلفة التي يمر بها الانسان،ففيها مرحلة البلوغ والعمل وتكوين اسرة والابوة والمسؤولية والعلاقات الاجتماعية والنضج في التعامل ثم التقاعد.
ان مكونات الشخصية اذن هي الوراثة والبيئة والتكوين وهذه الثلاثية يجمعها مثلث متساوي الاطراف او تداخل العوامل المؤثرة في تكوين الشخصية كما يبين الشكل التالي :
الوراثة
البيئة
التكوين
وكيف تداخلها مع بعضها البعض لتكوين الشخصية ، فاحيانا لا يمكن ان يكون احد العوامل مؤثرا دون ان لا يكون الاخر له تأثر ، فالكل يقل او يزيد تأثيره في التكوين ولكن تبقى الغلبة الاكثر لعامل التكوين النفسي .
الفصل الثاني
· سمات الشخصية
· ثبات الشخصية وتغيرها
· قياس الشخصية
سمات الشخصية
ان سمات الشخصية لا يمكن فهمها الا في صور تفاعل العوامل البيولوجية والبيئية معاً في تشكيل الشخصية،فالشخص الذي يعاني من مركب خوف او نقص او احباط قد يستعين بالصور النمطية للتخفيف من حدة هذا الخلل النفسي،ومثال آخر،الشاب الذي يتربى في بيت سلطوي ،تسود فيه القسوة والشدة في التعامل هو اكثر عدوانية في تعامله مع الاخرين مستقبلا واكثر ميلا لحمل صور نمطيه ضد الاخرين عكس الشخص الذي يتربى في بيت تسوده الديمقراطية واساليب التفاهم والتحاور . فالسمة Trait تتميز بانها:
– توجد لدى كل فرد
– منسجمة نسبيا مع الانا Ego
– ثابتة نسبياً
– تتميز بالبقاء الطويل
من اقدم الوسائل والطرق في وصف الشخصية هي ما يعرف بانماط السلوك التي تصفه وتسميه باسماء السمات،بمعنى ان بعض العلماء ينظر الى السمات على انها عبارة عن مفاهيم استعدادية Dispositional Concepts اي مفاهيم تشير الى نزعات السلوك او الاستجابة بطرائق معينة،ومن المفترض ان الشخص ينقل الاستعدادات النفسية من موقف الى آخر، وانها تتضمن قدراً من احتمال سلوك الشخص بطرق معينة،في حين ينظر بعض علماء النفس الى ان السمات عبارة عن مفاهيم وصفية Summary Concepts ،اي مفاهيم تصف مجموعة مترابطة او متشابهة من
السلوك او الاستجابات بطرق معينة في مواقف واوقات مختلفة،ولكل شخصية سماتها او معالمها الرئيسة،وتحدد هذه السمات خصائص هذه الشخصية ونقاط ضعفها وقوتها ومدى مرونتها وقدرتها على التكيف لا سيما ان التكيف Adaptation يدل على كل انواع السلوك التي يبذلها الفرد لمواجهة المواقف المتجددة في الحياة.اما التوافق Adjustment فهي تلك العملية الديناميكية المستمرة التي يغير فيها الفرد سلوكه حتى يحدث علاقات اكثر توافقا بينه وبين البيئة.والتوافق يتضمن تفاعلا متصلا بين الشخص والبيئة بحيث تؤثر كل منهما في الآخر ويتأثر به مما يؤدي الى خفض التوتر والتحرر من الصراعات.
اهتم علماء نفس الشخصية بتحديد السمات والصفات النفسية مثل(الكرم،الطيبة،القلق،اللامبالاة،الاندفاع..الخ)ذات الثبات النسبي والتي يختلف فيها الافراد ،فتميز بعضهم عن البعض الاخر،اي ان هناك فروق فردية في توافر السمة او الصفة او الخاصية المقاسة او القابلية للقياس وليس في نوعها ولقوائم الشخصية عامة صيغتان: سمة وحالة .
وقد صممت صيغة (الحالة) كتغير المشاعر المتنقلة والمتغيرة من فترات تتراوح بين دقيقة واحدة ويوم واحد. اما صيغة (السمة) فقد هدفت الى قياس ابعاد الوجدان ذاتها ،ويمكن عرض بعض السمات الشائعة:
سمات الحزن
الندم،الكره،الاكتئاب،الدهشة،الازدراء،الارتباك،الانشغال،الفزع،الخوف،الغضب،الذنب،الاشمئزاز،الدونية،وهن العزيمة،الذعر،اللوم.
سمات الفرح
البهجة،السعادة،التعجب،الاندهاش،السرور..الخ.
وترى نظرية التحليل النفسي والفرويديون الجدد بان مفهوم الشخصية يقترن بوجود صفات وسمات تستمر على مر الزمن وتميز الفرد عن غيره حتى تجعل له هوية مميزة،وازاء ذلك فأن هذه السمات والشخصية لا تتضح ملامحها تماما الابعد سن المراهقة والبلوغ.
ان سمات الشخصية هي في مجموعها لا يمكن ان تتطابق مع الواقع الفعلي لشخصية فبعض ظواهر الشخصية لا تمتلك الامكانات التي يستطيع الفرد التعبير عنها في الظاهر وربما يحتفظ بها لنفسه ،لسبب او لآخر،او ربما حتى لا يعرفها هو ذاته،وتبقى كامنة خفية عليه وعلى الاخرين،فالكثير من سمات الشخصية يبقى مختفيا ولا يظهر ،لا بسبب معرفة الفرد به،بل لجهله لتلك السمات ،كذلك فأن ما يظهر من سمات الشخصية على اختلافها وتعددها ما هو الا بعض من جوانب الشخصية،وان الاجزاء الاخرى وربما الاهم ظلت خفية عن الظهور.ونود ان نشير الى ان ما ظهر من سمات في الشخصية الاقليلا،فالسمات التي ظهرت حملت معها نوع الشخصية ومكوناتها الواضحة،بينما ما ستُر كان اكبر،ولهذا عدت الشخصية تركيبا معقدا في القياس والفهم الكامل مهما بدت واضحة او محدودة في السمات الظاهرة.اننا حينما نعرض السمات نستطيع من خلالها قياس جوانب الشخصية وتقديم وصف لها اعتماداً على تحديد مواقع هذه السمات على مقاييس خاصة بالقياس النفسي،وازاء ذلك يمكننا قياس الذكاء او الحساسية الانفعالية او العاطفية،او مستوى الطموح على اعتبار ان كل سمة من هذه السمات تمثل جانبا من جوانب الشخصية الظاهرة.
ثبات الشخصية وتغيرها
كلما كانت الشخصية متكيفة مع البيئة التي تعيش فيها ومع داخلها ،كلما كانت اميل الى الثبات،والعكس غير صحيح،فالميل الى التأثير على البيئة والميل الى التأثر بها،يعني انها تتمتع بثبات نسبي مرتفع رغم ان تغير الذات او تحديدها هو وسيلة دفاعية وصفتها انا فرويد restriction of the ego هو في النهاية وسيلة للتكيف مع البيئة. ان مظاهر الثبات في الشخصية تتضح في الاسلوب والسلوك في التعامل والذكاء وهي دلالات تؤشر الثبات وهناك دلالات اخرى تشير الى ان الاستمرار في تطوير الشخصية هو اكثر وضوحا من ثباتها على حال واحد،وبأن ما يبدو من استقرار للشخصية على طبيعة ما لا ينفي تغيرها مع الزمن،وهذا ما يحدث بالفعل في ادوار الحياة الطبيعية لاحقا في مراحل العمر في النضج واقامة علاقات ثابتة وتكوين الاسرة والابناء.
مهما اختلفت الاراء في ثبات او تغير الشخصية ،فاننا لا نستطيع ان نغفل الواقع،وهو ان شخصية الانسان كما تتوضح بسلوكه وتعامله وقدرته على التفاعل والانسجام مع الاخرين،لها ان تتغير في الكثير لدى الناس حسب ما تفرضه ظروف الموائمة بين الفرد وبيئته التي يعيش فيها وتبعا لاستجاباته وردود الافعال التي يواجهها مع المجتمع مثل التقبل ،التسامح،الرفض،الانصياع،الاذعان،وبهذا فأن الانسان الواسع الادراك له القدرة في التكيف مع البيئة مهما كانت صعبة ويستجيب لها لكي يلعب دوره بنجاح على مسرح الحياة لا سيما ان الشخصية قناع يلبسه الانسان ليمثل دوره على مسرح الحياة الاجتماعية ولهذا فاننا يجب ان لاننظر الى هذا التحول والتغيير في السلوك او بعض مظاهر التغيير في معالم الشخصية على انها دلالة على تحول جذري في كيان الشخصية وانما دليل مرونة على ما توفر في شخصية الفرد وقدرة عالية على التكيف تبعا لضرورات الحياة وما يتطلبه الواقع المعاش وبهذا يكون التغيير مجرد تنويع او قبول الجديد لأن الجديد يولد من رحم القديم ولكن يتخلق من خلاله ،وبهذا يكون الجديد في حدود الشخصية بكليتها ويعد جزءاً منها لا غريباً عنها.
قياس الشخصية
كثيرا ما يحتاج السيكولوجي الكلينيكي في عمله الى تقدير بعض فعالية الاختبار النفسي وجديته في اعطاء النتائج الموضوعية التي ترتبط ارتباطا مباشرا بجدية نتائجه،فالاختبارات النفسية ما هي الا تقنيات صممت لقياس جانب من جوانب الانسان العديدة ،فهناك اختبارات لقياس التوافق النفسي وقياس رد الفعل وقياس القدرات النفسية وقياس السمات الشخصية وقياس الذكاء والميول المهنية والتعليمية والقدرات اللغوية لاختبار نوع اللغة التي يتفوق بها على اللغات الاخرى وما الى ذلك من مقاييس نفسية. وقد ينتقد البعض اداء المقاييس النفسية لانها صممت لتقيس بعض السمات منها ولكن كيف يمكن قياس الشخصية ،ونقول ان قياس الشخصية يتم عن طريق:
– المقابلة
– الملاحظة
– المقياس النفسي والاختبار
المقابلة Interview
ربما كانت المقابلة من اشهر اساليب تقدير ومعرفة بعض جوانب الشخصية التي استخدمت قديما وما زالت الى الوقت الحاضر،وهي تتميز بكونها تؤدي وظيفة اساسية في تقدير جوانب الشخصية وخصوصا اذا كانت المقابلة مفتوحة –حرة- غير محددة وتستخدم عادة لمعرفة العديد من جوانب الشئ المراد معرفته، اما المقابلة المقيدة فهي التي تختص بجانب واحد وتتميز بوجود زمن محدد
للمقابلة لم يتجاوز ال55 دقيقة ولا يزيد اكثر من ذلك الوقت ويمكن ان يستنتج الاخصائي النفسي القائم بالمقابلة النقاط الاساسية التي كان يبحث عنها،فتنتهي المقابلة بعد استخدام فنيات خاصة ومحددة في ادارتها ومعرفة مجرياتها. كما يمكن ان تكون المقابلة في حالات مقننة بحيث تشمل نفس الاسئلة التي تقدم بنفس الترتيب في كل مرة كما يحاول الان علماء النفس استخدام الكومبيوتر في اجراء المقابلات ،فيجلس المفحوص امام جهاز الكومبيوتر ويستجيب لمجموعة من الاسئلة التي تم برمجتها في الجهاز لتقديمها للقائم بعملية الفحص،وهذه العملية الآلية لا تتيح للاخصائي النفسي القائم بالمقابلة متابعة لحظات التفكير ورصد مختلف الايماءات والاشارات اللاشعورية التي يمكن رصدها لدى المفحوص ،في حين ان هذه الطريقة تبعد اتخاذ القرارات الذاتية او العوامل الذاتية في ادارة المقابلة ، وهي بنفس الوقت اكثر موضوعية وحيادية.
تستطيع طريقة اسلوب المقابلة فحص الافكار الشخصية والمشاعر والصراعات والمخاوف وما شابهها وهذه المجالات من الشخصية لا يمكن ملاحظتها مباشرة وبالتالي ربما تبقى عرضة لعدم البوح بها او الافصاح عنها ما لم تتوفر الثقة التامة بين المفحوص والقائم بالمقابلة(الاخصائي النفسي الكلينيكي).
الملاحظة
وهو فن التعرف على الشخصية عن طريق ملاحظة توافر بعض السمات الجسمية فيه خاصة الرأس والوجه وحركة اليد. وقد استخدمت الملاحظة المباشرة كوسيلة لقياس الشخصية وكذلك امعن القائمين في تجزئة الجسم الى مناطق للوصول الى مثل هذه الدلالة للحكم على الشخصية،فالبعض
منهم استطاع ان يقسم الرأس الى مناطق ثم اوجد لكل منطقة منها خاصية وملكة(قدرة) عقلية تقترن بحركة ومزاج معين فأذا اتسعت وبرزت هذه المنطقة مع غيرها كان لذلك دلالة واضحة على بروز خاصية في الشخصية ،والبعض الآخر من اهتم بحركة اداء العينين شكلا وحركةاستخداما في مواقف معينة مثل الغضب او الانفعال او رد الفعل المفاجئ او السكينة والهدوء او الشعور بالغم او النكد،ثم استخدم بعض علماء النفس قياس المزاج في موقف ما، وما يصدر من الفرد من سلوك وتصرفات ،وقاس البعض من المهتمين بالملاحظة مدى الانشراح والاتصال الاجتماعي والثرثرة والتحرك، او الميل الى اللهو والمسرات الكثيرة او معرفة مستوى التسامح بالتعامل او القسوة،فالبعض اخذ بتقدير مستوى تحمل العبأ والالتزام بحالة معينة او مبدأ يؤمن به ثم تقرير قياس الشخصية بعد معرفة هذه المعلومات. كل تلك التي يمكن ملاحظتها فضلا عن تعبيرات الوجه والحركات والكلام وردود الافعال الاخرى التي تعطي سنداً قويا لمعرفة وقياس الشخصية عن طريق الملاحظة بوساطة الاستبصار لتحقيق فهم مباشر لها. وتؤسس اختبارات الشخصية احيانا على الملاحظات السلوكية الصادرة من المفحوص اسناداً كبيراً ومساعداً للطرق الاخرى.ومما يمكن قوله ان الملاحظات المضبوطة تعد اداة مساعدة لا شك في ذلك تنقص التحيز وتزيد الدقة،ولكنها اذا كانت تحت الضبط التجريبي فأنها لا تعطي نتائج علمية،وتبدو وكانها مدبرةغير واقعية ، اما اذا كانت عشوائية غير خاضعة للضبط التجريبي فأنها تؤدي عملا مساعدا لقياس الشخصية.
اختبارات الشخصية
عدت الاختبارات والمقاييس الشخصية من اكثر طرق قياس الشخصية موضوعية واقل تحيزاً، فهي تبتعد عن الذاتية او تحكم القائم بالمقابلة او الملاحظ الخارجي،فالاختبار ما هو الا اداة صممت لتقيس ظاهرة معينة فأن كانت هذه الظاهرة تقيس الشخصية فالاداة بنيت لقياس هذا الجانب بعينه،هذه
الاختبارات والمقاييس صممت لقياس افراد من بيئة معينة وثقافة معينة فلا يمكن ان تصلح لبيئة اخرى ،فالاختبار الذي صمم لقياس ظاهرة نفسية في العراق لا يصلح تطبيقه في سورية او الاردن او اليمن او مصر رغم تشابه اللغة والدين والعلاقات الاجتماعية ولكن اختلفت المعايير الاخرى والقيم ،فالمقياس صمم على البيئة العراقية حصرا ، ووضعت معاييره فقط للبيئة العراقية ، ولا يصلح لبيئة اخرى . وكما هو الحال في اختبارات الشخصية التي تقيس سمات معينة او جوانب من الشخصية . وبعض الاختبارات العالمية نجحت في التطبيق ببلدان عديدة بعد ان اجريت عليها عمليات تقنين Standarzation لكي تصبح ملائمة للبيئة التي قننت فيها(التقنين يعني ..وضع معايير محلية جديدة لكي تتناسب مع المجتمع الذي نقلت اليه ) ومن تلك المقاييس العالمية التي حظيت بسمعة جيدة في التطبيق وفي النتائج هي :
– مقياس وكسلر –بليفيو لقياس الذكاء
– اختبار ستانفورد –بينيه لقياس ذكاء الاطفال
– اختبار الشخصية المتعددة الاوجه MMPI
وسوف يتم تناول هذا الموضوع بشكل مفصل في مقرر الاختبارات والمقاييس النفسية. ان اختبارات الشخصية هي ادوات لقياس جوانب معينة من الشخصية تحت ضبط ظرف معين، والاختبار هو مجموعة من الاسئلة يجيب عليها المفحوص بعدة خيارات وبعض الاختبارات احتوت على مقاييس فرعية عملية وليست كتابية فقط والبعض الاخر كتابية ، والاختبارات نوعين:
– اختبارات موضوعية
– اختبارات اسقاطية
الاختبارات الموضوعية
ان الاختبارات التي صممت على انها موضوعية يعني يمكن تصحيحها بنفس الطريقة في كل مرة وفي اي مكان بغض النظر عن الشخص الذي قام بتطبيق الاختبار او تصحيحه او تحليل نتائجه،بعبارة اخرى ان هذه الاختبارات(الموضوعية)تتأثر تأثرا بسيطا جدا بتحيز الفاحص وقد ادخلت تطويرات على هذا النوع من الاختبارات لزيادة الضبط الموضوعي.والاختبارات الشخصية الموضوعية فيها بعض القصور يعيب مقاييس التقدير الذاتي الاخرى فربما يقرر الافراد المطبق عليهم الاختبار الا يتعاونوا مع الفاحض وبالتالي يحجبوا بعض المعلومات المطلوبة ويزيفوا او يغيروا استجاباتهم الحقيقية بطريقة اخرى،وحتى المفحوصون المتعاونون ربما لا يكونون دقيقي الملاحظة في دواخلهم ومع ذلك فكثير من الاختبارات الموضوعية مثل MMPI اشتملت على مقاييس وضعت خصيصا لتكشف التزييف وعدم الاتساق في الاجابة. ومن تلك الاختبارات التي حظيت بسمعة جيدة وموضوعية عالية في ميدان قياس الشخصية هو اختبار الشخصية المتعددة الاوجه(MMPI) – Minnesota Multiphasic Personality Inventory وهو اختبار امريكي نقله الى العربية الدكتور عطيه محمود هنا والدكتور عماد الدين اسماعيل والدكتور لويس كامل مليكه ويقيس الانحرافات التالية:
– توهم المرض Hypochondriasis
– الانقباض Depression
الهستيريا Hysteria
الانحراف السيكوباثي Psychopathic Deviation
الذكورة-الانوثة Masculinity – feminity
الفصام Schizophrenia
الهوس الخفيف Hypoynania
الانطواء الاجتماعي Social Introversion
هذا الى جانب عدد آخر من المقاييس الاخرى الفرعية وهي:
– مقياس الكذب
– مقياس الصدق
– مقياس الخطأ
– مقياس التصحيح
ويتكون المقياس من 550 عبارة (فقرة) ومن امثلة فقراته :
– اجد صعوبة في التحدث مع الناس اذا كانت معرفتي بهم حديثة
– اعتقد ان هناك من يحاول ان يسرق افكاري او نتائج اعمالي
– لا اهتم مطلقا بمظهري
– يحاول بعض الناس اعاقتي
– لا يضايقني ان ارى الحيوانات تتعذب
– يقال عني عادة انني سريع الغضب
– البرق يخيفني
ويقيس هذا الاختبار ايضا الاهمال والارتباك والدفاعية حتى يمكن اخذ تلك الظواهر في الاعتبار عند تفسير نتائج الاختبار وكثيرا ما يستخدم اختبار MMPI في البحث النفسي اكثر من اي اختبار موضوعي آخر لانه يحتوي على بعض الصدق كمقياس للشخصية،بمعنى ادق انه توجد دلائل في ان هذا الاختبار يقيس ما قد وضع من اجله.
ومن الاختبارات الموضوعية الاخرى
· كراسة الملاحظة لتقدير سمات الشخصية ومميزات السلوك وهو اعداد الدكتور عطيه محمود هنا والدكتور عماد الدين اسماعيل ،وهو مقياس لسمات الشخصية على اساس الملاحظة الفعلية والتحصيل الدراسي والانحرافات النفسية،وقد حدد لكل صفة خمس درجات (مراتب)يمكن ان يستخدمها المدرسون والاخصائيون الاجتماعيون والنفسيون.
· اختبار مفهوم الذات للكبار
تأليف الدكتور عماد الدين اسماعيل ،ويتكون من مئة عبارة يمكن ان تقال عن الذات ،والدرجة النهائية تعبر عن مفهوم الشخص لذاته ومدى تقبله لها ومدى تقبله للاخرين.وقد استخرجت معامل الصدق والثبات وكذلك معايير الاختبار.
· بطاقة تقويم الشخصية
اعداد الدكتور عماد الدين اسماعيل وسيد عبد الحميد مرسي،وتصلح لدراسة الاحداث وصغار السن كما تصلح للاستخدام في المدارس وفي عيادات الطب النفسي وتقيس سمات الشخصية.
· قائمة ايزنك الشخصية
اعداد الدكتور محمد فخر الاسلام والدكتور جابر عبد الحميد جابر ،وتتكون من 75 سؤالا يجيب عليها المفحوص بنعم او لا . وهذه القائمة التي يسميها ايزنك Esyench Personality Inventory تقيس بعدين من ابعاد الشخصية هما:
– الانبساط Extraversion
– العصابية Neuroticism
وتمتاز هذه القائمة بوجود اختبار لقياس الكذب حيث يستطيع الفاحص التعرف على الاشخاص الذين يميلون للاستجابة على نحو معين.
بقية أجزاء الكتاب
سيكولوجية الشخصية… الدكتور أسعد الأمارة 2
سيكولوجية الشخصية… الدكتور أسعد الأمارة 3
سيكولوجية الشخصية… الدكتور أسعد الأمارة 4
سيكولوجية الشخصية… الدكتور أسعد الأمارة 5